الثلاثاء، 5 يناير 2021

إلى الجنان .. يا حنان!

 إلى الجنان .. يا حنان!


صليت يوم أمس، إحدى صلاتي العشي، وهي العصر، وبعد الصلاة، قام الإمام، منادياً: الصلاة على المرأة!

صلينا عليها، ولا أدري من؟


واليوم، قابلني صديق، وأخبرني عن قصة تلك المرأة، لا، بل الطفلة.

طفلة في الثانية عشر من ربيع عمرها، عفوا، ليس ربيعاً، بل عمر ملئ بالآهات والأنات، والفقر المدقع، حتى أعوزتهم اللقمة!


وآخر لحظات عمرها، يوم أمس، أصيبت بقيء شديد، مع حرارة جسمها.

نظر إليها والدها، وهي تتألم وتتوجع، فلم يجد بداً من الذهاب إلى عمله، فلم يملك مالاً، لإسعافها!


ذهب للعمل، وفي قلبه لهيب وأسى، وفكره متبلبل على فلذة كبده، إنها ابنته الكبرى.

رجع من عمله قبل الظهر بقليل، نظر إلى غاليته، وهو في حيرة، قائلاً لها: لم أحصل إلا على أربعمائة ريال -طبعاً، ٤٠٠ يمني-!

قالت له متسائلة: بابا.. هل تسعفني، أم تشتري بها غداء)؟!

هنا، -وصاحبي يقص علي هذا الخبر- وأظنكم كذلك- قفّ شعري، واقشعر جلدي، وتسارعت نبضات قلبي..

 لم أتمالك نفسي، وشعرت أن عقلي، فارقني، ونفسي تركتني!

وأخذت أكرر عليه: ماذا قالت؟

وهو يعيد علي!

فأخذت أكرر عبارتها البريئة: (بابا.. هل تسعفني، أم تشتري بها غداء)؟!


الله يعلم، أني لا أزال إلى لحظتي هذه، في حسرة وأسى، ولوعة وشجى، لا يعلمه إلا علام الغيوب.

ماذا أصنع .. ماذا أفعل .. ماذا أقول؟!


ترحمت عليها، وأسفت لحالها، وبكيت براءة منطقها، وسماحة نفْسها، رغم تردد نفَسها!


فأردت أن أسلّي نفسي، بهذه الزفرات الحارة، التي إذا كتمت ضرت وأضجرت، فكتبت قصتها، ولن تعدم: داعياً أو مواسيا.


وأعود لقصة الفتاة: ذهب بها والدها، إلى مستوصف مهمل!

فأعطوها حقنة الدواء، ولم تكمل بعد، حتى فارقت الحياة، وودعت الدنيا.


خرجت من الدنيا، ولم تذق حلاوتها، لم يشترى لها ألعاب الطفولة .. لم تجد ما تلهو به وتأنس، بين تريباتها، ربما، إلا لماما، لا دائما!


رحمك الله يا حنان، وأسكنك أعالي الجنان، وخلف على أبيك بالخير والرضوان، وحفظ والديك وإخوانك وأخواتك، ورزقهم الصبر والسلوان.

"إنا لله وإنا إليه راجعون" و(إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى).


وكتب: المقصر وليد بن عبده الوصابي،

١٤٣٧/٣/٢٥


هناك تعليق واحد:

  1. اين مكانهم وهل من وسيلة لتواصل مع أهلها

    غفر الله لها ورحمها وصبر أهلها

    ردحذف