الإعلام، يجرّ المرأة إلى الحرام!
تعليق على حلقة، في قناة السعيدة، من برنامج "أتحداك في نص ساعة"!
ذُهلت حينما سمعت وعلمت من البعض؛ أن حلقة في برنامج (أتحداك في نصف ساعة)! في هذا العام، عام ١٤٣٧، من شهر رمضان.. كانت وقِحة سمجة، جريئة وليست -والله- بريئة! -كما يزعم البعض-.
سمعت أن التحدي: قام على قارورة ضعيفة مسكينة، ضرها الفقر، وأضرها الكسر.. فغرّها المال!
كان هذا التحدي خائساً بائساً، وهو: أن قامت شابة، بغسل ثياب شباب وكيّها، وقد أحاطوا بها كإحاطة السوار بالمعصم، وإحاطة الهالة بالقمر!
وهم متجردون من الملابس- عارية صدورهم، مفتولة عضلاتهم، بين يدي هذا الحِمل الوديع الذي خدعتها الأضواء، وغرها المال الرخيص، وسوّل لها اللسان المعسول من المقدِّم -أصلحه الله-.
هالني هذا الموقف البئيس- الذي يشجع على الاختلاط، ويقطع حبال التقوى، ويصرم آصرة الدين، ويشيع الفاحشة في الذين آمنوا!
قال المنفلوطي: "وإن هي (أي: المرأة) خالطت الرجال، فالطبيعي أنها تُخالط الشهوات"!
سألت نفسي وتساءلت: ما هو الهدف من هذا البرنامج، ومن هذا السخف؟
ثم أجبت: أن هذه هي أساليب العلمانيين والحداثيين، وأعداء الإسلام أجمعين، -والإعلام بأيديهم- الذين يريدون إخراج المرأة من خدرها، وانحدارها من علوّها، وإخراجها من قمقمها المصون؛ حتى يهترئ حياؤها، ويهي نقاؤها، فما تشعر بنفسها إلا وهي بين أيدي شباب لا قبل لها بهم!
يقول المنفلوطي: "فكل جرح من جروح الأمة له دواء، إلا جرح الشرف، فإن أبيتم إلا أن تفعلوا، فانتظروا بأنفسكم قليلاً ريثما تنتزع الأيام من صدوركم هذه الغيرة التي ورثتموها عن آبائكم وأجدادكم لتستطيعوا أن تعيشوا في حياتكم الجديدة سعداء آمنين".
إذا ماتَ الحياءُ بقلبِ أُنثى؟ *** فتبّاً ثم تبّاً للجمـالِ
وإن عاش الفتى للعِرْضِ ذِئبٌ؟ *** فَعارٌ أن يُعدّ من الرجالِ
لا أرسل التهم على عاهنها، ولا أخص شخصاً معيناً، أو برنامجاً مخصصاً.. لأن هذه نوايا، لا يعلمها إلا رب البرايا، ولكني أتساءل أخرى: ما الهدف من هذه الحلقة؟!
إن قلتم: التسلية؟ ففي التسلية مجالات لا تحد ولا تعد؛ فلمَ تحصروها في زاوية ضيقة؟! لمَ تتناولون فيها القيم؟! لماذا تخرجون المرأة من القمم إلى الرمم؟!
والحقيقة: أن قناة السعيدة، تقمصت لباس التدين، وفيها من الخبث ما العليم به عليم.
وذلك؛ لتجرئها في بعض برامجها خطوط الحياء، وامتهان المهنة.
وليست هي فحسب؛ فإن إعلام العالم العربي والإسلامي -إلا القليل-؛ إعلام هابط ساقط حابط، يشجع الرذيلة، ويسرِع ويسرّع الخطى نحو فشو القذر!
إعلامٌ مشتراة ذممه للغرب الكافر الحاقد على الإسلام والمسلمين.
ولكن: "والله غالب على أمره".
أيها الإعلاميون: المرأة، هي أمي وأمكم .. وأختي وأختكم .. وعمتي وعمتكم .. وخالتي وخالتكم .. وقريبتي وقريبتكم.. فإذا سعينا لإفسادها؛ فقد أفسدنا أنفسنا وبيوتنا ونسلنا!
مَن يربي أبناءنا وبناتنا، وهي مشغولة بلقاء مسؤول، أو معها موعد مع المدير، أو لديها مقابلة تلفزيونية... وهكذا من التنزلات والتنازلات!
أنريد أن نصل بالمرأة العربية، إلى حال المرأة الغربية، التي تعاني الأمَرّين؟!
اسألوا المرأة الغربية، واقرؤوا لها، وانظروا: هل هي في سعادة؟!
إنها قد نالت كل أنواع المسخ والوسخ، والحرية، ولكن بدون ذرية!
ذهبت، وخرجت، وصاحبت، وسافرت، وضاحكت، ومازحت، وعافست، ومازجت، بل ربما زنت، فماذا جنتْ؟!
اسألوها، إن كنتم صادقين؟! تخبركم، أن حالات الطلاق في ازدياد مستعر، وقضايا الانتحار في ازدياد مستجر، والعوانس بلغن الملايين، والعهر وصل أمده، واللقطاء لا يسعهم ظل سقف، والإيدز عم وطم وهكذا هي نتائجهم لا نتائجنا!
هذا ما وصلت إليه المرأة الغربية، فهل تريدون بناتنا وأخواتنا كذلك؟!
أختاة: إن دعاة الحرية والمساواة -زعموا-؛ لهمُ أداة بيد الغرب الكافر الحاقد اليهودي الصليبي، وهم مسيّرون "يخربون بيوتهم بأيديهم"، لكن أيديكن وأيدي المؤمنين، لهم بالمرصاد، وإن "يد الله فوق أيديهم" وإن "كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم".
ويستحضرني قصة ذلك الرجل المسكين المخدوع ببهرج أوربا، وزيف أمريكا.. فنصح له أصحاب الغَيرة، ومنهم الأديب الأريب: مصطفى لطفي المنفلوطي، فأبى إلا مسايرة الغرب على حساب الدين والعفة!
فكانت النهاية؛ أن وجد زوجته، في أحضان أصحابه المستغربين!
وهذه نهاية كل من أهمل دين الله، أو تهاون بالفضيلة!
قال أبو نعيم: وبعد هذه المأساة التي خطها يراع هذا الأديب الغيور- وإني لأكتبها ومدامعي منسكبة، وأناملي مرتعشة، وقلبي يرتجف، ولكني أحسّ بشيء من اليقين: أن أختي الفاضلة القارئة لسطوري هذه؛ تدرك بل وأدركت حجم المؤامرة الكبرى عليها؛ فتعود وتؤوب وتتوب إلى علام الغيوب، وغافر الذنب، وقابل التوب -لمن رجع- شديد العقاب -لمن أصر على نزع الحجاب، والتهاون بستر الثياب-.
فالله الله، بالنظر إلى ما يريده الله تعالى منا، ثم النظر إلى ما يريده أعداؤنا منا؟
والجواب: "والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيما"!
هذا مختصر القضية كلها، لخّصها الله العليم الحكيم، في آية واحدة.
وهنا، أسجّل كلمة شكر واعتلاء، وشرف واجتلاء.. للمرأة اليمنية خصوصاً، والمرأة المسلمة عموماً، وأقول لها:
فلا تبالي بما يُلقون من شبهٍ *** وعندك الشرع، إن تدعيه يستجبِ
أنت الكريمة يا كريمة .. يا ابنة الإسلام .. يا حفيدة المسلمين .. يا قريبة الأبطال- الذين فتحوا البلدان، وعمروا العمران، ومصروا الأمصار، وشقوا الأنهار.
أنت: الشريفة، والكريمة، والعزيزة، والنبيلة، التي تطيعين ربك، وتعصين شيطانك، وتذلين مغويك!
أنت المقتدية بنساء رسولك الكريم عليه الصلاة والسلام، ونساء الصحب الكرام- الذين بذلوا الغالي والنفيس؛ لإيصال هذا الدين والعفّة إليك. والآن.. يريدون سلبها ونهبها؟!
اللهم خذ بناصيتنا للبر والتقوى، ووفقنا لما تحب وترضى.
اللهم عليك بأعداء الدين، من اليهود والنصارى والملحدين والعلمانيين والحداثيين والليبراليين، وكل من صد عن سبيلك، وبغاها عوجاً.
وكتب: أبو نعيم، وليد بن عبده الوصابي.
١٤٣٧/٩/١٠
١٤٤١/٩/٨