الخميس، 7 يناير 2021

لكِ الله يا هالة!

 لكِ الله يا هالة!


هالة.. شابة عشرينية، تصاب بمرض السرطان، ثم تبتر قدمها، ثم تعافى، ثم تصاب أخرى، ثم تصاب بورم في الرئة.. إلى غيرها من الأمراض المُرِضّة، مع ما يصاحب هاته الرزايا، من آلام وشدائد، وتوجعات وحدائد..

كل هذه العظائم، وهي: صابرة راضية قوية محتسبة صادقة عاملة ناهضة داعية مواسية..


لم أتمالك دموعي، وأنا أستمع لكلمات هالة العظيمة، الموحية بالفأل، والمُخبرة بالأمل!


كان سبب دموعي: الحزن والرحمة مني، والقوة والحكمة منها!


يا لله، شابة في العشرين من عمرها، وتلاقي صعوبات.. تتكسر أمامها قوى الأصلاب، وتقابل شدائد.. تتحطم تجاهها الأشداء، وتكابد آلاماً.. تتأرنح منها الآمال!


لكنها، صبرت وثبتت، وتحملت وتجملت، فأي قوة كانت وراء هالة؟!

إنها قوة الإيمان، وليس غير الإيمان، فإن الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب، صنع فيها الأعاجيب، فلم تبال بألم، ولم تتأثر بمصيبة!


أستمع لها، -رغم تحفظي على تحاضرها أمام الرجال- وأنا في عجب بالغ.. كيف وقفت هذه الوقفة الشماء، التي يعجزها الأفذاذ، ثم أتذكر، فأقول: إنه الإيمان والإيقان .. إنها الثقة بالرحيم الرحمن .. إنها التقوى التي تورث القوى .. إنه الصبر الموصل إلى الظفر!


تذكرت قصة التابعي الكبير عروة بن الزبير، التي بُترت قدمه، وهو في صلاة، مع الفارق بين: الزمن، والجنس، والعمر، والعلم، والوقت!


رحمك الله يا هالة، فقد قشعتِ عنا هالات من الغشاوة التي أغوتنا عن الحقيقة .. أزحت عنا هالات من الحيرة والاضطراب .. أزلت عنا هالات من الضعف والخور!


هيا، انهضي -يا فتاة الإسلام-، وكوني كـ هالة.. ابنة عصرك وزمنك وبلدك .. كوني مثلها، في: عفتها وعفافها .. في عزمها وحزمها .. في إيمانها وإيقانها .. في ثقتها وصدق توكلها .. في بذلها وعطائها .. في صبرها وثباتها.


هيا، احزمي أمرك -أختاة- وانفضي عنك ركوم الأوهام، وشهوات النفس، وشبهات العقل، ورجوم الشيطان، فإنه مرجوم.


هيا، احتزمي العفة والشرف والكرامة، والبسي العزة والعفاف، وتدثري بالصبر واليقين، واستشعري قرب الله تعالى منك "فإني قريب".


رب ارحم أمتك هالة، التي لم أسمع بها وعنها إلا الساعة، فحركتني كلماتها، أن أكتب هذه الكلمات العثرى.


وكتب: وليد أبو نعيم.

١٤٤٢/٥/٢٣

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق