هَنـاءةُ هِنْـدِي!
تعطّلت سيارتي في مكان لا أعرفه، وعجزت عن الحول، وفقدت الحيلة، ولست بخبير؛ لأصلح ما تعطل، أو أوصل ما انقطع!
هاتفت صديقي الأريحي؛ لنجدتي، فجاءني من فوره، وعمل استطاعته، ولكنه هو الآخر، لم ينجح في بعثها أو انبعاثها!
تركتها هناك، على خوف وتخوف -على كسادها في سوق النخاس-، لكني استودعتها الله، وفي الحديث (إن الله إذا اُستُودع شيئاً، حفظه) رواه النسائي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وصححه الألباني.
استأجرنا مصلحاً؛ ليصلحها، بعد المشارطة والمماحكة -ولست بمماحك أو باخس- رجعنا إليها، بهانئها، لكنه هو الآخر، لم ينجع ترياقه، فطلب إحضارها إليه؛ ليفحصها على مهل وتؤدة!
إنها جاثمة، لا تحيل تحركاً، ولا تحاول حراكاً، لكنها، لن تُعدم مسانداً ومعاوناً، وقد يسره الله!
صلينا المغرب، في مسجد بالقرب من راحلتي المريضة .. خرجنا ونحن نضرب أخماساً بأسداس.. كيف نصنع .. وماذا نعمل؟
ولما كنا في تشاور وتحاور مع رفاقي الرفقاء؛ إذ بشاب ربعة، مرسل اللحية، حنطي اللون، تزينه ابتسامة خجولة، وفي كلامه لكنة= يقترب منا، ويعرض خدماته!
شكرناه، وأخبرناه بعلتها الدوية.. ابتسم ابتسامة جميلة، ثم خطا خطوات، ثم رجع، فعاود تقديم طلباته، فشكرناه أخرى، ثم غادر، ولم يرد المغادرة!
قال أحدنا: لو سألتموه، إعارة بطارية!
ناديناه وأخبرناه.. فرجع مبتهجاً منتهجاً، واستسرّ بطلبنا واستبشر، وذهب نحو سيارته؛ لينتزعها بطاريتها، وأعطاناها!
أخذناها، وذهبنا؛ لنستعين بها على النجح، إلا أن مغذي سيارتي، كان قد هلك، فلم تفد ولم يستفد!
رجعنا، وقد أذّن للعشاء، فإذا بصاحبنا المعير، يتأهب للصلاة، وحاول ثانية.. أن يضيفنا، لكنا، اعتذرنا، وانصرفنا، ولم نصرف قلوبنا نحو هذا الفتى، أعجمي الأرومة، عربي الكرومة، وألسنتنا تلهج بالدعاء له، والثناء عليه.
وتخيلوا، أخذنا بطاريته، دون معرفة، وبلا ضمانة، لكنه، حسن الظن، وسلامة الضمير، ثم التسخير والتيسير!
فلله دره، وعلى الله شكره، و"إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً"
وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي
١٤٤٣/١٠/١١