الخميس، 14 يناير 2021

رسالة عالِم.. تبضّ المدامع!

 

رسالة عالِم.. تبضّ المدامع!


بينا أنا أصفح سفراً من الأسفار؛ إذ استوقفتني رسالة عالِم فذ، وعلامة فرد.. قفّ لها شعري، ووجم لساني، واقشعر جسدي، وذلك؛ لِما وصلت إليه حال علماء الإسلام، من ضَياع عن الضِياع، بله من فقد ما يسد الرمق، ويقيم الأود!

فيا غربة الدين، وغربة علمائه!


إن هذا القرم السميدع، السرسور الجسور، هو: محمد بن عبد الله ابن مالك الجياني الطائي، تـ٦٧٢، الذي أسدل الظلام على كثير من مراتع صباه، وغطى النسيان والإهمال على وفير من مفاصل حياته.. فلم يعلم إلا النزر، عن ولادته وطفولته ونشأته وإخوته وقريته، ونتفاً، حين أوشكت شمسه الغروب، وحان نجمه على الأفول!

فلا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.


عالم، بقدر ابن مالك، الذي كان: آية في الحديث، وآية في اللغة، وآية في النحو، وآية في القراءات، وآية في علوم كثيرة.. فحْل كهذا، لم يجد ما يأكله، ولم يلاقي ما ينعله!

إن هذا لهو الضياع بلحمه وشحمه، وعجره وبجره!


رحمك الله، يا أبا عبد الله، أمَا والعظيم، لو أدركتك؛ لبذلت جهدي، وفرغت وكدي؛ لرفع الخصاصة عنك، ودفع الفاقة منك، ولو أعمل بيدي، أو على رجلي!

نعم، أقول هذا الآن، -والعلم عند العليم- هل توافق الفعال الأقوال؟!


لا تعرف الناس أعلاهم وأسفلهم *** وإن ظننت بهم خيراً وإن ظَرُفُوا


حتّى تُكلفَهم عند امتحانهمُ *** في الجاه والمال حاجاتٌ فينكشِفُوا


هل يكفي أبا عبد الله.. أن أسلت مؤقي، وأسبلت مدمعي.. حزناً عليك وشجناً؟!

لا أظن، ولكن: نرجوا لك عوض الجنة، وما فيها من الحور والحبور والخيور "إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً".


أطلت، حتى -لعلّي- أمللت، وخرجت عن المحز والقصد، والكبد والمفصل.. ولا والله، ما هذه الكمدات والكبدات، أردت، ولا إليها، قصدت، ولكن: البنان يسطر سفوح الأجفان!



قال السيوطي: "نقلت من خط شيخنا الإمام تقي الدين الشمني؛ قال: نقلت من خط الشيخ كمال الدين الدميري، نقل من خط الشيخ جمال الدين بن هشام، قال: من غريب ما رأيت على كراريس من "تسهيل الفوائد" بخط الشيخ جمال الدين ابن مالك، في أواخرها صورة، رفعها الفقير إلى رحمة ربه محمد بن مالك: يقبل الأرض، وينهي إلى السلطان -أيد الله جنوده، وأيد سعوده- أنه أعرف أهل زمانه بعلوم القراءات والنحو واللغة وفنون الآداب، وأمله أن يعينه نفوذاً من سيد السلاطين، ومبيد الشياطين -خلد الله ملكه، وجعل المشارق والمغارب ملكه- على ما هو بصدده من إفادة المستفيدين، وإفادة المسترشدين؛ بصدقة تكفيه همّ عياله، وتغنيه عن التسبب في صلاح حاله.. فقد كان في الدولة الناصرية عناية تتيسر بها الكفاية، مع أن الدولة، من الدولة الظاهرية كجدول من البحر المحيط، والخلاصة من الوسيط والبسيط؛ وقد نفع الله بهذه الدولة الظاهرية الناصرية خصوصاً وعموماً، وكشف بها عن الناس أجمعين عموماً؛ ولمّ بها من شعث الدين ما لم يكن ملموماً، فمن العجائب، كون المملوك من مزيد خيراتها، وعن يمين عنايتها.. غائباً محروماً؛ مع أنه من ألزم المخلصين الدعاء بدوامها، وأقوم الموالين بمراعاة زمانها -لا برحت أنوارها زاهرة، وسيوف أنصارها قاهرة ظاهرة، وأياديها مبذولة موفورة، وأعاديها مخذولة مقهورة، بمحمد وآله(١)-".

(حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة: ٢/ ٩٦)



ناشدتكم الله، أأبكتكم، هذه التوسلات .. أأنكتكم، هاته التبسلات؟!

اللهم إنها آذتني وأشجتني وأدوتني وأخوتني وأحوتني، ولكن:


كذا دارنا فيها بكاء وبسمةٌ *** وأيامُ أفراحٍ وأيامُ أحزانِ


وما لم نَشأْ مما مضى في صحيفةٍ *** فلا بد أن يجري على كل إِنسانِ


فشكر على الحسنى، وصبر على الأذى *** كذا تذهب الدنيا، ونمضي بإيمانِ


وسبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.



وكتب: وليد بن عبده الوصابي.

براء جمادى الأولى ١٤٤٢.



ح...............

لعله يريد بهذا.. التوسل بالإيمان به صلى الله عليه وسلم، واتباعه، وطاعته، ومحبته، ومحبة آله المؤمنين.

وإن أراد به.. مجرد الذات؛ "فهذا غير مشروع، وقد نهى عنه غير واحد من العلماء، وقالوا: إنه لا يجوز، ورخص فيه بعضهم، والأول أرجح، وهو سؤال بسبب لا يقتضى حصول المطلوب".

بتصرف، من (قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة: ٢٩٨)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق