الأربعاء، 24 مايو 2023

يمن واحد....ولو كره الانفصاليون!

 



يمن واحد....ولو كره الانفصاليون!


سمعت إخوة من اليمن الجريح السليب المهيض -أقامه الله وشفاه-، يتراشقون بقذيع الكلمات، ويتساهمون بنابي العبارات!


فغضبت وحزنت، وأسيت وأسفت؛ أن نجح الشيطان في مهمته (لقد أيس الشيطان أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن بالتحريش بينهم) ونحن مِن وفي جزيرة العرب.


فكتبت لهم ناصحاً قائلاً:

سبحان الله!

في الوقت الذي تكالب علينا الأعداء، ورمونا عن قوس واحدة، وأركضوا بخيلهم ورجلهم؛ لإذلالنا وإضعافنا.. في هذا الوقت الحرِج؛ نسعى لانفصال دولة واحدة، وشق عصاها، وقطع أواصرها، وتشتيت شملها؟!


وقد كان الواجب علينا جميعاً؛ أن نسعى للمّ الشمل، ورتق الفتق، وسد الخلل، ومداوة الجرح، وتكميد المصاب، بل ونسعى إلى أن يكون أبناء الإسلام؛ تحت راية واحدة قائدة، واضحة لائحة.. فجاء بعض من يحب الاصطياد في الماء العكِر؛ ليشطر ويعقر؟!



لم أكن أتوقع أن يصل الأمر إلى اتهام العِرض، أو التفاخر بالأرض، أو خدش النسب، ولمز النسب: "لياً بألسنتهم وطعناً في الدين"!


تالله إنها لموبقة ومقلقة، ومقلية ومشجية؛ أن يتقاتل أصحاب الدين الواحد، والطريق الواحدة!


ولا فرق -والله- بين جنوبي وشمالي؛ إلا بالتقوى، والتقوى فحسب، والخطأ صادر من الجميع، والخير كامن في الجميع، والكل يدين بدين الإسلام، ويصدق برسول الأنام، عليه الصلاة والسلام.


ونحن أهل بلد واحد، وأرض واحدة، بيننا أهل ونسب ومصاهرة.

ومنا ومنكم: علماء وفضلاء، وعقلاء وحكماء.


كيف دبّ إليكم داء الأمم من قبلكم؟

من الذي أدخل بينكم القطيعة، والعصبية المنتنة؟


لا تصدقوا الأحزاب الأنكاد، الذين امتلأوا بالأحقاد: "الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا" وهم أداة مسيرة بيد الغرب الكافر الحاقد؛ لينالوا بغيتهم، ويدركوا هدفهم، وهو: تمزيق الأمة الإسلامية، والوحدة الدينية:


تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسّراً *** وإذا انفردن تكسرت آحادا


سئل الشعبي عن طائفة نُصرت وهي على الباطل؟!

فقال: ذلك بأنهم جهلوا الحق، واجتمعوا، وتفرقتم، ولم يكن الله ليظهر أهل فرقة على جماعة أبدا!

(حلية الأولياء: ٤/ ٣١٥)


أُحب اليمَنَيْن: الجنوبي والشمالي -بل أحب العالَم الإسلامي أجمع، والمسلمين أجمعين "لا نفرق بين أحد منهم".


وقد زرت بعض مناطق الجنوب؛ وعاشرت أهلها؛ فرأيت فيهم الإباء والشمم، والكرم والشهم.


وزرت بعض مناطق الشمال، وعاشرت أهلها؛ فرأيت فيهم الفضل والكرم، والنجدة والهَمَم.



فما بالكم اليوم تتقاتلون، وعلام تتهاجرون، ولمن تتهارجون: "كأن لم تكن بينكم وبينه مودة"؟!


ألم تقرؤوا "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم"؟!

ألم تقرؤوا: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)؟!


إخوتاه: إن الشيطان، وأهل الشر والشنآن، حريصون على التفرق والتشرذم، والتعصب والتدمدم.


وهذي، كما تعلمون (دعوة جاهلية) (أبِدعوى الجاهلية، وأنا بين أظهركم: دعوها، فإنها منتنة).


"يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم"

"فاتقوا الله، وأصلحوا ذات بينكم"


اتّحدوا وتصافوا، واجتمعوا على أهل الباطل وتآخوا: أينما كنتم، وحيثما حللتم.. وتحلوا بالصبر والإنصاف، وابتعدوا عن السب والإسفاف، وانؤوا عن الظلم والاعتساف.


وتالله لقد أزعجني وأقلقني -ولم أكد أصدق- ما جرى من بعض الأغمار الطغام قبل سنوات، وأعادوها اليوم؛ عندما قاموا بطرد إخوانهم!


وأنا على يقين، أن من قام بهذا العمل المشين؛ هم الحقراء الأراذل، السفهاء الأسافل، وهكذا في كل أمة سفهاء، ولكن يجب الأخذ على أيدي السفهاء، حتى لا يعم البلاء.

وفي الخبر: (اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا).


أتطردون أخاكم المسلم؟

بأي ذنب اجتراه؟ وأيّ جرم أتاه؟ وأيّ دين احتواه؟


نصيحتي للجميع، أرجو أن تجد آذاناً صاغية، وقلوباً واعية..



وكتب: وليد بن عبده الوصابي،،

١٤٣٧/٨/٣

١٤٤٠/١٢/٣





الأربعاء، 17 مايو 2023

أتنطح الطناحي.. ولست له بكفء؟!

 

أتنطح الطناحي.. ولست له بكفء؟!
أصبحت هذا الصباح الملهب حره، على ما يلهب قلب المنصف، وهو: مقالة سوء، وقالة زور، في حق علم من أعلام التحقيق، وبزل من أرباب التصنيف.. إنه العلامة المحقق الكبير محمود محمد الطناحي.. يتناول هذا البزل القنعوس، ابن لبون ملزوز!

إنه أقذع في حق العلامة إقذاعاً مسموماً، فبعد مدحه الممرهم الموهوم، فوّق نصبه؛ ليعلوه وهو ميت، لكنه، سقط وانكسر!

وما علم المسكين؛ أن هذة رفعة مبطنة للعلامة الجليل؛ أن ترحم عليه أقوام، ودافع عنه فئام من الناس، واتجه نحو تراثه الأفذاذ!

لا أحب لي ولا لكم.. أن أنقل ما فاهه المأزوم، من شنآن وزفر، تجاه هذا القرم القمقام؛ لأنه مغلف بحقد غريب -لا أتدخل في نيته- ولكن، (كل إناء بما فيه ينضح)!

ولا نعصم الطناحي ولا هو بخلو من النقد، ولكن، أين العلم والأدب والإنصاف؟!
فاللهم عفوا وغفرا.

ولست الآن في صدد نزع السهام الموجهة إلى صدر العلامة، فلم تصل أصلاً، بل حسبها أن حومت فوق رأسه، وهومت حول جسده، ولم تجسه أو تمسه، فـ"إن الله يدافع عن الذين آمنوا"، لكنها زفرة ونفثة.

ورحمك الله أبا أروى، فقد أوريت زناد قدحك، حتى ألهبت الشانئ، وأرويت الظامئ، فلله أنت.
والله العاصم والقاسم.

وكتب: وليد أبو نعيم
١٤٤٤/١٠/٢٧

الاثنين، 8 مايو 2023

الترقيم الشيطاني!

 


الترقيم الشيطاني!
لا أتكلم في هذا المقال عن الترقيم الكتابي العلمي الذي يتعلق بالكتابة، وهو عربي صميم، لم نأخذه من الغرب -كما ادعى البعض- ولكن، تأخر التأليف عنه، فأول من ألف فيه هو شيخ العروبة..
أقول: لا أتكلم عن هذا الترقيم، بل أتكلم عن ترقيم شيطاني، مأخوذة تسميته من فعله المشؤوم، وهو كتابة رقم هاتف العاشق المأفون!

إنه الترقيم للفتيات، في الأسواق والحدائق والمتنزهات والمولات والأماكن العامة!

إنه الترقيم لإغواء الفتاة المسكينة الضعيفة، وابتزازها، وإيقاعها في الفخ المنصوب، والطعم المسموم، وبعدها تظل حبيسة في يد هذا المرقّم المرغم!

إنها طريقة معاصرة ماكرة لإلقاء الشباك للمرأة حتى تقع فيها، ومن ثَم أخذها لقمة سائغة!

يقول عبد الله عفيفي: "وكان من أكبر المآثم عند العرب؛ أن يلتقي الرجل بالفتاة، فيبدأها بالكلام أو يلقي إليها السلام، وربما هاج ذلك شراً عقاماً، وقد يكون من ذوي قرباها، والراغبين في خطبتها، فتحول تحيته دون ما يبتغي".

إنني هنا، أذّكر هذا الشاب الغاوي، بالرقيب العليم المنتقم شديد الحساب وسريعه.. حتى يرجع إلى ربه، وينيب لخالقه، ويقلع عن هذا الفعل المشين الذي يقضي على خلقه وحيائه، وعلى حياته أيضاً، وحياء وحياة غيره!

إنني أذّكر فيه ضميره وقلبه -إن كان له قلب وضمير- أن يبعد عن هذه الطريق المركوسة التي أوقعت كثيراً من الفتيات في الأوحال والأوساخ.

إنني أذكره بقرب الأجل، وسرعة الموت الذي يخطف الأرواح في لمحة البصر، إن كان يخاف الله والدار والآخرة.

إنني أذكره بسوء الخاتمة، إن هو استمر على هذه الأفعال القبيحة، التي أطاحت بكثير من الفتيات في الخزي والعار، وغضب الجبار، وسوء الخاتمة!

‏قال ‎ابن تيمية: "وأعرف شخصاً من أصحابنا، لما حضرته الوفاة، جعل يقول:
حبيبي ها قد جئتك، حتى خرجت نفسه.. ومثل هذا كثير".
(منهاج السنة: ٦/ ٩)

إنني أذكره بيوم الحساب، وسؤال الله له على رؤوس الأشهاد.. عن ما كان يفعل في الدنيا، من مخاز ومساوي.

إنني أذكره بالفضيحة يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة "وعرضوا على ربك صفاً" "ولقد جئتمونا فرادى".

إنني أذكره بنخوته وشممه وعروبته -إن كانت بقيت فيه بقية باقية- فتدله على مكارم الأخلاق، وفضائل الأعمال:

وأغض طرفي ما بدت لي جارتي *** حتى يواري جارتي مأواها

إني امرؤ سمح الخليقة ماجد *** لا أتبع النفس اللجوج هواها

هكذا قال الشاعر الجاهلي، الذي لا يؤمن بالله، ولكنه يؤمن بالخلق والشهامة، فأين أنت منه أيها الشاب المرقّم المعاكس؟!

وقالت الخنساء -تصف أخاها-:
لم تره جارة يمشي بساحتها *** لريبة حين يخلي بيته الجار

وقال مسكين الدارمي:
ما ضر جاري إذ أجاوره *** ألا يكون لبيته ستر

أعمى إذا ما جارتي خرجت *** حتى يواري جارتي الخدر

ويصم عما كان بينهما *** سمعي وما بي غيره وقر

وقال أيضاً:
وإني امرؤٌ منّي الحياء الذي ترى *** أعيش بأخلاق قليلٌ خداعها

وقال عامر بن الحارث، الملقب: أعشى باهلة -يرثي أخاه لأمه المنتشر بن وهب-:
لا يهتك الستر عن أنثى يطالعها *** ولا يشد إلى جاراته النظر

وقال ناصر الدين المطرزي:
وإني لأستحيي من المجد أن أُرى *** حليف غوانٍ، أو أليف أغاني

وقال عروة بن الورد:
وإن جارتي ألوت رياح ببيتها *** تغافلت، حتى يستر البيت جانبه!

وقال ابن جزي:
وكم من صفحة كالشمس تبدو *** فيسلي حسنها قلب الحزين

غضضت الطرف عن نظري إليها *** محافظة على عرضي وديني

وقال:
أيا من كففت النفس عنه تعففاً *** وفي النفس من شوقي إليه لهيب

ألا إنما صبري كصبر، وإنما *** على النفس من تقوى الإله رقيب

والأشعار في هذا الباب، كثيرة وفيرة؛ لذيوعها وشيوعها لديهم، دون تحريض أو تحضيض!

إنني أذكرك -أيها المرقم- بعارك وأهلك وقريباتك، هل تحب لهن هذا الفعل الأرعن؟!
إن كنت كذلك.. فقد ماتت فيك الغَيرة، والحمية الإسلامية، والشهامة القبلية.
وإن كنت غير ذلك -وهذا ما أظنه فيك-؛ فكيف تحب طريقاً للآخرين، لا ترضاه لأهلك؟
(وكذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم ولا لأخواتهم ولا لعماتهم ولا لخالاتهم) فانأ عن هذا الطريق المريب، والدرب المشوك قبل أن تندم عاجلاً وآجلاً، في الدنيا والأخرى.

إنني أكتب لك، وأنا على ثقة أن كلماتي هذه، ستلقى في قلبك مكاناً لقبولها، والعمل بها، فكن كما ظننتك.

وأنت أيتها الفتاة، لا تلقي لهذه الأوراق الملفوفة بالسموم بالاً؛ لأن فيها حتفك وموتك، فهل تحبي القتل البطيئ؟!

إن في هذه الأوراق الملفوفة.. إهدار عفتك، وقضاء على كرامتك؛ فهل تحبي لنفسك هذه المأساة؟!

إياك والفضول، فكم أوقع في المستنقعات الأسنة، والمستقذرات العفنة- ولم يستطعن الخلاص؛ لأنه دحض وزلق!

لا تجربي طريقاً قد جربه غيرك، فصيرن حياتهن جحيماً ووبالاً، وعذاباً أليماً.

يقول حافظ شيرازي:
من جرب المجرَّب *** حلّت به الندامة!

إن في هذه الأوراق.. طلاقك وتسريحك، والتفريق بينك وبين أولادك وأفلاذ أكبادك.. هذا إن كنت متزوجة.
وإن كنت عازبة، فهي سبب لعنوستك، وصد الناس عن طرق الباب لخطبتك؛ لأنك لم تتق الله في نفسك، ولم تراقبيه، والله يقول: "إن الله كان عليكم رقيبا"

هذه نصيحة لك وله، إن قُبلت، فصدارة، وإن رُدّت، فيا خسارة.

وسلام الله عليكم.

وكتب: أبو نعيم وليد بن عبده الوصابي.
١٤٣٩/٨/٦