الخميس، 31 مارس 2022

سعد محمد حسن.. المحقق المغمور!

 


سعد محمد حسن.. المحقق المغمور!

المحقق سعد محمد حسن.. ولد سنة ١٣٣٠، ببلاد مصر.

تخرج في الأزهر الشريف، ودرس بمصر وليبيا، وأولع بالكتب المطبوعة والمخطوطة، واشتغل باقتنائها وتحصيلها حتى اجتمعت لديه مكتبة نادرة واسعة.

بحاثة، مؤلف، محقق، مطلع، جماعة للكتب، مقتن للنوادر.

وقد قرأت، ثناء حسناً، من الشيخ الخريت عبد الفتاح أبو غدة.. بجودة تحقيقه. (لا أتذكر الآن موطنه)

من مؤلفاته:
-المهدية في الإسلام منذ أقدم العصور حتى اليوم: دراسة وافية لتاريخها العقدي والسياسي والأدبي. - القاهرة: دار الكتاب العربي، ١٣٧٣.

-الطالع السعيد الجامع أسماء نجباء الصعيد، للمؤرخ جعفر بن ثعلب الأدفوي، تـ٧٤٨، القاهرة: الدار المصرية للتأليف، ١٣٨٦.

وله خزانة عزيزة، ‏من نفائس الخزانات الخاصة، وكان فيها: الجزء الأول والرابع من (المجمع النفيس بمعجم أتباع ابن إدريس) لسبط ابن حجر بخطه.
‏وأغلب الظن أنهما ضاعا مما ضاع من مكتبته.

وذكر الشيخ عادل العوضي: أن أحد الاخوة، وقف على مجلد من (المجمع النفيس) لسبط ابن حجر.

وكثيراً، ما ترى الزركلي، يقول في أفياء، معلمته (الأعلام)، عن بعض الكتب: "اشتراه سعد محمد حسن في القاهرة" "في خزانة سعد محمد حسن بالقاهرة" "في مكتبة الشيخ سعد محمد حسن بالقاهرة"

وكانت له به، صلة، وربما أمده ببعض المعلومات، لكتابه (الأعلام) كما يظهر لمن يطالعه، وقد وجدته، يقول: "من رسالة كتبها إلي الشيخ سعد".

وقد عرضت له حاجة، (وما أكثر حاجات طلاب العلم وحامليه) في آخر حياته.. اضطرته إلى بيع قسم كبير من مكتبته، فلما توفي.. باعت زوجته الباقي!
فـ لا قوة إلا بالله، والأمر لله من قبل ومن بعد، و"الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين".

ينظر، في ترجمته: (الأعلام: ٧/ ٨) و(٨/ ٢٢٣) و(٢/ ١٧٨) و(٧/ ٥١) (٨/ ٢٣٤) و(١/ ٢٣٩) وغيرها. و(تكملة معجم المؤلفين: ٢٠٤) للشيخ محمد خير رمضان يوسف، و(مذكرات محمد عبد الله الرشيد) -نقل عنها محمد خير).

وكانت وفاته، سنة ١٤٠٨.

هذا ما وجدته من عطر سيرته، وقد جهدت، في انتخاب أخباره، وانتهاب أطواره.. فلم أعثر إلا على النزر لا الغزر!

وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي.
١٤٣٥/٩/٧
١٤٤٢/٧/٦

الخميس، 24 مارس 2022

وانقطع صوت الغيرة الغائر!

 وانقطع صوت الغيرة الغائر!


سمعت الآن، بوفاة الشيخ الوقور الصبور محمد شاكر الشريف.. الذي زارته الآلام والأوجاع والأوصاب برهة من الدهر، وكان ينفه عن نفسه، بأن يطل بين فينة وأخرى على الواجوه (الفيس)؛ ليخبر عن حاله، طالباً من أحبابه وطلابه، الدعاء له بالشفاء، وحسن العاقبة.


وقد قرأت كتابه (العلمانية وثمارها الخبيثة) في طفولتي، ولم أكن أعرف عنه حياة أو موتاً، بل لم أدرك كنه الكتاب ولا حقيقته، ولكنه الشغف -والحمد لله- بالقراءة والاطلاع على ما طالته يدي حينها!


حتى وجدته هنا، في هذه (القرية) الصغيرة الكبيرة، كعادته، غيوراً على دين الله.


فما أنور وجهك وأبهاه، وأبهر محياه وأزهاه، "سيماهم في وجوههم" وهكذا الإيمان إذا خالط القلوب والأرواح.


أسأل الله تعالى.. له الرحمة والغفران، ودخول جنة عدنان.


وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي

١٤٤٣/٨/٢١



الأربعاء، 23 مارس 2022

هَنـاء المَهْـنَا للقاضي سليـمان المهنّـا!

 


هَنـاء المَهْـنَا للقاضي سليـمان المهنّـا!


القاضي سليمان بن عبد الله المهنا.. اسم لامع في سماء القضاء، ووسم ساطع في عالي الفضل، على أني لم أشرف بلقيه، أو الحديث إليه، أو الجلوس معه، حاشا السماع به وعنه من رجال قليلين، لا سيما ابنه الخلوق محمد!


وكان حالي معه، ومع أمثاله من أهل العلم والفهم، والفضل والنبل:


بكاك "ابنٌ" لم تحوهِ بقرابة *** بلى، إن "أبناء الوفاء" أقاربُ!



وقد قرأت نتفاً عن هاته الأسرة الآسرة للأسرار، في بعض الكتب، من حيث: بناء المساجد، وبراعة القضاء، ونفاعة التدريس ونحوها من الفضائل والفواضل.


مغاويرُ أبطال مَطاعيمُ في الدُّجَى *** بنى لهمُ آباؤهم، وبنى الجَدُّ


أقول: لم أسمع كثيراً عن هذا القاضي البارع في حياته -وهذا قصور قاصر مني، ولا أبكت نفسي كثيراً، بل إن غيري يحمل حملاً ثقيلاً في قصوره بالتعريف عن المعارف والعوارف، وربما كان رغبة من المتواري، في الانزواء، وأثرة للانطواء!



وأياً كان القصور، وممن كان التقصير، إلا أني شدهت بالتعريف الكبير، وبدهت بالتشريف الكثير- لهذا العَلم العالم، والقاضي الفاهم.


من كان فوق محل الشمس موضعهُ *** فليس يرفعه شيء ولا يضعُ!


فلم يكد يداع خبر وفاته، حتى رأيت "الواجوه" و"المغراد" وغيرهما من وسائل التواصل المتواصل، تعج وتثج بذكر أنفال وأفضال هذا القرم القمقام.. من: كريم سجايا، وكرم أفعال، ونفاسة نفس، وأريحية روح، وبذل ندى، وكف أذى، وطلاقة وجه!


ويا لله، ما أجملها من خصال، وما أخملها من فعال.. تكاد تُفقد اليوم، إلا من نفر لا زال على "الأمر الأول" -كنّاهم-!


وسبحان الله، فإن كان قد خمل ذكره في حياته، فلعل الله سبحانه أرجأ له الثناء بعد مماته، حتى يكون أنقى وأبقى، مع رجاء الله تعالى.. أن يكون ادّخر له، ثواب علمه وعمله، "إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً"


والذكر الجميل، من خير ما يخلّف المرء لذويه وورثته من بعده، "وإنه لذكر لك ولقومك":

(فالمال عارية، والعمر رحالُ)


مسافرٌ أنت والآثار باقيةٌ *** فاترك وراءك ما تحيي به أثرَكْ


آخر:

إن كان جسمك في التراب مغيّباً *** فجميل ذكرك في القلوب أقاما



لا كما قال ديك الجن:

لو كان يدري الميت ماذا بعده *** بالحي حل، بكى له في قبرهِ


غصص تكاد تفيض منها نفسه *** وتكاد تخرج قلبه من صدرهِ


والذكر، يبقى أبد الدهر، ولا تزيده الأيام والليالي إلا جدة وجودة!


إذا ما روى الإنسان أخبار من مضى *** فتحسبه قد عاش من أول العمرِ



فما بالك، بمن أضاف إلى جميل الذكر.. نبوغ الولد، ونباهة الابن، فلله أنت أيها الوالد، ولله أنتم أيها الأبناء.

(أفعال من تلد الكرام كريمة)


وفي الحديث: (إذا مات الإنسان، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح ينتفع به) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.


وما إخال الشيخ سليمان، إلا قد جمع هاته الخصال الرزان!



ولا شك.. أن الحزن قرين الفقد، ويعظم إن كان المفقود، خطير الشأن، جليل القدر، ولكن:


لا بد للمرء من ضيق ومن سعة *** ومن سرور يوافيه ومن حزنِ


آخر:

ومن عاش في الدنيا؛ فلا بد أن يرى *** من العيش ما يصفو وما يتكدرُ



رحمك الله شيخ سليمان، وأسكنك جنة عدنان.

وأحسن الله عزاءكم -أيها الذرية- وضاعف أجوركم.



وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي

١٤٤٣/٨/١٥



الثلاثاء، 22 مارس 2022

عجوز ليست بعاجزة!

 عجوز ليست بعاجزة!


خنقتْ التسعين أو ناهزتها أو جاوزتها.. لكنها لم تكن بعجزة عن طاعة الله، ولا عاجزة عن نصح عباد الله!


كانت تتمتع بقلب مفعم بالحياة، ولسان صادق بالإرشاد، ونفس نفيسة في الصفاء!


عاشت حياتها الشاقة، المترعة بالمشاق، في تربية وتهذيب وإعاشة وتشذيب- لأولادها الثلاثة…


لم تألُ جهداً في سبيل راحتهم، ولم تدخر وسعاً في طريق سعادتهم، ولم تخبئ مدخراً في مهيع تعليمهم.. فنشّأتهم على تقوى الله تعالى، وحب العلم، ومصاحبة القرآن، حتى غدوا مغتذين بلبان المعرفة، ومؤتمين سبيل المؤمنين.


أبو الحسن.. أكبرهم سناً، الذي لا زال يصدح بالنداء إلى الصلاة، دون كلل أو ملل!


وأبو صلاح.. الذي لا يفتأ يتلو كتاب ربه صباح مساء، فلم أره قط، إلا وكتاب الله جليسه وأنيسه، مع ما حبي من فتاقة لسان، في التحدث عن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وأبو عمار.. شيخي وأستاذي، الذي نهلت من معينه، ردحاً من الزمن، وشربت من نميره، برهة من الدهر، فكان لي بمثابة الأب الحدِب!


ذلكم هم الثلاثة الأشقاء الذين طرّقوا الطريق، ودرّبوا الدرب، وسبّلوا السبيل، حتى آتوا أكل ما زرعوا، وأذروا ذرية مباركة، من البنين والبنات!


فهنيئاً لك يا أم علي .. ويا أم سالم .. ويا أم محمد.. هذه الذرية الدرية، والأسرة الفتية.. فإن لك أجر بذرك وزرعك التي تعاهدتيه حتى استوى على سوقه!


رحمك الله أمي الفاضلة.. فقد كنت أمارة بالمعروف، نهاءة عن المنكر، غير هيابة لأحد، ولا أباهة بأحد!


رحمك الله.. جزاء صبرك على بلواك وأذاك، فقد مسك الضر سنوات عديدة، وأنت في صبر ورضا، دون سخط أو عتب، و"إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" جعلك الله منهم.


وأنا هنا، لم أرد تعديد فضائلها، فقد أوفاها ووفاها، ابنها البار شيخنا أبو عمار -عمره الله وعمّره- وإنما أردت العزاء والوفاء، لأم عرفتها بالطيّب والطيب.


رحمها الله رحمة الأبرار، وأسكنها جنات تجري تحتها الأنهار.

وأحسن الله عزاء أهلها وذويها، وربط على قلوبهم، وجبر مصابهم.



وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي

١٤٤٣/٨/١٩

الأحد، 6 مارس 2022

أمانة الكاتب وصيانة الآدِب!

 أمانة الكاتب وصيانة الآدِب!


إن الكاتب والأديب والمؤرخ.. تقع على عاتقه مسؤولية الكلمة؛ لأنه عاقل، فلم يرفع عنه القلم -كما يظن بعض المتأدبين-.. أن يقول الأديب ما شاء، ويخط ما أراد!


وعجبي، كيف يرضى أديب لنفسه.. أن ينسلخ من مدارك العقل، ومدارج الفضل؛ ليلتحق بالثلاثة الذين رفع عنهم القلم، وهو مَن يُنتظر منه، السعي في إبرائهم، والأخذ بأيديهم إلى سعة العقل، وسلامة الفكر، ولكن، هكذا أراد مَن أراد الارتكاس والانتكاس -عياذاً بالله-.


و‏أحرى بالمؤرخ والأديب والكاتب.. أن يكون أميناً في قوله ونقله، وغيوراً على دينه، وشغوفاً بعروبته وعربيته.. فلا يرضى خدش جناب التوحيد، أو كدش حرم العربية، بل يجب عليه.. أن يكون قلم التشذيب حاضراً في كل كتاباته دون استثناء، فـ"إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا".


فالمسلم قد دخل في الدين كله، ومن كل جوانبه، "يأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة" فلا يجوز له الخروج بالهوى، وكما يهوى.


وإني لأعجب وأنعي على أدباء، خلعوا ربقة الأدب، وتعروا من كساء الفضيلة، وهربوا من رباط الشرف، فلبسوا مسوح الوسخ، فأضحوا مسوخاً.. ففاهوا بكل رذيلة، ونقلوا كل عهر؛ بحجة أنهم في صدد كتب رواية أو سيرة ذاتية أو شعر، وليسوا في تأصيل مسألة عقدية أو فقهية أو أصولية!


ولا أدري، ما الذي أباح لهم هذا البطلان، وأوصلهم إلى الهذيان، إلا أن "الشيطان سوّل لهم وأملى لهم" فأوهمهم بهذا التقسيم اللئيم، وأغراهم بذياك الانفصام القصيم!


وأنا أجزم باتاً.. أن هؤلاء الأدباء، يعلمون وزر ما كتبوا، ويدركون حجم ما ما كسبوا، "وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم"


فـ "يا عباد الله، فاثبتوا" على الصراط المستقيم، والدرب القويم، و"لا يفتننكم الشيطان" فإنكم قد قرأتم براءته منكم، فتبرؤوا منه اليوم؛ بمخالفته، ومخالفة النفس والهوى.


ولا يحملن ما تبيحه أقلامكم الإباحية.. من نَفاق هذه السوق ورباحتها، فإن أغلب ما يطلبه المستمعون أو القارئون أو المشاهدون= من قبيل الهراء، إن لم يكن من قبيل العراء "وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله" "وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين"


فيا أيها الأديب.. اُكتب ما يرضي ربك جل وعلا، وما تتيقن نفعه، وتتوكد من سد فتق، أو رقع خرق، وما سواه، فاسكت واخرس واقعد.

فلا تكتب بكفك غير شيء *** يسرّك في القيامة أن تراهُ


أخذ الله بأيدينا لمراضيه، وجُنبنا مواقع السخط، ومواضع الغلط، "إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين"



وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي

١٤٤٣/٨/٣