الثلاثاء، 28 أبريل 2020

حياك رمضان.. وعذراً إليك!

حياك رمضان.. وعذراً إليك!


رمضان: اسمك تحبه النفوس، وبحلولك: نلفظ  الكؤوس، طاعة للملك القدوس..

رمضان هلّ هلاله، فاستبشر يا عالم، وصفقي يا أيام، وابتهجي يا نفوس، وانتهجي سبل الهدى!

حياك الله يا رمضان .. وأهلاً بك يا شهر الطاعة والغفران، ومرحى بك يا شهر العتق من النيران..


فديتك زائراً في كل عام ***  تحيا بالسلامة والسلامِ

وتُقبِلُ كالغمام يفيض حيناً ***  ويبقى بعده أثر الغمامِ
(مصطفى صادق الرافعي)


رمضان: أنت الشهر الفرد، الذي بشر وهنأ بك الرسول الكريم: صحابته الكرام، وهي تهنئة تعمنا وتشملنا!
فيا فوز من قبل التهنئة، سيعيش في هناء ورخاء!


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما حضر رمضان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قد جاءكم -وفي رواية: أتاكم- رمضان؛ شهر مبارك؛ افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، ويغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغلّ فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم).
أخرجه أحمد والنسائي، وصححه الألباني، في (صحيح الترغيب: ٩٩٩) 
والشيخ شعيب الأرناؤوط.

قال الحافظ ابن رجب الحنبلي: "قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان.
كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟
كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟
كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشياطين؟
من أين يشبه هذا الزمان زمان".
(لطائف المعارف: ٢٧٩).


حياك الله يا رمضان، خير ضيف، وأفضل قادم، وأحسن زائر.


هذا هلال الصوم من رمضان ***  بالأفق بان فلا تكن بالواني

وافاك ضيفاً فالتزم تعظيمه ***  واجعل قِراه قراءة القرآن

صمه وصنه واغتنم أيامه ***  واجبر ذما الضعفاء بالإحسان
(ابن الصباغ الجذامي)

هذه التهنئة والتحية..


وأما الاعتذار..
فأقول أولاً: يا رمضان.. سأبذل -إن شاء الله- في ضيافتك جهدي، وسأعمل في حسن استقبالك وكدي..
ولكن، أنى لي التمام!

كيف، وأنت لم تزرنا إلا غباً لماما، ولا تمكث عندنا إلا ليالي وأياما!


ثم ثانياً: أقدم لك هذه الاعتذارات:
-عذراً ومعذرة رمضان.. إن أساء البعض استقدامك، وأهمل الآخرين إكرامك، فإنك لست ضيفي لوحدي، بل ضيف عالَم بأسره!

-عذراً رمضان؛ فإني لا أستطيع أن أصنع لهم شيئاً، أو أقشر لهم عصاً، فإنهم قوم عتاة، وشرذمة جفاة، لا يراعون لغريب قدراً، ولا لعظيم نشراً!

-عذراً رمضان.. إنْ أفطرك رجال ونساء، ليس لهم عذر، بل تكبراً  واستهانة، أو تكاسلاً وامتهانة!

-عذراً رمضان.. إن عاشك رجال ونساء، على الشر والفحشاء، والبغي  والسوآء، ويحسبون، أنهم في هناء!
هم يحسبون!
ولكنهم -والله- في تعاسة تعساء، وظلمة ظلماء، وكرب كرباء، ولكنه التسويل والتهويل..

-عذراً رمضان، إن نام قوم نهارك، وضيع ساعاتك، وقتل أوقاتك؛ ليأتي مغربك، فتأذن له بالفطر والمباحات!

-عذراً رمضان، إن أسهر قوم ليلك، لا لصلاة ولا طاعة، بل للعب واللهو في الأسواق والقاعة، والتنقل بين المتاجر والباعة!

-عذراً رمضان، إن امتلأت في ليلك الأسواق، بالرجال والنساء والنفاق، وربما فعلوا شيْناً، تسيل لهوله المآق، وكأنهم في غيبة عن العليم الخلاق!

-عذراً رمضان، إن خلا في ساعاتك المباركة، قوم بالمحرمات، فانتهكوها، ولعبوا بالبنات وامتهكوها، وعشقوا المردان ولثموها!

-عذراً لك رمضان، واعتذاراً منك- من هؤلاء القوم الذين غلبوني وغالبوني، فلم يستمعوا نصحي ولا بياني، بل سخروا مني ونهروني!

-تُرى، ماذا صنعتَ لهم -أيها الضيف الكريم-، حتى عاملوك هذه المعاملة، ونازلوك هذه المنازلة؟!

*هل أثقلت عليهم زورتك؟!
*هل أضجرتهم دورتك؟!
*هل أمرتهم بما لا يسطيعون؟!
*هل كلفتهم ما لا يطيقون؟!
*هل وهل وهل؟!

-أشهد أنا عن نفسي، والصالحين من بني جنسي، أن هذه تهم وظلم، وما أكثرها على الصالحين؟!


ضيفي الكريم العزيز المبارك: أرحب بك -مرة أخرى- قبل طيّ صفحات الكاغد، ورفع شباة القلم!
بل، وأرحب بك كرات ومرات، وأهنئ بك أحبابي وصحابي، ورفاقي وأترابي، وأشياخي وطلابي، وجميع المسلمين والمسلمات في مشارق الأرض ومغاربها، فأهلاً وسهلاً ومسهلاً..

وإلى العيش في كنفك، والتنسم بشذا عبيرك، والتروي بنميرك..

دمت بود وسلام، والسلام عليك وعليكم ورحمة الله وبركاته،،


محبك: أبو نعيم،،
وليد بن عبده الوصابي..
 ١٤٣٦/٨/٢٩
 ١٤٤١/٨/٢٩

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق