الثلاثاء، 11 مايو 2021

ثـلاثــون انـقـضــتْ!

ثلاثون انقضتْ!


وداعاً شهر رمضان..

وداعاً شهر الصيام..

وداعاً شهر القيام..

نستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.


فرحنا بقدومك، وبكينا شوقاً للقائك، وبينما نحن في لذة العيش بك وفيك، وقد صُقلت بك النفوس، واطمأنت لك القلوب، وانشرحت فيك الصدور، وهطلت منك العيون؛ إذ بنا نفجأ بوداعك ورحيلك!


أما لو أن لنا سبيلاً إلى بقائك؛ لفعلنا، ولكن "ذلك تقدير العزيز العليم".


أياماً محدودة، وليالٍ معدودة، قضاها وحدّها الرحمن، لا زيادة فيها ولا نقصان.


أيها الشهر ترفق، دموع الفراق تدفق، وفؤاد المحبين تمزق.

عسى بركب المقبولين نلحق.. وعسى من النيران نعتق..

فلا تفارقنا إلا ورضى الرحمن علينا تحقق.


ترفّق يا رمضان فما زالت القلوب قاسية، والأرواح عطشى، والعيون جدبى!


بالأمس كنا نقول: رمضان أهلاً، واليوم، نقول: رمضانُ مهلاً!


ما أسرع خطاك يا رمضان؛ تأتي على شوق، وتمضي على عجل!


فسبحان من وصفك بـ "أياماً معدودات".


والحصيف.. من أحسن إلى رمضان؛ لأنه زائر خفيف الظل، كثير الهدايا، سريع الارتحال!


وتعظم المصيبة وتزداد.. على من أتى عليه رمضان ورحل، وهو لا زال في تفريط عن الصالحات.


فقد دعا عليه أمين وحي السماء، وأمّن عليه أمين وحي الأرض: (رغم أنف امرئ، أدركه رمضان ثم انسلخ؛ ولم يغفر له.. رغم أنفه، ثم رغم أنفه! قل آمين؟ قال: آمين)

فهل أدركتم حجم الخسارة الفادحة، والجسارة القادحة؟!


وتزداد الخسارة عظماً.. لمن فرّط بعد رمضان، في طاعة الديّان، وترك لنفسه العنان، وخاض في بحار الشيطان، وعصيان الواحد الديّان "ألا ذلك هو الخسران المبين".


فأعزي نفسي وإياكم، لفراق هذا الإلف الذي يفوق الألف، ولكن، عزاؤنا: أن "لكل أجل كتاب" والرحمن تبارك وتعالى "كل يوم هو في شأن" يذهب بأيام، ويأت بأخرى "يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل" "يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا".


ووصيتي ونصيحتي لنفسي، ولبني جنسي.. بالاستمرار على عمل الصالحات، والمداومة على طاعة رب البريات، وإن قلّ العمل، فلا تقرب الزلل، وكن عنه بمنأى، وتذكر رقابة الله عليك، وأن من كنت تعبده في رمضان، هو رب بقية الزمان.. فلا تتعد حدوده، ولا تنتهك حرماته، فربك يغار؛ وغيرته أن يأتي المرء ما حرم الله.


هذه تعزية وتذكرة؛ علّها تصادف نفوساً صافية، وقلوباً خالية، فتتوب وتؤوب، إلى علام الغيوب، والله يتولانا في الدنيا والآخرة.


وتقبل الله مني ومنكم صالح الأعمال والأقوال والأحوال، وأعاد علينا ضيفنا ونحن في طاعة وصحة واطمئنان.


يارب تقبل منّا ما مضى، ووفقنا للحسن فيما بقى، واعتق اللهم رقابنا من النار.


وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.


وكتب: وليد بن عبده الوصابي.

١٤٣٧/٢٧/٩

١٤٤٢/٩/٣٠



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق