السبت، 11 أبريل 2020

ليتك ما جيت، وقعدت بالبيت!

ليتك ما جيت، وقعدت بالبيت!

هكذا قال له كثير ممن قابله، عندما سافر من بلاده، إلى بلاد أخرى؛ للعمل والرزق؛ وذلك قبل تمدد هذا الفيروس المستطير! (كفى الله المسلمين شره وضره وحره وجره)
فلما جاء المسكين؛ لم يقدّر له عملاً؛ إذ كان الحجز والحجر!

فكان أصحابه، كلما قابلوه.. أسمعوه هذه العبارة المصمة المحمة المغمة (ليتك ما جيت، وقعدت بالبيت)!

ومعنى كلامهم: لو أنك قعدت في بلدك، وبين أهلك وولدك، وحجزت نفسك ثَم!

فكان يجيبهم برضى واطمئنان، وكلمات ملؤها الإيقان والإيمان: لو كان اختياري المحض؛ لكنت نادماً، لكني استخرت ربي سبحانه وتعالى، "وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة"، و"والله يعلم وأنتم لا تعلمون".

إن ربي جل وعلا، (العظيم، العليم، الحكيم، الرحيم، الحليم، الكريم)؛ لن يقدر لعبده المؤمن (وأنا أرجوه) إلا الخير والتيسير، واللطف والتدبير، وإن ظُنّ بدءاً، أنه ليس كذلك.
(والشر ليس إليك) سبحانك، ما أعظم شانك.

إن أفعال الله سبحانه.. دائرة بين الرحمة والحكمة، فالرحمة: تكون ظاهرة للعيان، أما الحكمة: فقد تخفى عن عقل الإنسان؛ لضعف كنهها وإدراكها، ولكنها قد تتبين بعد أمد.

حارتِ الأفكار في حكمة مَنْ *** قد هدانا سبْلنا عزّ وجلْ

"فإن كل ما فعله الرب ويفعله.. لا يخرج عن العدل والحكمة، والمصلحة والرحمة".
(مفتاح دار السعادة: ٢/ ١١٠)

وكنت أرى الناس، حين سماعهم هذا الثبات- التي تتكسر عليه جماجم الشكوك، ورؤوس الاعتراض، وزوابع الشيطان؛ يسكتون ويعجبون، ثم يقولون: صدقت والله، هذا قضاء الله وقدره. 

"اللهم إليك خرجت، وأنت أخرجتني، وإليك جئت، وأنت جئت بي، وبفنائك أنخت، وأنت حملتني..
اللهم قلبي وناصيتي بيدك، لم تملِّكني منهما شيئاً؛ فكن أنت وليي، واهدني سواء السبيل، واقدر لي الخير حيثما كان، ثم رضّني به".


وكتب: وليد أبو نعيم
١٤٤١/٨/١٨



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق