الثلاثاء، 8 ديسمبر 2020

أسبوع، وأنا -إن شاء الله- عندكم!

 


أسبوع، وأنا -إن شاء الله- عندكم!


هاته كلمة، قالها لأولاده، أحدهم، وقد رأى الحزن باد على محياهم، عندما عزم سفره!


قال هذه الكلمة؛ تطييباً لخاطرهم، وترطيباً لمشاعرهم، ولم يكن في نفسه أو تفكيره، غيابه عنهم هذه المدة القصيرة، لكنها إرادة الله ومشيئته الذي شاء وقضى وأراد (لا معقب لحكمه، ولا غالب لأمره) فقد تفصمت عرى السفر، وتقصمت رؤى الأمر، وتوالت عليه العراقيل العجيبة الغريبة الرهيبة، حتى رجع إلى أهله بعد أسبوع بالتمام، كما أخبر أولاده على سبيل المزاح والتأنيس!


لا تمزحن بما كرهت فربما *** ضرب المزاح عليك بالتحقيقِ


بغض النظر، هل رجوعه، من البلاء أو الابتلاء، إلا أنه لم يرده، ولم يخطر على لبه وقلبه.. ولكن هذا ما جرى، موافقة لقيله، وتوافقاً لقوله!


روى ابن أبي الدنيا، عن إبراهيم النخعي أنه قال: "إِني لأجد نفسي تحدثني بالشيء، فما يمنعني أن أتكلم به، إلا مخافة أن أبتلى به". (الصمت وآداب اللسان: ١٦٩)


وقال المؤمل الشاعر:

شفّ المؤمل يوم النقلة النظر *** ليت المؤمل لم يخلق له البصر!

فلم يلبث، أن عمي.


وتذكرت قول القائل:

احفظ لسانك أن تقول، فتبتلى *** إن البلاء موكل بالمنطقِ!


قال أبو الخير الهاشمي: "البلاء موكّل بالمنطق: أي ربما نطق الإنسان بما يكون فيه بلاء".

(الأمثال: ٩١)


وقال الزمخشري: "يضرب في كلمة، يتكلم بها الرجل، فتكون باعثة للبلاء".

(المستقصى في أمثال العرب: ١/ ٣٠٥)


وأنشد القاضي ابن بهلول:

لا تنطقن بما كرهت فربما *** نطق اللسان بحادث؛ فيكونُ!


وقد توهم بعضهم، أن ثَم إشكال واستشكال، بين ما يوافق اللسان، وبين القضاء والقدر..

قال ابن القيم: "وقد استشكل هذا من لم يفهمه، وليس بحمد الله مشكلاً، فإن مسبب الأسباب، جعل هذه المناسبات، مقتضيات لهذا الأثر، وجعل اجتماعها على هذا الوجه الخاص موجباً له، وأخّر اقتضاءها لأثرها إلى أن تكلم به من ضرب الحق على لسانه، ومن كان الملك ينطق على لسانه، فحينئذ كمل اجتماعها وتمت، فرتب عليها الأثر، ومن كان له في هذا الباب فقه نفس، انتفع به غاية الانتفاع، فإن البلاء موكل بالمنطق".

(تحفة المودود بأحكام المولود: ١٢٢) وقد ذكر في الباب، أشياء وحوادث أخرى، فلينظرها، من أرادها.


وهناك رسالة جامعية، بعنوان: (البلاء موكل بالمنطق) دراسة عقدية" لـ د.هيفاء الرشيد، مجلة جامعة سطام.


هذا، وعلى الإنسان، أن يقول خيراً، ويعود لسانه، قول الحق والصدق، والخير والجميل، ولا يتحدث بالشر، أو يتوقع المكروه، وليتفاءل دائماً، فـ (تفاءلوا بالخير، تجدوه).



وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي.

١٤٤٢/٤/١٥


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق