الخميس، 10 ديسمبر 2020

الدكتور بشار عواد ومحنة خلق القرآن!

 


الدكتور بشار عواد ومحنة خلق القرآن!


سمعت قبل أشهر، محاضرة للدكتور بشار عواد معروف.. ذكر فيها: أن قضية خلق القرآن، قضية سياسية!


تعجبت، كيف يكون هذا.. وقد كان الإمام أحمد بمنأى عن السياسة، بل ومن قرب الحكام؟!

كيف يكون هذا، وقد حفظ الله بموقفه، العقيدة إلى يوم الناس اليوم؟!


بل قال علي ابن المديني: "قد أيّد الله هذا الدين برجلين، لا ثالث لهما: أبو بكر يوم الردة، وأحمد يوم المحنة".

رواه الخطيب في (تاريخ بغداد: ٤/ ٤١٨)


ولله الأديب الغيور مصطفى صادق الرافعي، في قيله: "‏كنت لا أزال أعجب من صبر شيخنا أحمد بن حنبل، وقد ضُرب بين يدي المعتصم بالسياط، حتى غشي عليه؛ فلم يتحول عن رأيه؛ فعلمت  ... أنه لم يجعل من نفسه للضرب معنى الضرب، ولا عرف للصبر معنى الصبر الآدمي؛ ولو هو صبر على هذا صبر الإنسان؛ لجزع وتحول، ولو ضرب ضرب الإنسان؛ لتألم وتغير؛ ولكنه وضع في نفسه معنى ثبات السنة، وبقاء الدين، وأنه هو الأمة كلها، لا أحمد بن حنبل، فلو تحول، لتحول الناس، ولو ابتدع، لابتدعوا؛ فكان صبره، صبر أمة كاملة، لا صبر رجل فرد، وكان يضرب بالسياط، ونفسه فوق معنى الضرب، فلو قرضوه بالمقاريض، ونشروه بالمناشير.. لما نالوا منه شيئاً؛ إذ لم يكن جسمه إلا ثوباً عليه، وكان الرجل هو الفكر ليس غير.

هؤلاء قوم، لا يرون فضائلهم فضائل، ولكنهم يرونها أمانات، قد ائتمنوا عليها من الله لتبقى بهم معانيها في هذه الدنيا؛ فهم يزرعون في الأمم زرعاً بيد الله، ولا يملك الزرع غير طبيعته، وما كان المعتصم، وهو يريد شيخنا على غير رأيه وعقيدته، إلا كالأحمق يقول لشجرة التفاح: أثمري غير التفاح"!

(وحي القلم: ١٤٤/٢)



وعليه، فأقول:

إن هذا قول خطل، وقيل عطل، بل إن قضية خلق القرآن، من صميم العقيدة وأساسها؛ إذ يبنى عليها صحة الإيمان من عدمه، وإسلامه من كفره.


 

وحاشا أحمد، أن يضحي بنفسه، ويتلف الآخرين، من أجل قضية سياسية!

والله المستعان.


وكنت أظن، أن هذه كلمة طارئة، أو زلة لسان، لم يتنبه لها، مع توارد الأفكار، وسيلان الكلام.. لكني، وجدت الدكتور، يحشي في بعض تحاقيقه، ما يؤيد نظرته ونظريته!


فأحببت، أن أكتب تحذيراً، وأنقل تحريراً، و"الحق أحق أن يتبع" ومعاذ الله، أن نأخذ إلا من وجدنا الحق عنده.


وهاك بعض تعليقاته وتحشياته:

-نقل الدكتور، قولاً للشيخ زاهد الكوثري، عن كتاب "العلو"، للإمام الذهبي، قال فيه: "ولو لم يؤلفه، لكان أحسن له: في دينه وسمعته؛ لأن فيه مآخذ كثيرة"!


هكذا نقله، دون تعليق أو إشارة، بل قال بشار قبله: "وقد انتُقد الذهبي من قبل مخالفيه، على تأليفه لبعض هذه الكتب واعتقاده، مثل هذه العقائد"!

ينظر (سير أعلام النبلاء: ١/ ٦٥)


-علق في حاشية (تاريخ بغداد: ٧/ ٣٨٠) على قول أبي سعيد: "إسحاق بن أبي إسرائيل، لم يكن أظهر الوقف".


قال ما نصه: "أي: التوقف بالقول في القرآن، مخلوق أو غير مخلوق، وهو عندنا مذهب محمود؛ لأن صاحبه يقول: "هو كلام الله" ثم يسكت، لكن الممتحنين، أحمد ورفاقه، عدّوا ذلك انهزامية!

والناس معذورون، وهم بلا شك أفضل ممن أجاب تقية، أو اعتقاداً".



-علق في حاشية (تهذيب الكمال: ٦/ ١٣٢)، في ترجمة الحسن بن حماد سجّادة:

"وقال علي بن فيروز بن المنذر: سألت سجادة الحسن بن حماد، قلت: رجل حلف بالطلاق، أن لا يكلم كافراً، وكلم من يقول القرآن مخلوق؟ قال: طلقت امرأته".


قال ما نصه: "والخبر فيه من المبالغة، ما لا مزيد عليه، إذ لم يعرف بين العلماء تكفير القائل بخلق القرآن"!



-علق في حاشية، (سير أعلام النبلاء: ٩/ ١٧٩) عند قول الذهبي "قال أبو قدامة السرخسي: سمعت يحيى بن سعيد يقول: كل من أدركت من الأئمة، كانوا يقولون: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ويكفرون الجهمية، ويقدمون أبا بكر وعمر في الفضيلة والخلافة".


قال ما نصه: "هذا من الغلو، غير المحمود، الذي لا يوافقه عليه جمهور العلماء سلفاً وخلفاً، وكيف يكفر الجهمية -وهم المعتزلة- وقد روى عنهم الأئمة في "الصحيحين" وغيرهما من كتب السنة، أحاديث كثيرة وفيرة"!



هذا، بعض ما وجدته في مواطن متفرقة، للدكتور بشار عواد، على عقد واحد فرد.

والله المستعان.



وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي.

١٤٣٨/٦/٩

١٤٤٢/٤/٢٥



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق