الاثنين، 28 ديسمبر 2020

تنبيه على وهم في عزو كتاب إلى الوزير ابن هبيرة!

تنبيه على وهم في عزو كتاب إلى الوزير ابن هبيرة!


بينا أنا أقرأ في الكتاب الفذ (شرح المفصل) لابن يعيش، حتى وصلت إلى هذا النص:

"وقال ابن هبيرة في (المحكم): "غلبت "الشعوبية"، بلفظ الجمع، على جيل من العجم، حتى قيل لمحتقر أمر العرب: "شعوبي"، وإن لم يكن منهم، وأضافوا إلى الجمع؛ لغلبته على الجيل الواحد، كقولهم: أنصاري".

ينظر: (شرح المفصل: ١/ ٤٥)


فحملقت بصري في هاته الجملة "وقال ابن هبيرة في المحكم"! وساءلت نفسي: هل للوزير ابن هبيرة؛ كتاب، باسم (المحكم)؟


كان جوابي لأول وهلة: لا، ليس لابن هبيرة، كتاب بهذا العنوان؛ وذلك لمعرفتي السابقة بتواليفه.


لكني رجعت إلى ترجمته، فلم أعثر له على ذكر، ثم كررت باحثاً عن هذه الجملة في كتب الوزير؛ لعلي أظفر بها في أحد تواليفه، لا سيما كتابه الضخم الفخم (الإفصاح)؛ فلم أعثر عليه أيضاً.


عدت إلى كتاب (المحكم) لابن سيده؛ فوجدته فيه، في (١/ ٣٨٢) فحمدت الله على ذلك.


وفي صدد بحثي؛ وقفت على بعض المراجع؛ تتابعت على هذا الخطأ وتواردت، بعضها بنص العبارة، وبعضها بفحواها، ومنها:

-(إعراب القرآن وبيانه: ٩/ ٢٧٣) للدرويش.

-(حدائق الروح والريحان: ٢٧/ ٤٠٩) للهرري.


ووجدت مرتضى الزبيدي، في (تاج العروس: ٣/ ١٤٣) عزاها لابن منظور!

ورأيتها عند ابن منظور، في (لسان العرب: ١/ ٥٠٠) دون عزو؛ وذلك لأن أحد مصادر (اللسان) هو (المحكم) لابن سيده، فلم يحتج أن يعزوها إليه.(١)


وهي بنحوها، في (رسائل المقريزي: ٧٨) دون عزو!


وبدون عزو أيضاً في (موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين: ٦/ ٧٦).


وبنحوها، وبدون عزو أيضاً، في (مجلة المقتبس: ٤٦/ ١٧).


وهي بنحوها -أيضاً- في (حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي، المسمى: عنايه القاضي وكفاية الراضي: ٨/ ٨١) بصيغة التمريض: قيل!


فتلخص الآتي:

أن المقولة، عزيت لثلاثة فحول من العلماء:

الأول: الإمام اللغوي أبو الحسن علي بن إسماعيل، المعروف بـ ابن سِيدَه المُرسي الأندلسي؛ تـ ٤٥٨.

والثاني: الوزير الفقيه أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة الشيباني نسباً ثم الدوري البغدادي الحنبلي، تـ٥٦٠.

والثالث: الإمام اللغوي أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي الأنصاري الرويفعي الأفريقي؛ تـ ٧١١.


فبان ووضح؛ أن فارعها وباجسها وفاتقها، هو: العلامة ابن سيده؛ وأما ابن منظور؛ فهو ناقل لها عن ابن سيده -كما تقدم-، وأما ابن هبيرة؛ فلم يدّعها لنفسه أصلاً.


والذي جعلني أجزم، أنها لابن سيده؛ أن العلامة ابن يعيش؛ سمى كتابه (المحكم) ولكنه ذهل عن تسمية مولفه؛ فنسبه إلى الوزيز ابن هبيرة ذهولاً، وليس للوزير كتاب بهذا الوسم -كما قدمت-.

والله أعلى وأعلم، وأجل وأحكم.


وزبره: أبو نعيم وليد الوصابي.

(في بلاد الغربة)

١٤٤١/٣/٢٩


ح............... 

(١) نبهني على هذا، الدكتور القاضي هاني الجبير -أفاده الله-.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق