الأحد، 20 ديسمبر 2020

القول البادي في تحريم الاحتفال بالعام الميلادي!

 


القول البادي في تحريم الاحتفال بالعام الميلادي!


الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام ديناً، والصلاة والسلام على من سدّ الله به التشريع، وختم به الرسالات.

وبعد:


فلا يشك مسلم يؤمن بالله ورسوله.. أن الله أكمل لنا دينه؛ لأنه يقرأ قول الله تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا"، وأن الله تعالى، لم يقبض نبيه صلى الله عليه وسلم، إليه إلا بعد التمام والكمال والبيان.

ويقرأ قول الله تعالى: "لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله". 

وقوله تعالى: "قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده".


والاحتفال والتهنئة؛ توجب تواداً وتحاباً، وموالاة ومحاباة، والله تعالى الحكيم العليم بما يصلحنا؛ حرّم علينا ذلك. 


وعليه؛ فإن ما نسمعه ونراه في رأس كل سنة ميلادية، عند بعض المسلمين، من التباهي والاحتفال، وتبادل التحايا والهدايا بين النساء والرجال.. لهي انهزامية نفسية، وتبعية غربية، وتنكب عن كتاب الله تعالى، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام؛ لأن مقتضى الاحتفال، كان موجوداً في زمنه عليه الصلاة والسلام، وزمن أصحابه، ولم يحتفلوا به، أو يدعوا إليه، أو يهنئوا به، ولم يكن هناك ما يمنع من إقامته، بل نجد تحذير الرسول عليه الصلاة والسلام، من مشابهة المشركين، وأهل الكتاب، وكذلك الصحب الكرام رضي الله عنهم.


قال تعالى: "يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق". 

وقال تعالى: "يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض".


وقال تعالى: "والذين لا يشهدون الزور وإذا مرّوا باللغو مرّوا كراما".


قال مجاهد: إنها أعياد المشركين، وكذلك قال مثله الربيع بن أنس، والقاضي أبو يعلى، والضحاك. 


وقال ابن سيرين: الزور: هو الشعانين.

والشعانين: عيد للنصارى، يقيمونه يوم الأحد السابق لعيد الفصح، ويحتفلون فيه بحمل السعف، ويزعمون: أن ذلك ذكرى لدخول المسيح بيت المقدس.

ينظر: (اقتضاء الصراط المستقيم: ١/ ٥٣٧).


والسنّة، ملأى بالتحذير من التشبه بالمشركين، أو مظاهرتهم في أعيادهم، أو التشبه بهم في حيواتهم..

فمنها: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر).

رواه أبو داود، وأحمد، والنسائي على شرط مسلم. 


فلم يقر رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذين العيدين، ولا ترَكهم يلعبون فيهما على العادة، بل قال: (إن الله قد أبدلكم بهما، خيراً منهما) والإبدال من الشيء: يقتضي ترك المبدل منه؛ إذ لا يجمع بين البدل والمبدل منه.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (خيراً منهما) يقتضي الاعتياض بما شرع لنا عما كان في الجاهلية.


وقد نقل الإجماع، على تحريم ذلك؛ لأن مما هو معلوم من السيَر: أن اليهود والنصارى، ما زالوا في أمصار المسلمين، يفعلون أعيادهم التي لهم، ومع ذلك، لم يكن في عهد السلف من المسلمين، مَن يُشركهم في شيء من ذلك.


وكذلك ما فعله عمر رضي الله عنه -في شروطه مع أهل الذمة التي اتفق عليها الصحابة، وسائر الفقهاء بعدهم-: أن أهل الذمة، من أهل الكتاب، لا يظهرون أعيادهم في دار الإسلام، وإنما كان هذا اتفاقهم على منعهم من إظهارهم.

ينظر: (مجموع الفتاوى: ٢٥/ ٣٣١).


وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (من بنى ببلاد الأعاجم، فصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك؛ حشر معهم يوم القيامة).

رواه البيهقي، وصححه شيخ الإسلام ابن تيمية.

ينظر (الاقتضاء: ١/ ٧٥٤)


وكلمة العلماء.. متفقة على حرمة المشاركة في تلك الأعياد، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة. -كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في (اقتضاء الصراط المستقيم: ٢/ ٤٢٥).


وقال ابن القيم: "وكما أنهم لا يجوز لهم إظهاره -أي: عيدهم-؛ فلا يجوز للمسلمين ممالأتهم عليه، ولا مساعدتهم، ولا الحضور معهم باتفاق أهل العلم، الذين هم أهله".

(أحكام أهل الذمة: ٣/ ١٢٤٥)


وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إياكم ورطانة الأعاجم، وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم، فإن السخطة تتنزل عليهم).

رواه أبو الشيخ الأصبهاني، والبيهقي بإسناد صحيح.


وروى البيهقي -أيضاً- عن عمر -أيضاً- قوله: (اجتنبوا أعداء الله في عيدهم).


قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا عمر؛ نهى عن تعلّم لسانهم، وعن مجرد دخول الكنيسة عليهم يوم عيدهم، فكيف بفعل بعض أفعالهم، أو فعل ما هو من مقتضيات دينهم؟

أليست موافقتهم في العمل، أعظم من الموافقة في اللغة؟

أوَليس عمل بعض أعمال عيدهم، أعظم من مجرد الدخول عليهم في عيدهم؟

وإذا كان السخط ينزل عليهم يوم عيدهم بسبب عملهم، فمن يشركهم في العمل أو بعضه.. أليس قد تعرض لعقوبة ذلك؟

ثم قوله: (واجتنبوا أعداء الله في عيدهم)؛ أليس نهياً عن لقائهم والاجتماع بهم فيه؟ فكيف عن عمل عيدهم؟".

(اقتضاء الصراط المستقيم: ١/ ٥١٥).


وأما الاعتبار.. فيقال: الأعياد من جملة الشرع، والمناهج والمناسك التي قال الله فيها: "لكل جعلنا منكم شِرعة ومنهاجا".


قال ابن تيمية: "فلا فرق بين مشاركتهم في العيد، وبين مشاركتهم في سائر المناهج، فإن الموافقة في جميع العيد؛ موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروعه؛ موافقة في بعض شعب الكفر، بل إن الأعياد: من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر، فالموافقة فيها؛ موافقة في أخص شرائع الكفر، وأظهر شعائره، ولا ريب أن الموافقة في هذا؛ قد تنتهي إلى الكفر في الجملة بشروطه".

(اقتضاء الصراط المستقيم: ١/ ٥٢٨)


وقال أيضاً: "ثم إن عيدهم، من الدين الملعون هو وأهله، فموافقتهم فيه؛ موافقة فيما يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه".


والاحتفال برأس السنة وغيرها، محرم بلا ريب، من وجوه عدة، ومنها:

١- أنها غير مشروعة لنا؛ والدين مبناه على الشرع، فمن احتفل؛ فقد حاد شرع الله تعالى.


٢- أن فيها مشابهة للكفار؛ فهم يحتفلون بعيد ميلاد إلههم، أو ابن إلههم -تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا- فكيف لنا أن نتبعهم في ذلك؟

وقد قال تعالى: "يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم" وقال صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) رواه أبو داوود، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.


٣- أن فيها تقليداً وتبعية للكفار، والمسلم يكون متميزاً بدينه، وبفرحه وسروره، وقد نُهينا عن التشبه بهم وتقليدهم، أو متابعتهم.


٤- أنه يحصل في مثل هذه الاحتفالات كثير من المنكرات؛ كالحفلات الراقصة، من ذوي العقول الناقصة، والأغاني الماجنة، والاختلاطات الآجنة.


٥- أن هذا الاحتفال كان منهم معهوداً في عهد أسلافهم، وفي زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولم يهتموا به، بل ولا ذكروه، وإنما همشوه وتركوه؛ فدل أن السنة، في ذلك، هو ترك وبغض وهجر مثل هذه الأعياد، وعدم الاهتمام بها، ولا الالتفات إليها.


٦- المحتفل بهذه الأعياد، على خطر عظيم؛ لأنها ذات دلالات دينية.. شركية وبدعية وكفرية وفسقية؛ فينبغي الحذر، والتحذير منها، ومن أهلها.

(ذكرها بعض الأفاضل ممن لا أعرف اسمه أو جسمه، مع تصرف يسير).


قال الذهبي: "فإذا كان للنصارى عيد، ولليهود عيد، مُختصين بذلك، فلا يُشاركهم فيه مسلم، كما لا يُشاركهم في شِرْعتهم، ولا في قِبلتهم".

(تشبه الخسيس: ٢٧)


وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم، عن بعض أمته، ممن تتبع سنن الكافرين، وانتهج نهجهم، واهتدى بهديهم، وذلك دلالة من دلالات النبوة، وليس ذلك منه إقراراً بذلك، بل فيه تحذير لأمته من مشابهتهم، والاقتداء بهم.


عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لتتبعن سنن الذين من قبلكم، شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم. قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟) رواه البخاري ومسلم.

وفي آخره: (وحتى لو أن أحدهم جامع امرأته بالطريق؛ لفعلتموه).


قلت: فيا غوثاه، مما نرى من بوادر هذه التبعية النتنة، التي أطلت بقرنها -قُمع وقُمئ-!


قال ابن تيمية: "هذا خرج مخرج الخبر عن وقوع ذلك، والذم لمن يفعله.. كما كان يخبر عما يفعل الناس بين يدي الساعة من الأشراط، والأمور المحرمة".

ينظر: (فيص القدير: ٥/ ٢٦١)


وقال النووي: "والمراد بالشبر، والذراع، وجحر الضب؛ التمثيل بشدة الموافقة لهم، والمراد: الموافقة في المعاصي والمخالفات لا في الكفر، وفي هذا معجزة ظاهرة، لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم".

(شرح صحيح مسلم: ١٦/ ١٨٩).


قلت: رحمك الله أبا زكريا، ما الذي وقع في زمنك، مما نراه ونشاهده ونلامسه؟!

فيا رب غوثاك.


وقال ابن كثير: "والمقصود من هذه الأخبار: عما يقع من الأقوال والأفعال المنهي عنها شرعاً، مما يشابه أهل الكتاب قبلنا، أن الله ورسوله ينهيان عن مشابهتهم في أقوالهم وأفعالهم، حتى لو كان قصد المؤمن خيراً لكنه تشبه؛ ففعله في الظاهر فعلهم".

(البداية والنهاية: ٢/ ١٤٢).


وقال المناوي: "وذا من معجزاته؛ فقد اتبع كثير من أمته، سنن فارس في شيمهم، ومراكبهم، وملابسهم، وإقامة شعارهم في الحروب وغيرها، وأهل الكتابين؛ في زخرفة المساجد، وتعظيم القبور حتى كاد أن يعبدها العوام، وقبول الرشا، وإقامة الحدود على الضعفاء دون الأقوياء، وترك العمل يوم الجمعة".

(فيض القدير: ٥/ ٢٦٢).


قلت: ربما أن المشابهة؛ كانت قديماً من أفراد معدودين، وفي بعض العادات، أما اليوم، فقد صارت المشابهة (أكوام من أقوام)، وفي معظم عاداتهم وأفعالهم، وهي منتهى الفداحة والقباحة.


وقال ابن حجر: "ووقع في حديث عبد الله بن عمرو، عند الشافعي بسند صحيح: "لتركبن سنة من كان قبلكم حلوها ومرها".

(فتح الباري: ١٥/ ٢٣٥)


وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية: "أن مشابهتهم في بعض أعيادهم؛ يوجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل، خصوصاً إذا كانوا مقهورين تحت ذل الجزية والصغار، فرأوا المسلمين قد صاروا فرعاً لهم في خصائص دينهم، فإن ذلك يوجب قوة قلوبهم، وانشراح صدورهم، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص، واستذلال الضعفاء، وهذا أيضاً، أمر محسوس، لا يستريب فيه عاقل، فكيف يجتمع ما يقتضي إكرامهم بلا موجب مع شرع الصغار في حقهم"؟

(اقتضاء الصراط المستقيم: ١/ ٥٤٦).


وقال ابن عثيمين: "ومن فعل شيئاً من ذلك؛ فهو آثم، سواء فعله مجاملة، أو تودداً، أو حياء، أو لغير ذلك من الأسباب؛ لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار، وفخرهم بدينهم".

(مجموع فتاواه: ٣/ ٤٤)


وقد بالغ أهل العلم، في التنفير من مشاركة غير المسلمين في أعيادهم.

حتى قال أبو حفص النسفي الحنفي: "من أهدى فيه بيضة إلى مشرك؛ تعظيماً لليوم.. فقد كفر بالله تعالى، وأحبط عمله".

(شرح المشكاة: ٤/ ١٢٩٦) للطيبي، و(فتح الباري: ٢/ ٤٤٢)


وقال الإمام مالك: "يكره الركوب معهم في السفن التي يركبونها لأجل أعيادهم؛ لنزول السخطة واللعنة عليهم".

اللمع في الحوادث والبدع: ١/ ٤٩٢)



وأما تهنئة الكافرين.. فهاك تفصيله باختصار:

تهنئة الكفار على قسمين:

-قسم خاص بهم، كأعيادهم واحتفالاتهم الخاصة، فهذا لا يجوز بالإجماع، بل قد يصل إلى حد الكفر، فإنه كالراضي بها.


"وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به؛ فحرام بالاتفاق، مثل: أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر، فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه.

وكثير ممن لا قدر للدين عنده، يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل.

فمن هنأ عبداً بمعصية، أو بدعة، أو كُفر؛ فقد تعرض لمقت الله وسخطه ... وقد كان أهل الورع من أهل العلم.. يتجنبون تهنئة الظلمة بالولايات ، وتهنئة الجهال بمنصب القضاء والتدريس والإفتاء، تجنباً لمقت الله وسقوطهم من عينه".

(أحكام أهل الذمة: ١/ ١٦١) بتصرف.


-قسم مشترك بيننا وبينهم، كمواليدهم ونحوها، فهذا فيه خلاف في جوازه، ولأحمد روايتان: المنع، والجواز.


وعلى القائلين بالجواز؛ ليحذر المهنئ، الوقوع، فيما يقع فيه الجهال من الألفاظ التي تدل على رضاه بدينه ، كما يقول أحدهم: متعك الله بدينك، أو أعزك الله، أو أكرمك.



وأخيراً.. بينما يحتفل الكثير من شعوب الأمة، بأعياد الكريسماس مع النصارى هذه الأيام؛ فقد حدث منذ ألف سنة تقريباً، أثناء الحروب الصليبية في القدس، ما تشيب له الولدان.


وهذه شهادات كتب غربية نصرانية، بأقلام غربيين نصارى:


يقول المؤرخ النصراني ديورانت: "إن النساء كن يُقتلن طعناً بالسيوف والحراب، والأطفال الرضع يختطفون بأرجلهم من أثداء أمهاتهم، ويُقذف بهم من فوق الأسوار، أو تُهَشَّم رؤوسهم بدقّها بالعمد".

(قصة الحضارة: ١٥)


وذكر صاحب كتاب "أعمال الفرنجة": "أن جثث قتلى المسلمين، وُضعت في أكوامٍ حتى حاذتِ البيوت ارتفاعاً"!


وقد اختصر الصليبيّون وصف هذه المذابح العظيمة في الرسالة التي أرسلوها إلى البابا، يخبرونه بما فعلوا، قائلين: "إذا ما أردت أن تعلم ما جرى لأعدائنا، الذين وجدناهم بالمدينة، فثِقْ أنه في إيوان سليمان أو معبده كانت خيولنا تخوض في بحر من دماء الشرقيين المتدفقة إلى ركبتيها"! 


وذكر المؤرخ الصليبي ميشو: أن المسلمين، كانوا يُذبحون ذبح النعام في الشوارع والمنازل، وأنهم لم يجدوا مكاناً آمناً يَلُوذون به!


وذكر المؤرخ النصراني وِلْيَم الصوري: أن بيت المقدس أصبح مخاضة واسعة من دماء المسلمين، أثارت خوف الغُزاة واشمئزازهم، وأنه لم يكن من الممكن النظر إلى تلك الأعداد الضخمة من القتلى دون الإحساس بالرعب، ففي كل مكان ترى بقايا جثث القتلى مقطوعي الرؤوس والأيدي، وكانت الأرض مغطاة بدماء القتلى!


ومن أراد المزيد، مما فعله الصليبيين، بالمسلمين، ومدى حقدهم عليهم -ولا أظنك تأنس بذلك، أو تتحمل ما هنالك-؛ فينظر، في هذه المراجع:

(تاريخ الصليبية: ١/ ٢٢٤) لميشو، و(المملكة الصليبية: ٢٠) لبويس، 

و(عن العدوان الصليبي على العالم الإسلامي: ١٢٢) للدكتور صلاح الدين محمد نوار، و(تاريخ الفرنجة غزاة بيت المقدس: ٢٤٦) - ترجمة: جوزيف نسيم يوسف، و(الحملة الصليبية الأولى نصوص ووثائق: ٢٦٧).

بتصرف من مقال الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل.



والآيات والأحاديث والأقوال والأفعال.. دالة، دلالة واضحة، وإشارة لائحة، على منع مشاركتهم في أعيادهم، أو تهنئتهم، أو حبها، أو التعاون فيها، أو إظهار شيء من ذلك لها، وإنما جاءت الأقوال الشاذة بجواز ذلك، من قبل بعض المتساهلين الزائفين، والناكبين والناكثين من المعاصرين، ولا سلف لهم إلا شذوذ من الأقوال، ونتف من الأفعال التي يترخصون بها، ويأخذون بشاذها، ولا يضرون في ذلك إلا أنفسهم، ولا يفسدون إلا دينهم، وعليهم إثم من اتبعهم من الغوغاء والسفهاء، وهؤلاء -أيضاً- ليس لهم عذر في ذلك؛ لأن الحجة وصلت، والمحجة فهمت "فماذا بعد الحق إلا الضلال" فاربأ بنفسك أيها الشيخ، وانتبه لنفسك أيها المترخص، واعلم أن الكتاب والسنة، قاضيان بالتحريم، والإجماع كذلك، فلم المكابرة والمدايرة؟!


وقد سمعنا عن بعض الدول العربية: من جهّز حفلاً، يبلغ ملايين الدولارات؛ للاحتفال والاحتفاء بعيد المشركين! فـ "إنا لله وإنا إليه راجعون" ويحسبون أنهم على شيء.

ولا أدري، أي بغض يكنونه لهم، وأي ولاء وبراء يتخذونه تجاههم؟!

والله المستعان.


ويحسن مراجعة كتاب (قواعد معرفة البدع: ١٤٨) وما بعدها، للشيخ محمد بن حسين الجيزاني. 



وللأسف؛ إن قضية الولاء والبراء؛ قد تساهل بها وفيها بعض المسلمين، بله بعض الدعاة!

وبعضهم: عطلها تماماً، فليس عنده عداوة مع أحد، ولا كراهية لأحد، وكأن المجتمع كله في طاعة وقربة، وهو بهذا التعاطف الأخرق؛ يعطل نصوصاً من الوحيين، شاء أم أبى!

ويحسن الرجوع إلى كتاب الشيخ محمد بن سعيد القحطاني (الولاء والبراء في الإسلام). 



وبعد هذه النصوص القاضية بتحريم ذلك.. لا يليق بمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر؛ أن يحتفل بعيد النصارى، أو يشاركهم، أو يعاونهم، أو يهنئهم؛ لأن ذلك محض حب واستخذان، وطاعة واستبطان.

نسأل الله السلامة والعافية.


هذا ما استطعت كتبه وجمعه من كلام العلماء: المتقدمين والمعاصرين "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وماتوفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب" "والله يقول الحق وهو يهدي السبيل".

"والله سبحانه، أسأل أن يسلمني من البدع والذنوب، ويغفر لي ما أخطأت فيه من الأصول والفروع، إنه واسع الغفران والرحمة، وهو حسبي وكفى في الآخرة والأولى.

والمحامي [عن] السنة المطهرة، والكتاب العزيز، والذاب عنهما، كالمجاهد في سبيل الله تعالى، وروح القدس مع من ذب عن دين الله، وسنة نبيه، ونافح عنهما من بعده إيماناً وحباً ونصحاً له رجاء أن يكون من الخلف الصالح، والذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين).

والجهاد باللسان أحد أنواع الجهاد وسبله، وما المراد إلا بيان الحق، وانتصار الفطرة التي فطر الله الناس عليها، كما تطابق عليه القرآن الكريم، والسنة الغراء". ينظر: خاتمة صديق حسن خان، لكتابه (قطف الثمر). 



وكتب: أبو نعيم وليد بن عبده الوصابي.

١٤٣٨/٣/٢٨



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق