الأحد، 22 نوفمبر 2020

صلّوا في رحالكم.. كلمة غائبة!


صلّوا في رحالكم.. كلمة غائبة!


كلمة غابت عنا ردحاً من الزمن، وحيناً من الدهر! -والحمد لله-. وذلك لانقطاع سببها، وهو المطر والغيث.


وها نحن اليوم: سمعناها؛ فعشنا واقعها: "ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر"


أذن الله للسحب أن تهطل غيثها وخيرها: "ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله".


ابتلّت الأرض، فاهتزت وربت، واخضرّت، وأخرجت زرعها وعشبها: "ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير".


والمطر آية من آيات الله التي عرفنا بها ربنا وخالقنا: "ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج".


بردت الأرض، وسكن الحر، وذهب الفيح، وهدأت الوطأة؛ فآب الناس وثابوا إلى بيوتهم وأهليهم: فرحين مستبشرين! "فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون".


وكأني بهم قائلين: إن قطعت عنا الكهرباء، ناشرة الهواء، وملطفة الأجواء؛ فإن الله قد وهبنا هواء ربانياً، بدلاً من كهرباتهم الصناعية التي فيها الكثير من الأدواء، ومسببة اللأواء!


هرعتُ إلى بيتي، والسماء كأفواه القِرَب، ساكبة ماءها، وغيثها علينا مدراراً.. 

ورأيت في طريقي أطفالاً صغاراً، آذاهم الحر، ولفحهم اللهب، حتى غرز في أجسامهم الضعيفة بثوراً حمراء، ودماميل نتناء، مدببة الطرف، تؤلمهم وتقلقهم!


رأيتهم يسبحون في حفرة صغيرة كصغرهم، وقد اجتمع فيها ماء المطر، فرموا بأجسامهم النحيلة فيها، وهم يضحكون ويقهقهون، يناغون السعادة، ويناجون الراحة!

وكأنه لم يمر عليهم يوم تعس أو بؤس!


إنها براءة الصغر، وسلامة قلوبهم، وصحة فطرهم، جعلهم يعيشون لحظتهم الراهنة، مع أني أسأل الله لهم السلامة مما قد يكون في هذه الحفر من أوضار وأخطار.


وإن العقل، أن تعيش لساعتك في ساعتك: عبادة وعملاً ورزقاً، فلا ماضٍ أليم، ولا مستقبل عديم، بل حاضر تعيش فيه اللحظة، ولتكن في طاعة مولاك.

ولنكن مثلهم؛ نسعد وننعم!


وإني أهتبلها فرصة؛ لأذكّر نفسي وإخواني وأخواتي في شتى بقاع الأرض، أن يقابلوا نعم الله بالشكران والعرفان، فيحمدوا ربهم، ويطيعوه، ويكثروا ذكره ودعاءه، وأن لا تكون نعمة الله، محلاً لمعصيته من اختلاط حرام، ومعاكسات الغرام، ومن الصخب الفاجر، واللعب العاهر، فإن (الشكر، قيد النعم) وأعظم شكر النعمة: تسخيرها في طاعة الله ومرضاته.


وكم أتعجب ممن ملئت قلوبهم: كفراً وإلحاداً بالمنعم، وهم يرون آثار نعمه، وعظيم آلائه! "ولكن أكثر الناس لا يفقهون" و"لا يشكرون" و"لا يعلمون"!


اخرجوا وامزحوا والعبوا واركضوا وكلوا واشربوا، "ولا تسرفوا، إنه لا يحب المسرفين" ولا تتجاوزوا ما أحل الله لكم، وما أحله الله لنا كثير وفير، فلا يصير إلى الحرام إلا شقي مقي!

فلا تكنه!


هذه خاطرة سنحت، وفكرة للبّي داعبت، فأبديتها لمن أرادها هدية خالصة، وقد نهى الرسول عليه الصلاة والسلام، عن ردّ الهدية!


لك الحمد ربي كثيراً، ولك الشكر كثيراً، كما أنعمت علينا كثيراً..

والله يتولاكم ويرعاكم ويكلؤكم..

وسلام الله عليكم.


محبكم: وليد بن عبده الوصابي.

١٤٣٧/١١/٦

١٤٤٠/٣/١٥




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق