الاثنين، 17 فبراير 2020

تكافلٌ ولو بالدعاء!

تكافلٌ ولو بالدعاء!

بينا أصلي إحدى الصلوات؛ إذ سمعت في سجودي، بصوت خافت، رجلاً يقول: اللهم ارفع عنا ما نحن فيه!
وسبحان الله، عندما سمعته، دعوت بما به دعا، فله الأجر والثناء.

ثم قلت: لو أن كل فرد في اليمن، بل كل مسلم في العالَم = يدعو بهذا الدعاء لعموم المسلمين؛ لحصل الخير، واندفع الشر والضير؛ لأن دعاء المرء لنفسه، غير دعائه لغيره، خصوصاً ما تمر به بلاد الإسلام، من بلاء ووباء، لا سيما بلادي المنكوبة المنهوبة المغلوبة!

وللأسف، نحن اليمنيين، نعيش بين نارين:
-نار الفقر والقصف والحرب والمرض في الداخل!
-ونار التشريد والتجريد والتنغيص والمطاردة والمداهمة في بعض دول الخارج!

تخيلوا، الآن، وأنا أمشي في شارع فسيح عريض.. رأيت موقفاً، قفّ له شعري، وأوقفني مكاني، والله حقيقة، وقفت له وتوقفت!

رأيت امرأة محجبة مجلببة.. يبدو من ملامحها الظاهرة، أنها في العقد الثالث أو بداية الرابع.. رأيتها نائمة على رصيف الشارع، وأمامها طفليها الصغيرين، الذيَن لم يتجاوزا العاشرة تقريباً، وهم في نوم عميق، لا شك أنه في نظرهم عميق وهنيئ.. نوم هنيئ؟!
مساكين، لا يعلمون، أن أمهم في عذاب ممزق، وحياء محرق، ولكن:
وللضرورات حال لسن ندريه!

أرسلت صديقي؛ ليعطيها شيئاً ما، قال لي: إنها نائمة!
قلت له: اقترب منها، ونادها؟ ففعل.. فقامت -المسكينة- مذعورة من غفوتها، وناولها ما بيده.. فأخذته بكفها المرتعش، ورجعت لحالها الأول.. واضعة كفها تحت خدها، وذهبت تناجي نفسها، فهي خير صديق!
وخير لها -والله- من دنيا الزيف والكذب، والملق واللعب!

لا أكتمني، ولا أكتمكم.. أن حالها، لم يغادرني إلى لحظتي هذه، ولكن ما بوسعي أن أصنع، سوى ما صنعت!

وأجدني تالياً، قول ربي سبحانه، بملء فيّ، وعرض شدقي: "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون".. بلى والله، منتقم في الدنيا، قبل الأخرى!

أخشى والله، (ولا نتمناه لأخواتنا المسلمات أياً كن، وحيث كن)، ولكنه سيكون، إن استمر هذا الظلم والهزء والذل!
أقول: نخشى أن نرى هذا الموقف المقض الممض، في بعض ديار المسلمين، الذين يصبحون ويمسون في بذخ شادخ، وسرف صارخ، وقد يكونون من الساخرين من هذه المرأة، ومن في مثل حالها، أو من الساكتين عن شأن غيرهم، وكأنه لا يعنيهم!
والله سنراه!

وقد رآه بعض آبائنا وأجدادنا.. رأوا ما هو أشنع وأفظع، وما هو للحياء أقطع، من هذا المنظر!
رأوا نساء شابات، قد غرزن أنفسهن استياء، وتذرعن بملحفتهن حياء، وهن يتسابقن إلى رجال ...؛ ليطحنوا لهم حبوب الذرة أو القمح؛ كفاء أكلة يأكلونها مع أهليهم!
نعم، والله، هذا ما حُدثته وأخبرته ممن شاهد هذا الموقف من نساء بلاد، هي اليوم في ذروة الثروة، أفلا يخشى من الدوران والدولان؟!

وما أشبه الليلة بالبارحة، ها نحن نرى إشارات واضحة، للعودة إلى ذاك الماضي المهين، ولا غرابة، فـ "إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين".

فيا أهل اليمن: ازدادوا استقامة فوق استقامتكم.. نعم، المساجد -بحمد الله- ممتلئة، والنساء متحجبة، والرحمة موجودة، ولكن: نتمنى الأحسن والأفضل، والأعلى والأكمل.

قال الشيخ حماد الأنصاري: "أهل اليمن، هم العرب حقاً، ولا نظير لهم في الأخلاق. 
وما وصفهم به النبي صلى الله عليه وسلم، بقوله: (الإيمان يمان، والحكمة يمانية)؛ لم يوصف به عربي قط".
(المجموع: ٦٩٣/٢).

ويا أهل اليمن.. ويا أهل الإسلام: عليكم لزوم طاعة ربكم، وطاعة رسولكم عليه الصلاة والسلام، ولازموا المراقبة للرقيب جل وعلا، وألّحوا على ربكم الرحيم الرحمن المتعال، بالدعاء والتضرع والابتهال.. فوالله، ليفرجن عنكم، وليفتحن لكم أبواب الأرض والسماء، فأبشروا وأمّلوا، وتفاءلوا بالخير؛ تجدوه.

وكتب: وليد أبو نعيم.
ح ي ١٤٤١/٦/٢٣



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق