الأربعاء، 23 مارس 2022

هَنـاء المَهْـنَا للقاضي سليـمان المهنّـا!

 


هَنـاء المَهْـنَا للقاضي سليـمان المهنّـا!


القاضي سليمان بن عبد الله المهنا.. اسم لامع في سماء القضاء، ووسم ساطع في عالي الفضل، على أني لم أشرف بلقيه، أو الحديث إليه، أو الجلوس معه، حاشا السماع به وعنه من رجال قليلين، لا سيما ابنه الخلوق محمد!


وكان حالي معه، ومع أمثاله من أهل العلم والفهم، والفضل والنبل:


بكاك "ابنٌ" لم تحوهِ بقرابة *** بلى، إن "أبناء الوفاء" أقاربُ!



وقد قرأت نتفاً عن هاته الأسرة الآسرة للأسرار، في بعض الكتب، من حيث: بناء المساجد، وبراعة القضاء، ونفاعة التدريس ونحوها من الفضائل والفواضل.


مغاويرُ أبطال مَطاعيمُ في الدُّجَى *** بنى لهمُ آباؤهم، وبنى الجَدُّ


أقول: لم أسمع كثيراً عن هذا القاضي البارع في حياته -وهذا قصور قاصر مني، ولا أبكت نفسي كثيراً، بل إن غيري يحمل حملاً ثقيلاً في قصوره بالتعريف عن المعارف والعوارف، وربما كان رغبة من المتواري، في الانزواء، وأثرة للانطواء!



وأياً كان القصور، وممن كان التقصير، إلا أني شدهت بالتعريف الكبير، وبدهت بالتشريف الكثير- لهذا العَلم العالم، والقاضي الفاهم.


من كان فوق محل الشمس موضعهُ *** فليس يرفعه شيء ولا يضعُ!


فلم يكد يداع خبر وفاته، حتى رأيت "الواجوه" و"المغراد" وغيرهما من وسائل التواصل المتواصل، تعج وتثج بذكر أنفال وأفضال هذا القرم القمقام.. من: كريم سجايا، وكرم أفعال، ونفاسة نفس، وأريحية روح، وبذل ندى، وكف أذى، وطلاقة وجه!


ويا لله، ما أجملها من خصال، وما أخملها من فعال.. تكاد تُفقد اليوم، إلا من نفر لا زال على "الأمر الأول" -كنّاهم-!


وسبحان الله، فإن كان قد خمل ذكره في حياته، فلعل الله سبحانه أرجأ له الثناء بعد مماته، حتى يكون أنقى وأبقى، مع رجاء الله تعالى.. أن يكون ادّخر له، ثواب علمه وعمله، "إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً"


والذكر الجميل، من خير ما يخلّف المرء لذويه وورثته من بعده، "وإنه لذكر لك ولقومك":

(فالمال عارية، والعمر رحالُ)


مسافرٌ أنت والآثار باقيةٌ *** فاترك وراءك ما تحيي به أثرَكْ


آخر:

إن كان جسمك في التراب مغيّباً *** فجميل ذكرك في القلوب أقاما



لا كما قال ديك الجن:

لو كان يدري الميت ماذا بعده *** بالحي حل، بكى له في قبرهِ


غصص تكاد تفيض منها نفسه *** وتكاد تخرج قلبه من صدرهِ


والذكر، يبقى أبد الدهر، ولا تزيده الأيام والليالي إلا جدة وجودة!


إذا ما روى الإنسان أخبار من مضى *** فتحسبه قد عاش من أول العمرِ



فما بالك، بمن أضاف إلى جميل الذكر.. نبوغ الولد، ونباهة الابن، فلله أنت أيها الوالد، ولله أنتم أيها الأبناء.

(أفعال من تلد الكرام كريمة)


وفي الحديث: (إذا مات الإنسان، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح ينتفع به) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.


وما إخال الشيخ سليمان، إلا قد جمع هاته الخصال الرزان!



ولا شك.. أن الحزن قرين الفقد، ويعظم إن كان المفقود، خطير الشأن، جليل القدر، ولكن:


لا بد للمرء من ضيق ومن سعة *** ومن سرور يوافيه ومن حزنِ


آخر:

ومن عاش في الدنيا؛ فلا بد أن يرى *** من العيش ما يصفو وما يتكدرُ



رحمك الله شيخ سليمان، وأسكنك جنة عدنان.

وأحسن الله عزاءكم -أيها الذرية- وضاعف أجوركم.



وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي

١٤٤٣/٨/١٥



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق