الجمعة، 10 سبتمبر 2021

قِتْلة من قَتَلة رقّ لها العتلة!

 قِتْلة من قَتَلة رقّ لها العتلة!


بينا أنا أقلّب هاتفي؛ إذ وقع بصري على اسم (عبد الله الأغبري)! لا أدري، ما الذي دعاني لقراءة القصة -وليست هي عادتي-!


قرأت القِصة .. ورأيت القَصة .. شاهدت مقصلة .. وناظرت مذبحة .. ثم وجدت بأسفل الخبر، مقطعاً مرئياً قصيراً، (وأستغفر الله من مشاهدته؛ لأننا أصبنا بتبلد الأحاسيس .. شاهدنا، فكان ماذا؟!).


أقول: أثناء قراءتي ومشاهدتي، التي لم تتجاوز دقيقتين.. قفّ شعري، ورفّ بشري، ولم أكد أصدق ما أقرا، ولم أوقن بما جرى، وقلت: لعله عملاً مفبركاً منمقاً مزوقاً؛ وذلك لبشاعة الجاثمة، وشناعة الحائمة!


والله، لا زلت إلى ساعتي، وأنا أسائل نفسي: كيف نزعت الرحمة من قلوب هؤلاء الرعاع؟ كيف تحملوا تلك الآهات، وهي تلهب الأسماع؟ كيف صبرت هذه الأنفس الجريئة، على نظر تيك الدماء الشاخبة، وهي تُنتزع من روح بريئة؟!


تساؤلات، ذهبت كلها أدراج الرياح، فقد حصلت الجريمة وتمت وعمت وغمت وجمت وصمت ورمت ونمت وقمت، ولا بلاغ إلا بالله القوي الجبار.


ما الدافع .. ما الحامل؟

ما هو الخطب .. ما هو الجرم؟!

لم يعرف الجواب الفيصل الفاصل، ولكن مهما كان هو السبب وفداحته.. فلا والله، لا يشفع لجريمتهم النكراء، وجريرتهم العقراء، أي علة أو سبب، فقد تجاوزت كل المقاييس والنواميس، والحدود والسدود!


كنت أتساءل: كيف كان حال عبد الله -رحمه الله- وهو يلاقي اللكمات، ويكابد الكدمات .. كيف كان حالك يا عبد الله، وأنت تشاهد أمامك افتراساً وحشياً ذاتياً حقيقياً؟! (ولا أدري، إن كنتَ قد شاهدت، افتراس الحيوانات، وإخالك، كنت تشفق على المفترَس، وتشجب المفترِس)!


لكنها تساؤلات، لا تنفع ولا تشفع ولا تدفع، فقد رأيتَ المفترسين، وهم يأكلون لحمك، ويكسرون عظمك، ويسيلون دمك!


شاهدتهم، وهم يكتمون نفَسك، ويزهقون نفْسك، فقد كانوا، أشد قساوة، وأحد ضراوة، من الحيوانات المفترسة؛ فإنها تخنق فريستها حتى الموت، ثم تأكلها، دون عقاب وعذاب!


أما مفترسوك.. فقد تفننوا في عذابك، وتجننوا في عقابك، في برهة يسافَر فيها إلى أقصى العالَم، وأنت ترزح تحت نكالهم، وتهان تحت نعالهم -وُصموا بالنعال، ووُصبوا بالنكال-. 


فيا عبد الله.. إن كانوا قد قتلوك، فقد قتلوا أرواحهم، ولعنوا أنفسهم، وضيقوا حياتهم، وأسخطوا خالقهم، وأجلبوا عليهم الخلْق، ثم حقّت عليهم كلمة العذاب!


فكرت في الأمر، فرأيت أن (وراء الأكمة ما وراءها) فقلت -والعلم عند العلي العليم-: لعل هذه ليست جريمتهم الأولى؛ لأنهم كانوا في مأمن عجيب، وفي حال غريب، وفي شأن يُرق فيه، لولا استمرارهم واستمراؤهم.

ثم إن هذه العقوبة، وراءها أمر جد خطير، يعلم به اللطيف الخبير!


وأخيراً، لا نملك، إلا أن ندعوا الله تعالى، على هؤلاء القتلة، بالعذاب النفسي والجسدي -ولا شك أنهم ملاقوه "ولعذاب الآخرة أشق" "ولعذاب الآخرة أشد وأبقى" "ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر".


ونرجوا الله تعالى جلت قدرته.. أن يسمعنا شراً وضيراً ونيراً، لهؤلاء العتاة القساة الطغاة البغاة، وكل من بغا الطريق عوجاً، وسعى في الأرض عرجاً، بقتل أو زنا أو فساد. (اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم) يا رب يا رب يا رب يا رب يا رب يا رب يا رب. 


وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي

١٤٤٢/١/٢٣




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق