الاثنين، 15 فبراير 2021

بابا: تقدر ترسل لي فلوس.. عشان أشتري جزمة!

 بابا: تقدر ترسل لي فلوس.. عشان أشتري جزمة!


هذه رسالة، من صبية صغيرة، كما هي، بلا تزويق أو تسويق، أرسلَتها إلى والدها، في ديار الغربة البئيسة!


أراني إياها، والدها، ويكاد الدمع ينحجر في محجره ويتحجر، ويخلولق الدم في جسده أن ينفجر ويتفجر!


أرانيها -ولم أكن صديقه، وإنما هي موافقة ومصادفة-؛ لأشاركه همه وغمه، ولا يبغي مني ديناراً ولا درهما، إنما يبغي الاستدلال لي: أن الغربة، خلبة ونهبة، (وقد يستدل بالمثال، إذا عدم الدليل، أو أعوز الاستدلال)!


آه، أبا أحمد، ليتك، لم ترني ما أريتني.. ليس تبرماً أو تورماً، ولكن رسالة فلذتك، قد آذتني -والله- وأنكتني.


بكيت براءتها، وخفة ظلها، وحسن أدبها، وجمال لفظها. (وما أبرأ الصغار، في كل ما يقولون ويفعلون!)


أحزنتني رسالتها: الصغيرة الكبيرة، في آن واحد!

صغيرة، في صِغر طلبها.

وكبيرة، في تعليق الإرسال، على قدرة والدها!


وقد وقفت عند هذا التعليق.. أنظره .. أتأمله .. أتفحصه.. فلم أخرج إلا بحَزن وشجن، وأسى وقسى، وسرح وترح، ولكن "لله الأمر من قبل ومن بعد".


ثم وردت بخَلدي، ودارت بفكري.. أسئلة كثيرة:


-كيف لهذه البنية.. أن تمشي بين لِداتها، بنعل مهترئة، بل منقطعة؟!


-كيف لهذه الصبية.. أن تقدم عقلها، على عاطفتها، وقد عجزت ذلك، كبار النساء وكبرياتهن؟!


-لماذا لم تخبر أمها، بانقطاع نعلها؟!


-لماذا طلبت الإرسال لنفسها، في كلمة "لي"؟!


-لماذا لم تطلب قبلاً، نعلاً ثانية، قبل انقطاع فردتها، -كما هو شأن الكثيرات؟!


-هل هناك صغيرة غيرها، تطلب ما طلبت، أو تعاني مما عانت؟!


-هل أدرك صبيات غيرها، بعِظم هذا الطلب؟!


-هل توقع بنيات غيرها، زوال النعم، التي يغتدون فيها ويروحون؟!


-ما هو حالها، وقد عجز والدها، عن شراء نعلها؟!


-ماذا لو علمت تريباتها، برسالتها هذه؟!


أسئلة كثيرة، لا أطرحها على ضيفي، بل أطرحها على نفسي، وعلى من شاء من بني جنسي.. علّ فيها عظة واعتباراً، ونبهة واذكاراً.


وأختم، دون ختْم أو ختام، فماذا عساي أن أختم، وقد خُتم على القلوب، واختُتمت الدروب-.


وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي.

١٤٤٢/٧/٣

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق