مرض الشوكاني.. وشفاء الكتب!
مرض الإمام محمد بن علي الشوكاني عام ١٢٢٤، فخاف على كتبه وتآليفه.
فأنشد من قيله:
سلام على تلك الدفاتر، إن لي *** بهن غرام فوق كل غرامِ
سلام عليها ما حييت وإن أمتْ *** فهذا وداع، والدموع دوامي
على أنها ألقت مقاليد وصلها *** إليّ وهامت بي كمثل هيامي
ولكنني لو عشت ما عشت لم أقل *** شفيت غرامي أو قضيت غرامي
قال أبو نعيم: وقد استجاب الله لعبده الشوكاني، فعمّر بعد هذه السنة ٢٦ سنة؛ فعاد على كتبه، فحررها، ونقحها وقررها، وأخرجها راضية نفسه، قارة عينه.
(ملاحظة: وهم موقع البابطين فنسب الأبيات لتلميذه يحيى بن المطهر)
وهو القائل:
موتوا إذا شئتم قد صار من كلمي *** من نصرة الحق ما حررت من كتبِ
وفي رواية:
موتوا إذا شئتم قد طار من كلمي *** من نصرة الحق ما حررت من كتبِ
ينظر: الأدب اليمني: عصر خروج الأتراك الأول من اليمن: ٩٣) بتصرف. وقد نقل من (الأسلاك اللؤلؤية) وهو مخطوط.
قلت: والشفاء بالكتب، والاستشفاء بالدفاتر.. قد كان من كثير من العلماء، والمُتيمين بالعلم.
قال نصر بن عبد الرحمن الإسكندري النحوي:
أقلِّب كتباً طالما قد جمعتُها *** وأفنيتُ فيها العين والعين واليدا
وأصبحتُ ذا ضن بها وتمسكٍ *** لعلمي بما قد صغت فيها منضدا
وأحذر جهدي أن تنال بنائلٍ *** مُبيرٍ، وأن يغتالها غائل الردى
وأعلم حقاً أنني لستُ باقياً *** فيا ليت شِعري من يقلبها غدا
وقال ابن حجر:
وإذا الديار تنكرت سافرت في *** طلب المعارف هاجراً لدياري
وإذا أقمت فمؤنسي كتبي، فلا *** أنفك في الحالين من أسفاري
قال ابن القيم: "وحدثني شيخنا قال: ابتدأني مرض، فقال لي الطبيب: إن مطالعتك وكلامك في العلم يزيد المرض. فقلت له: لا أصبر على ذلك، وأنا أحاكمك إلى علمك، أليست النفس إذا فرحت وسرت، قويت الطبيعة، فدفعت المرض؟ فقال: بلى. فقلت له: فإن نفسي تسر بالعلم، فتقوى به الطبيعة، فأجد راحة. فقال: هذا خارج عن علاجنا. أو كما قال".
(روضةالمحبين: ٨٠)
فرحمة الله على إمامنا الأجل، وعالمنا المبجل، وأسكنه فسيح جناته، فقد تعنى في تواليفه، فجاءت في حلة قشيبة، ومنظر زاهٍ.. يسر الناظرين، فلله دره، وعلى الله شكره.
وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي.
١٤٣٨/٥/١٨
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق