الأحد، 28 فبراير 2021

لا لا، الجَنّة!

 لا لا، الجَنّة!


دخل في وقت متأخر من الليل، منهك الجسد، خائر القوى، يحمل بيده طعام العشاء..


سلّم، ثم دعانا لعشائه القليل!


شكرته واعتذرت، ثم دعوت له، قائلاً: أشبع الله بطنك، وملأ كفك!


فقاطعني -بلهجته الصنعانية المحببة-: لا لا، الجنّة، أما الدنيا، فلا نهاية لها، كلما حصلت شيئاً، طلبت آخر!


تعجبت من علو همته، ونأيه عن المتعة المؤقته!

وقد كان قبل ليال، شكا لي: ضيقته، وأليم الغربة!


ثم تساءلت، فقلت: أي مال حصل عليه هذا المغترب، وأي متعة أدركها هذا المحترب؟!


وإن غيره، ممن مَلك الدور، والتذ بالقصور.. هو في طلب دائم، للمزيد والازدياد، بل ربما، لم يبال، أمِن حلال كان، أم من حرام!


ثم أدركت، أن السر وراء هذا.. هي القناعة، وفطم النفس، والرضا بالقليل:

إذا ما كنت ذا قلب قنوع *** فأنت ومالك الدنيا، سواءُ


اللهم ارزقنا، وقنعنا، بما آتيتنا، وبارك لنا، فيما أعطيتنا "وأنت خير الرازقين".


وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي.

١٤٤٢/٧/١٦

السبت، 27 فبراير 2021

زيف علاقة ما قبل الزواج!

 زيف علاقة ما قبل الزواج!


يقولون: اطلبوا التعارف قبل الزواج!

قلت لهم: صدقتم، ولكن: التعرف على أسرتها وعاداتهم وطبائعهم..


أما التعارف مع من ستخطبها؛ فطريق وعر مشوك، ونهايته: فشل وألم وشكوك.


وهذا كلام العقلاء المجرّبين، فلا تجربوا طريقاً مسدوداً مردوما؛ لأنه ندم، سترجع من آخر الطريق دون حياز ما أردت.


ولا أحصي القصص التي قرأتها، لكبار الأدباء في موضوع الزواج، الذي يبنى على الحب، ونهايتها: الشقاق والفراق.


ومن روائع المنفلوطي: "قلتم لها: إن الحب أساس الزواج، فما زالت تقلب عينيها في وجوه الرجال، مصعدة مصوبة، حتى شغلها الحب عن الزواج، فعنيت به عنه!


قلتم لها: لا بد لك أن تختاري زوجك بنفسك حتى لا يخدعك أهلك عن سعادة مستقبلك، فاختارت لنفسها أسوأ مما اختار لها أهلها، فلم يزد عمر سعادتها على يوم وليلة، ثم الشقاء الطويل بعد ذلك، والعذاب الأليم!


قلتم لها: نحن لا نتزوج من النساء إلا من نحبها ونرضاها، ويلائم ذوقُها ذوقَنا، وشعورُها شعورَنا، فرأت أن لا بد لها أن تعرف مواقع أهوائكم، ومباهج أنظاركم، لتتجمل لكم بما تحبون، فراجعت فهرس حياتكم، صفحة صفحة، فلم ترَ فيه غير أسماء الخليعات المستهترات، والضاحكات اللاعبات، والإعجاب بهن، والثناء على ذكائهن وفطنتهن، فتخلعت، واستهترت لتبلغ رضاكم، وتنزل عند محبتكم، ثم مشت إليكم بهذا الثوب الرقيق الشفاف، تعرض نفسها عليكم عرضاً، كما تُعرض الأمَة في سوق الرقيق ، فأعرضتم عنها ونَبَوتُم بها، وقلتم لها: إنا لا نتزوج النساء العاهرات، كأنكم لا تبالون أن يكون نساء الأمة جميعاً ساقطات، إذا سلمت لكم نساؤكم، فرجعت أدراجها خائبة منكسرة، وقد أباها الخليع، وترفع عنها المحتشم، فلم تجد بين يديها غير باب السقوط فسقطت"!


والعجيب، أن هؤلاء العوجى.. يستدلون بحديث (ما رأيت للمتحابين مثل الزواج)!

والحقيقة: أنهم أتوا أمراً كبارا، وجاؤوا بمنكر من الفهم وزورا، ولا يخفى سقطهم، إلا على الرعاع المساكين، الذين لا يفرقون بين التمرة والجمرة، فاللهم مسكنا بالإسلام، حتى نلقاك به.


ومعنى الحديث باختصار (وإلا، فقد أشبعته بحثاً في مقال، بعنوان: "شَعْبُ الزجاج في توجيه حديث: لم يُرَ للمتحابَِّين مثل الزواج" فليراجع ثَم): إذا أحب رجل امرأة؛ عن طريق رؤيتها مصادفة، أو سماعه عنها، أو وصفها؛ فعلاجه ودواؤه: أن يتزوجها، وليأت البيت من بابه، لا أن يخبرها، أو يهاتفها، أو يراسلها؛ لأن بعدها: مقابلة ومغازلة، وبعدها: أمور تعرفونها!


ومن تأمل قوله تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة".. رأى أن التواد والتحاب، مشروط بالزواج، لا قبله، فمتى حصل النكاح المشروع؛ حصلت المودة والمحبة والرحمة. 

وفي الآية إشارة، إلى أن الحب قبل الزواج؛ حب زائف حائف جائف، بل يكون سبباً لاهتراء الأواصر، واجتراء العواصر. 


فيا أخي ويا أختي: أرجوكَ وأرجوكِ.. عودوا قبل السفر الطويل المتعب الملهب .. ارجعوا قبل الخسارة المؤكدة .. قبل العمارة المنهارة.

اللهم اشهد.


ولي في هذا السقط والسقوط.. مقالات تحذيرية -يسرها الميسر-.


وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي.

١٤٣٨/٥/٣٠

١٤٤٢/٧/١٥

السبت، 20 فبراير 2021

الفرع والوفيرة في حكم الفرع والعتيرة!

 الفرع والوفيرة في حكم الفرع والعتيرة!


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه.

وبعد:


فإن الذبح.. عبادة بدنية مالية، لا تشرع إلا بدليل؛ لأن الأصل في العبادات، التوقف.


والذبائح، أنواع كثيرة، منها: ذبيحة الفرع والعتيرة، وتطلق على شاة، كانوا يذبحونها، في العشر الأُول من رجب.


وتطلق أيضاً: على الذبيحة التي كانوا يذبحونها لأصنامهم، ثم يصبّون دمها على رأسها.


وقد اختلف الفقهاء، في حكمها، على أقوال، ملخصها، ثلاثة أقوال:


الأول: الكراهة؛ وهو قول المالكية، وقول لبعض الشافعية، والحنابلة؛ وحجتهم: أن العتيرة، منسوخة.


واستدلوا، بحديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (لا فرع ولا عتيرة).

رواه البخاري.


وجزم الشيخ محمد ابن إبراهيم آل الشيخ، في (فتاويه: ٦/ ١٦٥) بتحريم العتيرة، وقال: "قوله صلى الله عليه وسلم: (لا فرع ولا عتيرة) فيما أفهم الآن، أنه: أقرب إلى التحريم".



الثاني: الاستحباب؛ وهو قول لبعض الشافعية، والحنابلة.


واستدلوا، بعدة أحاديث، منها:

عن مخنف بن سليم الغامدي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال بعرفات: (يا أيها الناس، على كل أهل بيت، في كل عام أضحية وعتيرة.. هل تدرون ما العتيرة؟ هي التي تسمونها: الرجبية).

رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجة، والبيهقي، وحسنه الألباني في (صحيح أبي داود).


وعن نبيشة، أنهم قالوا: يا رسول الله: إنا كنا نعتر في الجاهلية، يعني في رجب؟ قال: اذبحوا لله، في أي شهر كان، وبرّوا لله، وأطعموا).

رواه النسائي.


وعن الحارث بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم، سئل عن الفرع والعتائر؟ فقال: من شاء فرع، ومن شاء لم يفرع، ومن شاء عتر، ومن شاء لم يعتر).

رواه النسائي، وضعفه الألباني، في (ضعيف النسائي)


وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم، سئل عن العتيرة؟ فقال: العتيرة حق).

رواه أحمد، والنسائي، وحسنه الألباني، في (صحيح الجامع: ٤١٢٢)



وهو قول ابن سيرين وغيره من العلماء.


قال ابن رجب: "وحكاه الإمام أحمد، عن أهل البصرة، ورجحه طائفة من أهل الحديث المتأخرين، ونقل حنبل عن أحمد نحوه".

(لطائف المعارف: ١١٧).


وقال ابن رجب أيضاً: "وهؤلاء جمعوا بين هذه الأحاديث، وبين حديث أبي هريرة (لا فَرَع ولا عتيرة) بأن المنهي عنه هو: ما كان يفعله أهل الجاهلية من الذبح لغير الله، وحمله سفيان بن عيينة على أن المراد به نفي الوجوب.

(اللطائف: ١١٨).



قال ابن حجر: "واستنبط الشافعي، منه: الجواز؛ إذا كان الذبح لله، جمعاً بينه وبين حديث (الفَرَع حق)؛ وهو حديث أخرجه أبو داود، والنسائي، والحاكم، من رواية داود بن قيس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبدالله بن عمرو.


وقال الشافعي -فيما نقله البيهقي من طريق المزني عنه-: الفَرَع شيء كان أهل الجاهلية يذبحونه، يطلبون به البركة في أموالهم، فكان أحدهم يذبح بكر ناقته أو شاته؛ رجاء البركة فيما يأتي بعده، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، عن حكمها، فأعلمهم أنه لا كراهة عليهم فيه، وأمرهم استحباباً، أن يتركوه حتى يحمل عليه في سبيل الله.


وقال النووي: نص الشافعي، على أن الفرَع والعتيرة.. مستحبان.


وقال أيضاً: الصحيح، عند أصحابنا: استحباب الفرَع والعتيرة".

ينظر: (فتح الباري: ٩/ ٥٩٦) بتصرف.



الثالث: الإباحة، وهو قول وسط، بين التحريم والاستحباب؛ جمعاً بين الأدلة.

قال ابن حجر: "وقوله (حق)؛ أي: ليس بباطل، وهو كلام خرج على جواب السائل، ولا مخالفة بينه وبين الحديث الآخر: (لا فَرَع ولا عتيرة)؛ فإن معناه لا فرَع واجب، ولا عتيرة واجبة، وقال غيره: معنى قوله: (لا فرَع ولا عتيرة)؛ أي: ليسا في تأكد الاستحباب كالأضحية؛ والأوَّل، أولى".

(فتح الباري: ٩/ ٥٩٦)


وأورد المجد ابن تيمية، في (المنتقى) عدة أحاديث، في مشروعية العتيرة، فقال الشوكاني، في (نيل الأوطار: ٥/ ١٦٦): "وقد اختلف في الجمع بين الأحاديث المذكورة، والأحاديث الآتية، القاضية بالمنع من الفرَع والعتيرة، فقيل: إنه يجمع بينها، بحمل هذه الأحاديث على الندب، وحمل الأحاديث الآتية على عدم الوجوب ذكر ذلك جماعة؛ منهم: الشافعي، والبيهقي وغيرهما، فيكون المراد بقوله: (لا فَرَع ولا عتيرة)؛ أي: لا فرع واجب، ولا عتيرة واجبة".


وقال ابن قدامة: "فإذا ثبت هذا.. فإن المراد بالخبر؛ نفي كونها سنة، لا تحريم فعلها، ولا كراهته، فلو ذبح إنسان ذبيحة في رجب، أو ذبح ولد الناقة لحاجته إلى ذلك، أو للصدقة به، أو إطعامه.. لم يكن ذلك مكروهاً".

(المغني: ٩/ ٤٦٥)


وقال النووي: "فأما تفريق اللحم، على المساكين.. فبر وصدقة، وقد نص الشافعي، أنها: إن تيسرت كل شهر، كان حسناً".

ينظر: (شرح مسلم: ١٣/ ١٣٧) و(المجموع: ٨/ ٤٤٦) و(روضة الطالبين: ٣/ ٢٣٣)



وقال الألباني: "هذا، وقد أفادت هذه الأحاديث.. مشروعية الفرَع؛ وهو الذبح أول النتاج، أن يكون لله تعالى، ومشروعية الذبح في رجب وغيره، بدون تمييز وتخصيص لرجب على ما سواه من الأشهر، فلا تعارض بينها وبين الحديث المتقدم (لا فَرع ولا عتيرة)؛ لأنه إنما أبطل صلى الله عليه وسلم، به الفرع، الذي كان أهل الجاهلية يذبحونه لأصنامهم، والعتيرة -وهى الذبيحة- التي يخصون بها رجباً، والله أعلم).

(إرواء الغليل: ٤/ ٤١٣)


وأجازها شيخنا العلامة مقبل الوادعي، بتصحيحه حديث نبيشة، قال: "هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين".

(الجامع الصحيح: ٤/ ٢١٤).


وأجاز الشيخ العثيمين: الفرع، وكره العتيرة.

(الشرح الممتع: ٧/ ٣٢٥)


وأجابوا عن حديث: (لا فرَع ولا عتيرة).. بثلاثة أجوبة:


أحدها: أن المراد، نفي الوجوب.


الثاني: أن المراد، نفي ما كانوا يذبحونه لأصنامهم.


الثالث: أن المراد، أنهما ليسا كالأضحية، في الاستحباب، أو ثواب إراقة الدم.


وأجابوا عن دعوى النسخ.. بأنها غير مسلّمة، ولا يقال بالنسخ هنا؛ لرواية الحارث بن عمرو -والذي فيه الأمر بالعتيرة- وكان ذلك في حجة الوداع، وهي بعد إسلام أبي هريرة، كما هو معلوم.


وكذلك الأحاديث، الدالة على النهي عن العتيرة، ليس فيها بيان زمن وقوع النهي بالنسخ؛ فلا يصار إليه.


ثم إنه، يمكن الجمع بين القولين؛ بأن تحمل أحاديث النهي، على من قصد الذبح للصنم، أو الذبح لغير الله تعالى، والأحاديث الأخرى، على الأصل والجواز، ومن قرأ أقر.



والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.



وكتب: أبو نعيم وليد بن عبده الوصابي.

١٤٣٦/٧/٨

١٤٣٨/٧/٣

١٤٤٢/٧/٧


الجمعة، 19 فبراير 2021

رحيل أحد أكابر علماء الأتراك!

رحيل أحد أكابر علماء الأتراك!

#وفاة_علم


توفي اليوم، مساء الجمعة ١٤٤٢/٧/٧، مجيزنا، الشيخ العلامة، والمجاهد الزاهد، والمنور المعمر: محمد أمين سراج التوقادي التركي.


المدرس في مسجد السلطان محمد الفاتح.


كان عالماً عاملاً، درس على أكابر علماء عصره، في أنحاء المعمورة، من عرب وعجم، حتى عجم عوده، فكثر رواده، وأخذ عنه ثلة من أهل العلم وطالبيه، بين دارس ومستجيز.


وقد كان مولده، عام ١٩٣١م، في توقاد، ودأب على الطلب في صغره، عند والده، في خفية عن الحزب الكافر، حتى أسر والده، فواصل تعليمه، حتى تخرج على يد علماء الزمان.


رحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه جنات تجري تحتها الأنهار.


وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي.

١٤٤٢/٧/٧

الأربعاء، 17 فبراير 2021

شناعة أقوال وبشاعة أفعال!



شناعة أقوال وبشاعة أفعال!

قرأت حكاية عن ابن أبي الزناد.
وهي كما وجدتها:
قال ابن أبي الزناد، لعمه: ماذا أصنع عند الجماع؟
قال: يا بني: إذا خلوت، فاصنع ما أحببت.
قال: يا عم، أنت ماذا تصنع؟ قال: يا بني، لو رأيت عمك يجامع، لظننت أنه لا يؤمن بالله العظيم!

قلت: عندما قرأتها، استغربتها واستعجبتها، واستشنعتها واستبشعتها، فلما رجعت إلى مرجعها، لم أجد -حسب بحثي-، من ذكرها، غير الجاحظ، في كتابه (تفاخر السودان والبيضان) وفيه من الفحش ما ينأى عنه السمع، وينبو الطبع.
على أنه قال -بعد الحكاية-: (وهذان من ألفاظ المجان)!

قلت: وابن أبي الزناد، هو الإمام عبد الرحمن بن أبي الزناد، من سلسلة إسناد البخاري، فيبعد أن يسأل ذلك، أو يتظرف بما هنالك.

وإن كان، فلا يكون ذيوع هذا على العام والعامة.
وإذا كان من عقل الرجل أن يخفي بعض الحديث في الدين والعلم، فكيف بإفشاء مثل هذا التمجن والتجنن!

وفي صحيح البخاري، عن علي موقوفاً: حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذّب الله ورسوله؟!

ونحوه في مقدمة صحيح مسلم، عن ابن مسعود قال: ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة.

وكان ابن عباس.. يخفي أشياء من حديثه، ويفشيها إلى أهل العلم.

وعن علي: خالق الفاجر مخالقة، وخالص المؤمن مخالصة، ودينك لا تسلمه لأحد.

وعلى كل: من أتانا بالسند الصحيح المتصل إليه، وإلا فلا يحل رواية مثل هذا.

وإذا وجدنا السند الصحيح المتصل.. فما لنا ولمثل هذه الروايات، وهاته الأقوال، وتلك الأفعال.. مالك ولها، دعها وشانها، وخلها وحالها، قالها رجل لا نبي، وماذا تفيدنا، وما الذي ترفدنا؟!

إن الإنسان، ليس بمعصوم، وهو من الغغلة والسهو بمكان.. أفنتبعه في كل سقطة، ونتتبعه على كل ساقطة؟!

أما وجدنا في حكاية ألفاظ العفاف والعفائف.. كفاية، حتى نتمجن ونتماجن؟!

أفليس التحرز عن هذه الأقوال، أهدى طريقا، وأقوم سبيلا، مع جلال قدر قائليها؟!

ودائماً دائماً.. تجد -إذا أمعنت وأنعمت-؛ أن هذه الأقوال، مدخولة أو منحولة؛ لأمور:
-إما أنهم تحدثوا بها عن حال معينة، وفي زمن معين.
-أو أنهم تحدثوا بها سراً لبعضهم، على وجه الهزل والتندر.
-أو أنها لا تصح إليهم؛ لضعف السند، أو نكارة المتن.

والعجيب، أنا نجد في كتب المصطلح: (نكارة المتن وإن صح السند) ولكن، كأن بعضهم، يعني بذلك، نكارة متن الحديث المرفوع فقط، لا الموقوف والمقطوع!
فاعجب.

‏ولله در شيخ الإسلام ابن تيمية؛ حين نبه على هذا، بقوله: "والمنقول عن السلف والعلماء، يحتاج إلى معرفة بثبوت لفظه، ومعرفة دلالته، كما يحتاج إلى ذلك المنقول عن الله ورسوله".
(مجموع الفتاوى: ١/ ٢٤٦)

وعلى كل، فمثل هذه الأقوال، أو الأفعال؛ لا يصلح حكايتها أمام الأحداث أو العوام؛ لأنها لا تخلو من حالين: إما وضع اللائمة على العلماء والأئمة، ونزع الثقة منهم. وإما النيل من الدين، والخوض مع المبطلين، وربما يكون هذا طريقاً إلى الزيغ والضلال.
نسأل الله السلامة والعافية.

ثم إن كثيراً، مما يورده الجم من أهل الأدب والتاريخ، كـ (الأغاني) و(المستطرف)، و(العقد)، و(محاضرات الأدباء)، و(رسائل الجاحظ)، و(الدارات) ونحوها.
فيها كل فظيع مستفظع، وكل قبيح مستبشع.
وليس هي كتب رواية واستقصاء، إنما كتب أدب ومسامرة، فلا يؤخذ منها التاريخ الصحيح، أو الرواية الوثيقة -كما فعل بعض الحنق-!
فلننأ عن ذاك، وفقني الله وإياك.

وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي.
١٤٤٠/٥/٩


رحيل أحد علماء التهائم!

 رحيل أحد علماء التهائم!

#وفاة_علم


توفي اليوم، السيد العلامة المسند: أحمد بن عبد العزيز القديمي، عن عمر جاوز التسعين، قضاها في خدمة العلم والتدريس والفتيا.

 

وقد زرته قبل أسبوع، واستجزته لي ولكثير من أصحابي.

وعندما زرته، وسألته عن عمره، فقال: يزيد على التسعين.


ولا زالت في يده أوراق يراجعها؛ ليفتي أصحابها، وقد قال لي: زرني مرة أخرى!

ولكن: فاجأه الموت -والله المستعان-.

رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه جنات شاسعة.


وهو أحد أصحاب الأسانيد اليمانية التهامية العالية، الذين يبذلونها للآخرين، دون لأي أو أثرة، مع تنكر البعض لهم، فالله مجازيهم، ولهؤلاء حسيب.


وقد اتصلت الآن على ابنه محمد عبد العزيز، معزياً له ولإخوته وأخواته وذويه، فأخبرني: أنه توفي الساعة الخامسة من عصر هذا اليوم، في مشفى الأمل، بالحديدة.


وأخبرني أنه كان مريضاً، منذ زيارتي له، ولكنه كان ينظر في الفتاوي والأوراق، دون كلل أو ملل أو ضجر!

إنا لله وإنا إليه راجعون،،


وكتب: وليد بن عبده الوصابي،،

١٤٣٧/٥/٨

الاثنين، 15 فبراير 2021

بابا: تقدر ترسل لي فلوس.. عشان أشتري جزمة!

 بابا: تقدر ترسل لي فلوس.. عشان أشتري جزمة!


هذه رسالة، من صبية صغيرة، كما هي، بلا تزويق أو تسويق، أرسلَتها إلى والدها، في ديار الغربة البئيسة!


أراني إياها، والدها، ويكاد الدمع ينحجر في محجره ويتحجر، ويخلولق الدم في جسده أن ينفجر ويتفجر!


أرانيها -ولم أكن صديقه، وإنما هي موافقة ومصادفة-؛ لأشاركه همه وغمه، ولا يبغي مني ديناراً ولا درهما، إنما يبغي الاستدلال لي: أن الغربة، خلبة ونهبة، (وقد يستدل بالمثال، إذا عدم الدليل، أو أعوز الاستدلال)!


آه، أبا أحمد، ليتك، لم ترني ما أريتني.. ليس تبرماً أو تورماً، ولكن رسالة فلذتك، قد آذتني -والله- وأنكتني.


بكيت براءتها، وخفة ظلها، وحسن أدبها، وجمال لفظها. (وما أبرأ الصغار، في كل ما يقولون ويفعلون!)


أحزنتني رسالتها: الصغيرة الكبيرة، في آن واحد!

صغيرة، في صِغر طلبها.

وكبيرة، في تعليق الإرسال، على قدرة والدها!


وقد وقفت عند هذا التعليق.. أنظره .. أتأمله .. أتفحصه.. فلم أخرج إلا بحَزن وشجن، وأسى وقسى، وسرح وترح، ولكن "لله الأمر من قبل ومن بعد".


ثم وردت بخَلدي، ودارت بفكري.. أسئلة كثيرة:


-كيف لهذه البنية.. أن تمشي بين لِداتها، بنعل مهترئة، بل منقطعة؟!


-كيف لهذه الصبية.. أن تقدم عقلها، على عاطفتها، وقد عجزت ذلك، كبار النساء وكبرياتهن؟!


-لماذا لم تخبر أمها، بانقطاع نعلها؟!


-لماذا طلبت الإرسال لنفسها، في كلمة "لي"؟!


-لماذا لم تطلب قبلاً، نعلاً ثانية، قبل انقطاع فردتها، -كما هو شأن الكثيرات؟!


-هل هناك صغيرة غيرها، تطلب ما طلبت، أو تعاني مما عانت؟!


-هل أدرك صبيات غيرها، بعِظم هذا الطلب؟!


-هل توقع بنيات غيرها، زوال النعم، التي يغتدون فيها ويروحون؟!


-ما هو حالها، وقد عجز والدها، عن شراء نعلها؟!


-ماذا لو علمت تريباتها، برسالتها هذه؟!


أسئلة كثيرة، لا أطرحها على ضيفي، بل أطرحها على نفسي، وعلى من شاء من بني جنسي.. علّ فيها عظة واعتباراً، ونبهة واذكاراً.


وأختم، دون ختْم أو ختام، فماذا عساي أن أختم، وقد خُتم على القلوب، واختُتمت الدروب-.


وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي.

١٤٤٢/٧/٣

مرض الشوكاني.. وشفاء الكتب!

 مرض الشوكاني.. وشفاء الكتب!


مرض الإمام محمد بن علي الشوكاني عام ١٢٢٤، فخاف على كتبه وتآليفه.


فأنشد من قيله:

سلام على تلك الدفاتر، إن لي *** بهن غرام فوق كل غرامِ


سلام عليها ما حييت وإن أمتْ *** فهذا وداع، والدموع دوامي


على أنها ألقت مقاليد وصلها *** إليّ وهامت بي كمثل هيامي


ولكنني لو عشت ما عشت لم أقل *** شفيت غرامي أو قضيت غرامي



قال أبو نعيم: وقد استجاب الله لعبده الشوكاني، فعمّر بعد هذه السنة ٢٦ سنة؛ فعاد على كتبه، فحررها، ونقحها وقررها، وأخرجها راضية نفسه، قارة عينه.


(ملاحظة: وهم موقع البابطين فنسب الأبيات لتلميذه يحيى بن المطهر)


وهو القائل:

موتوا إذا شئتم قد صار من كلمي *** من نصرة الحق ما حررت من كتبِ


وفي رواية:


موتوا إذا شئتم قد طار من كلمي *** من نصرة الحق ما حررت من كتبِ


ينظر: الأدب اليمني: عصر خروج الأتراك الأول من اليمن: ٩٣) بتصرف. وقد نقل من (الأسلاك اللؤلؤية) وهو مخطوط.

قلت: والشفاء بالكتب، والاستشفاء بالدفاتر.. قد كان من كثير من العلماء، والمُتيمين بالعلم. 


قال نصر بن عبد الرحمن الإسكندري النحوي: 

أقلِّب كتباً طالما قد جمعتُها *** وأفنيتُ فيها العين والعين واليدا

وأصبحتُ ذا ضن بها وتمسكٍ *** لعلمي بما قد صغت فيها منضدا

وأحذر جهدي أن تنال بنائلٍ *** مُبيرٍ، وأن يغتالها غائل الردى

وأعلم حقاً أنني لستُ باقياً *** فيا ليت شِعري من يقلبها غدا


وقال ابن حجر:

وإذا الديار تنكرت سافرت في *** طلب المعارف هاجراً لدياري

وإذا أقمت فمؤنسي كتبي، فلا *** أنفك في الحالين من أسفاري


قال ابن القيم: "وحدثني شيخنا قال: ابتدأني مرض، فقال لي الطبيب: إن مطالعتك وكلامك في العلم يزيد المرض. فقلت له: لا أصبر على ذلك، وأنا أحاكمك إلى علمك، أليست النفس إذا فرحت وسرت، قويت الطبيعة، فدفعت المرض؟ فقال: بلى. فقلت له: فإن نفسي تسر بالعلم، فتقوى به الطبيعة، فأجد راحة. فقال: هذا خارج عن علاجنا. أو كما قال".

(روضةالمحبين: ٨٠)

فرحمة الله على إمامنا الأجل، وعالمنا المبجل، وأسكنه فسيح جناته، فقد تعنى في تواليفه، فجاءت في حلة قشيبة، ومنظر زاهٍ.. يسر الناظرين، فلله دره، وعلى الله شكره.


وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي.

١٤٣٨/٥/١٨


الأحد، 14 فبراير 2021

قطع اللَجَب فيما يتعلق بشهر رجب!

 قطع اللجب فيما يتعلق بشهر رجب!


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه.


وبعد:

فهذه تنبيهات وتنويهات، عن شهر رجب الحرام، وبعض ما يتعلق به من أحكام، أرجو أن تكون وافية كافية شافية، ونافعة دافعة شافعة.


جمعتها في هذا المقال، لعل فيها فائدة وعائدة، والأجر من الكريم المتعال.


سمي رجب رجباً؛ لأنه كان يرجب: أي يعظم.

(قاله الأصمعي، والمفضل، والفراء).


وقيل: لأن الملائكة، تترجب للذكر، وقد ورد في ذلك حديث، لكنه لا يصح.


أسماء شهر رجب:

وقد وردت أسماء عديدة، لشهر رجب، مما يدل على شرفه وفضله، كما هو معلوم لدى العرب، وهذا ما وجدته من أسمائه:

١- شهر الله.

٢- ورجب.

٣- ورجب مضر.

٤- ومنصل الأسنة.

٥- والأصم.

٦- والأصب.

٧- ومنفس.

٨- ومطهر.

٩- ومعلي.

١٠- ومقيم.

١١- وهرم.

١٢- ومقشقش.

١٣- ومبرئ.

١٤- وفرد.

١٥- ورجم بالميم.

١٦- ومنصل الآلة.

١٧- ومنزع الأسنة.


دعاء دخول رجب:

قد دعاء خاصاً، عند دخول شهر رجب، وهو: (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان) عن أنس بن مالك رضي الله عنه، رواه أحمد، والبيهقي، وهو من رواية زائدة بن أبي الرقاد، عن زياد النميري، وهو ضعيف.

ينظر: (شعب الإيمان: ٣/ ٣٧٥)


وقد ضعف الحديث، جمع من أهل العلم، منهم: النووي، في (الأذكار:١٨٩) وابن رجب في (لطائف المعارف: ١٢١) والألباني، في (ضعيف الجامع، رقم: ٤٣٩٥)


قلت: ولكن، قد ورد دعاء عام، عند رؤية هلال كل شهر، في روايات كثيرة، منها: عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا رأى الهلال، قال: (اللهم أهلّه علينا باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام ربي وربك الله).

رواه الترمذي، وصححه الألباني في (صحيح سنن الترمذي) وينظر: (سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم: ١٨١٦)


صلاة الرجبية:

قال النووي: "واحتج به العلماء، على كراهة هذه الصلاة المبتدعة، التي تسمى: الرغائب، قاتل الله واضعها، ومخترعها، فإنها بدعة منكرة من البدع التي هي ضلالة جهالة، وفيها منكرات ظاهرة، وقد صنف جماعة من الأئمة، مصنفات نفيسة، في تقبيحها، وتضليل مصليها ومبتدعها، ودلائل قبحها وبطلانها، وتضليل فاعلها؛ أكثر من أن تحصر".

ينظر: (شرح صحيح مسلم: ٨/ ٢٠) و(نيل الأوطار، للشوكاني: ٤/ ٣٣٧)


 صلاة النصف من رجب:

وهي بدعة محدثة، اعتمد محدثها، على حديث من الأحاديث الموضوعة.

ينظر: (الموضوعات، لابن الجوزي: ٢/ ١٢٦)


قلت: وللعلامة أبي القاسم بن أحمد بن إبراهيم ابن مطير اليمني، تـ٨٤٤، رسالة، أسماها: (الكفاية في الرد على من أنكر صلاتي رجب وشعبان)!

لم أطلع عليها، ولكن، لا أدري، ما الذي أورده فيها، والأمر واضح البينة والدلالة، على بطلانها.


صلاة ليلة المعراج:

وهي صلاة، تصلى ليلة السابع والعشرين، زاعمين أنها ليلة المعراج، وهذا تاريخ لم يثبت، بل هي من البدع المحدثة، التي لا أصل لها صحيح.

ينظر: (خاتمة سفر السعادة: ١٥٠) للفيروزابادي، ويرجع إلى كثير من الكتب المؤلفة في البدع.


وقد "ذكر بعض القصاص: أن الإسراء، كان في رجب، وذلك عند أهل التعديل والتجريح.. عين الكذب".

ينظر: (الباعث الحثيث: ٢٣٢) و(مواهب الجليل: ٢/ ٤٠٨)


 

العمرة في رجب:

لا دليل على تخصيص شهر رجب، بعمرة فيه، وليس له مزية أو فضيلة، وردت في الشرع المطهر.


ولكن تبقى المسألة، محل اجتهاد؛ لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم: اعتمر في رجب، ولكن وهّمته عائشة رضي الله عنها، في ذلك. كما في (صحيح مسلم، رقم: ١٢٥٥)


وهذه بعض الآثار في ذلك:

ثبت وصح، أن ابن عمر، كان يعجبه العمرة في رجب.

(فضائل شهر رجب: ٩) للخلال.


وجاء بسند صحيح، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه، قال: اعتمرت مع عمر وعثمان، في رجب.

(مصنف ابن أبي شيبة: ١٣٥٠١) (13501)

 

وجاء بسند صحيح، أن أم المؤمنين عائشة، كانت تفعلها.

(مصنف ابن أبي شيبة: ١٣٤٩٦)


قال الحافظ ابن رجب: "ونقل ابن سيرين: عن السلف أنهم كانوا يفعلونه".

(اللطائف: ١٨٧)


وفي (مواهب الجليل: ٣/ ٢٩): "واستمر عمل الناس اليوم، على الإكثار منها، في رجب وشعبان ورمضان".


قلت: وهو قول العلامة ابن باز. ينظر: (مجموع فتاواه: ١١/ ٤٨٩)، والشيخ ابن عقيل، كما في (فتاويه: ٢/ ٢٥٥)


الفرع والعتيرة:

وردت في فعلها ونسخها.. أحاديث، صحيحية، عن النبي عليه الصلاة والسلام، والجمع: أن النسخ عنها، نسخ للوجوب أو الاستحباب.

ينظر: مقالي (الوفيرة في حكم العتيرة)


 


الصيام في رجب:

يستدلون بأحاديث، ولكنها موضوعة.

ينظر: (الواهيات) و (الموضوعات) و (ميزان الاعتدال) ونحوها.


قال ابن القيم: "كل حديث، في ذكر صوم رجب، وصلاة بعض الليالي فيه.. فهو كذب مفترى". ينظر: (المنار المنيف: ٩٦)


قلت: هذا في تخصيص شهر رجب، ولكنه، جاء عن عثمان بن حكيم قال: سألت سعيد بن جبير عن صوم رجب -ونحن يومئذ في رجب-؟ فقال: سمعت ابن عباس رضي الله عنه، يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم).

وهذا صوم عام، لا يختص بزمن معين، بل قد يوافق شهر رجب، وقد لا يوافق.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما صوم رجب، بخصوصه.. فأحاديثه كلها ضعيفة، بل موضوعة، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها، وليست من الضعيف الذي يروى في الفضائل، بل عامتها من الموضوعات المكذوبات".

(مجموع الفتاوى: ٢٥/ ٢٩٠)


وقال ابن القيم: "كل حديث في ذكر صيام رجب، وصلاة بعض الليالي فيه؛ فهو كذب مفترى".

(المنار المنيف: ٩٦).


وقال الحافظ العراقي: "لا يصح في فضل رجب حديث".

ينظر: (فيض القدير: ٤/ ١٨).


وقال ابن حجر: "لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه، ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه.. حديث صحيح، يصلح للحجة، وقد سبقني إلى الجزم بذلك: الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ، رويناه عنه بإسناد صحيح، وكذلك رويناه عن غيره".


وقال أيضاً: "وأما الأحاديث الواردة في فضل رجب، أو في فضل صيامه، أو صيام شيء منه صريحة.. فهي على قسمين: ضعيفة، وموضوعة".

(تبيين العجب: ١١)


قاعدة مهمة في شهر رجب:

وردت عدة أحاديث مخصوصة، في فضل مجموعة من الأعمال، في شهر رجب، كصيام بعض الأيام المعينة، وصلاة بعض الصلوات المخصوصة، وبعض الأدعية والأذكار، وما إلى ذلك، ولا يصح منها شيء، ولا يثبت في فضل رجب حديث مخصوص، باتفاق أهل المعرفة بالحديث.


وهاك بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة عن شهر رجب:

- إن في الجنة نهراً، يقال له رجب ... من صام من رجب يوماً، سقاه الله من ذلك النهر ...)

قال الذهبي: باطل.


- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل رجب، قال: (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان).

ضعيف، كما مر.


- لم يصم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد رمضان، إلا رجب وشعبان.

ضعيف.


- رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي.

باطل.


-من صام من رجب إيماناً واحتساباً ومن صام يومين ... ومن صام ثلاثة ...

موضوع.


-فضل رجب على سائر الشهور ... موضوع.


- رجب شهر الله ويدعى الأصم ...

موضوع.


- من فرج عن مؤمن كربة في رجب ...

موضوع.


-إن أيام رجب مكتوبة على أبواب السماء السادسة، فإن صام الرجل منه يوماً ...

في إسناده كذاب.


-الحديث الوارد، في صلاة أول ليلة منه.

موضوع.


-صيام يوم من رجب، مع صلاة أربع ركعات فيه، على كيفية معينة في القراءة.

موضوع.


- من صلى ليلة سبع وعشرين، من رجب اثنتي عشرة ركعة ...

موضوع.


- من صلى ليلة النصف من رجب أربع عشرة ركعة ...

موضوع.


- بعثت نبياً في السابع والعشرين من رجب ...

إسناده منكر.


هذا ما تيسر تجميعه وترتيبه، وأسأل الله أن يهدي قلوبنا، ويشرح صدورنا لقبول الحق، والعمل به، والانشراح له، والدعوة إليه، والاستمرار عليه، والصبر على الأذى فيه.

والحمد لله رب العالمين.


وكتب: أبو نعيم وليد بن عبده الوصابي.

١٤٣٨/٧/٨

١٤٣٨/٧/٣

١٤٤٢/٧/٣

سفالة رواية! قراءة ونقد لرواية: موسم الهجرة إلى الشمال!

 


سفالة رواية!

قراءة ونقد لرواية موسم الهجرة إلى الشمال!


في هجعة من وقت القيلولة، جفاني السرور، وعافني السلاء، فتناولت هاتفي، وفتحت اليوتيوب (ولا أدري، ما هو الأنسب في تعريبه)!


فتحته، فوقع بصري، على إلقاء صوتي، لرواية (موسم الهجرة إلى الشمال)، ولم أكن قرأتها في حياتي، على كثرة طرق سمعي لها، من بعض الصحاب!


وأذكر، أن أحد أصفيائي، أخبرني: أن فيها شيئاً من الجنس!


وقبل أيام، قرأت لمغرد: أنه قرأها، ولم يجدها، كضجتها!


وعلق آخر: أنه بدأ في قراءتها، ولم يسطع إكمالها!


كل هذه الآراء.. جعلتني أزداد يقيناً، برأيي نحو جل الروايات، إن لم يكن كلها!


وفي تيك الهجعة، التي انفصمت فيها الروح عن الجسد، سعيت للتخفيف عن نفسي وروحي، (وليتني، ما فعلت، وأختلس سنحة، لأقول: ليتنبه الإنسان، في حال فرحه وترحه، وفي زمن غربته وفراغه، فقد يقع على ما يكره، في وقت غفلة، وربما صعب النزع)


أقول: بدأت بسماع تيك الرواية الشادخة للحياء، والقاتلة للمروءة، والمسيلة للدماء، والقاضية على الذماء، ولا زلت في استماع، حتى أراد الله صرفي عنها، فغشيتني سِنة من النوم، والمسمعة (السماعة) في أذني!


ثم استيقظت، وكأن جسدي على مثل الشوك (أعاذنا الله من البلاء واللأواء) صحوت، ولا زال الهذر والهذي، يصم أذني النئية -بحمد الحميد- عن مثل هذا!


وواصلت -تأثماّ والله- جزءاً يسيراً، من ذلك السقط والسخط، حتى أقفلته، مستغفراً الغفور.


أغلقته، وأنا في تعجب، هل يعقل أن يهرف مسلم، بمثل هذا الانحطاط.. وإذا جرى، أيليق بمسلم، أن يقرأ، مستمتعاً بذلك؟!

اللهم عصمة منك.


وتعجبت من بعض الناس.. كيف له أن يقرأ أو يسمع، ذاك السقوط المدوي، والهبوط السافل- في الخنا والزنا!


تساءلت: كيف تطيب نفس مؤمن، أن يقرأ أو يستمع، لتيك السفالة والنذالة، التي استولت على كاتبها إلى أسفل سافلين، وجعلته أرذل الأرذلين!


إنه لم يترك لنفسه، ذرة من إيمان، ولا خصلة من مروءة، ولا نقيراً من أدب، ولا فتيلاً من حياء، ولا قطميراً من كرامة!


إنه أناني إلى النهاية  .. بهيمي للغاية  .. بوهيمي لحد الشناعة  .. جنسي لدرجة القذاعة!


لا أطيل عن كاتبها السافل، فكل عاقل قرأها، يدرك ذلك، بلا مواربة أو مناكثة، فهي بنفسها منادية على نفسها بالخزي والعار، والهذي والشنار.


إنما الذي أريد قيله، هو: التنبه لما يقرأ المسلم، والانتباه لما يسمع، فرُب كتاب، أورث خزياً، وخلّف عاراً، وبلبل فكراً، واختلب لُباً، فإذا نشب الإنسان في شهوة أو شبهة، ربما عزّ عليه فراقها، وشق عليه صرامها، و(السلامة، لا يعدلها شيء)


إذا أنت لم تعصِ الهوى قادكَ الهوى *** إلى بعض ما فيه عليك مقالُ


وقال الطغرائي:

إذا ما الهوى استولى على الرأي لم يدَع *** لِصاحبه في ما يراه صوابا


آخر:

‏‎والنفس إن صلحت زكت، وإذا *** خلت من فطنة، لعبت بها الأهواءُ


وإياك والتجربة الخاسرة، فكم من تجربة، كان فيها الحتف!

وقد جرب غيرك، فلم يرو غليله، ولم يشف عليله، بل وجد بلبلة ولبلبة، فلا تجرب "تلك إذاً كرة خاسرة"!


ولا أريد الإطالة، فقد عالجت هذا الأمر، في مقال آخر -يسره المُيسر-.


وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي.

١٤٤٢/٧/١


الجمعة، 12 فبراير 2021

العشق بين اليوم وبين القوم!

العشق بين اليوم وبين القوم!

‏‎‎كان هناك حُباً، يسمى: عشقاً عفيفاً، وعَلقاً لطيفاً، ويعرف، بـ الحب العُذري!


ولم يكن يُقصد إليه، أو يحرص عليه، إنما يكون -في الغالب- عرَضاً:


قال ذو الرمة:

تلك الفتاة التي علقتها عرضاً *** إن الكريم وذا الإسلام يختلبُ


قال الباهلي: "شيء اعترضه، ولم يعلم به، إن الكريم "يختلب"، أي: يخدع عن عقله".

(شرح الباهلي: ١/ ٣٨)


عند ذلك.. يتوله القلب ويتولع، ويتعلق الفؤاد ويتمزع.. لكن صاحبه، يعف ويكف، ويتورع وعن السفاسف يترفع، فلا يرفع غطاء، ولا يكشف مخبأ.


أما اليوم، فالعشق خبثاً وقذراً، ووسخاً ومسخاً، لا يتم، إلا بكشف المستور، وإسماع المحظور، دون ابتغاء زواج أو عفاف، بل كسر زجاج وزحاف، فهو للتسلية والتزجية!


أقول: هذا في الأعم الغالب، ولكن لا بد من الاستثناء حتى لا أهضم أو أظلم، والحكم يكون على كل فرد بمفرده، وكل أدرى بنفسه، وما توسوس به نفسه!

وعلى كل، فالعشق: مشغل للعقل، مبلبل للقلب، مقلق للنفس، مؤذ للجسد، ولا يكون إلا مع تكرار النظر، وإعادة البصر، و"السلامة، لا يعدلها شيء". سلمنا الله أجمعين.


وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي.

١٤٤٢/٦/٢٠


الثلاثاء، 9 فبراير 2021

اختيار الألفاظ من دقيقي الألحاظ!

 اختيار الألفاظ من دقيقي الألحاظ!

قرأت كلمة للعلامة المحقق النافع، اللغوي الخريت البارع: عبد العزيز بن الحاج عبد الكريم بن يعقوب بن أباني الميمني الراجكوتي -رحمه الله- يصف نسخة وقف عليها من كتاب (لسان العرب) لابن منظور الإفريقي -رحمه الله- يقول فيها:

"والنسخة المتوفرة من الكتاب؛ تستحق منا، كل إشادة وتقدير، وقد كتبها خطّاط أندلسي، مع كامل المراعاة للصحة.

ومقاس أوراقها، أطول ما يكون، حيث لم أُشاهد أي كتاب آخر، يُضاهي هذا الكتاب: طولاً وعرضاً، فلا تتسع له طاولة، حيث تَستدِلُ أطرافه يميناً ويساراً، وعلى كونه في ٢٠ مجلدات (لعل صوابها: من المجلدات، أو ٢٠ مجلداً) لا تزيد أوراقه عن ١٥٠، ويُحيّرُني، كيف وصل من بداية السّطر إلى نهايته عند الكتابة"؟!

(مجلة المجمع العلمي الهندي: ١١ / ٩٢).


التعليق:

عندما رأيت لفظة (تستدِلُ) في كلام عبد العزيز -رحمه الله-، وهي -كما يوحي سياق الكلام-، بمعنى: ترتخي وتتهدل يمنة ويسرة.


قلت في نفسي: لماذا لم يختر لفظة "انسدل" الذي ربما كانت أكثر وضوحاً، وأبعد عن الاشتباه بالثقيلة؟

وجذرها: سدل، ومضارعها: يسدل وينسدل، ومصدرها: انسدالاً.


والسدل لغة: الارتخاء. واصطلاحا: اسم لِما أرخي وتهدّل، وارتخى وأسبل- من شعر أو إزار، أو لباس أو ستار ونحوه، فهو مُنسدِل.


وبعد تأملات، ثم مراسلات مع بعض أساتذة اللغة في بلدي الناهض -الذين كنت أجتمع معهم، في كوخي العتيق-!.. تبيّن، أن لفظة "تستدل" أبلغ في هذا السياق وأعمق من "تنسدل"؛ لأن "تستدل" ليست مطاوعة، فهي تستدل بنفسها؛ لكبرها وطولها، ولا تحتاج إلى من يسندها أو يساندها.


على خلاف "تنسدل" التي لا تكون مسدلة، إلا بإسدال غيرها لها؛ لأن انسدل مطاوع لسدَل، تقول: سدَلها فانسدلت فهي تنسدل.


أقول: فكأن اختيار عبد العزيز.. كان مقصوداً؛ لهاته الإشارة البلاغية، والنكتة الصرفية؛ إذ أن من طول هذه المخطوطة وكبرها، لا تحتاج إلى من يسدلها، فمجرد وضعها وفتحها، تستدل بنفسها. والله أعلم.


وكتب: وليد أبو نعيم.

١٤٤٠/٦/٣


الأحد، 7 فبراير 2021

وفاة مسند باكستان الكبير!

 

وفاة مسند باكستان الكبير!

#وفاة_علم


توفي اليوم، الأحد ١٤٤٢/٦/٢٥، مجيزنا الشيخ العلامة المحدث المسند الحافظ أبو النصر ثناء الله بن عيسى خان المدني الباكستاني اللاهوري السلفي.


ولد عام ١٣٦٠، وحفظ القرآن باكراً، وبعض المتون العلمية، ودرس في الجامعة الإسلامية، وتخرج منها عام ١٣٨٨، وهو من أوائل خريجيها.


ثم عاد إلى بلاده باكستان، مدرساً ومعلماً ومؤلفاً وموجهاً، وناشراً سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وداعياً إليها، وصابراً عليها، وهو مفتي أهل الحديث، في باكستان.


وله تواليف، منها: (الفتاوى)، في أربعة مجلدات، و(جائزة الأحوذي في شرح الترمذي) و(الوصائل في شرح الشمائل) و(حواش على البخاري).


وهو ممن أدرك ولازم الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، والشيخ تقي الدين الهلالي، والشيخ محمد عطاء الله حنيف الفوجياني، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ ناصر الدين الألباني، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ حماد الأنصاري. -رحمهم الله جميعاً-.


وقد سمعت عليه مجموعة من الكتب، منها (صحيح البخاري) مع أفوات يسيرة، عبر البث.


وترجمته معلومة، لها مكانها من كتب التراجم والأثبات.


وهناك عالمان آخران، قد يشتبهان على البعض، وهما:

-أبو الوفاء ثناء الله بن محمد خضري الأمرتسري الهندي، تـ١٣٦٧.

-محمد ثناء الله بن محمد دانش الهندي السلفي، المتوفى ١٤٣٩/٣/٨.


رحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه جنات تجري تحتها الأنهار.


وكتب: أبو نعيم وليد بن عبده الوصابي.


١٤٤٢/٦/٢٥



الخميس، 4 فبراير 2021

رحيل المعمر المسند الكبير أحمد العمري!

 رحيل المعمر المسند الكبير أحمد العمري!

#وفاة_علم

توفي اليوم، الخميس ١٤٤٢/٦/٢٢، القاضي المعمر أحمد بن عبد الله بن شيخ الإسلام المولى الحسين العمري -رحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه جنات تجري تحتها الأنهار-.

وهو صاحب إسناد عال؛ إذ يروي عن جده المولى الحافظ شيخ الإسلام الحسين بن عبد الله العمري -رحمه الله تعالى- وغيره من مشايخه، وقد صرح بهذا، في (تحفة الإخوان).


وقد حصلت منه على إجازة عامة، مع الزوجة والولد، بهمة الشيخ أحمد المساح -رعاه الله-، وذلك ضحى الثلاثاء ٦ محرم ١٤٤٢هـ وتكررت لي منه الإجازة، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.


وكتب: وليد الوصابي.

١٤٤٢/٦/٢٢

الأربعاء، 3 فبراير 2021

وخفت صوت أحد كبار المقرئين!

 وخفت صوت أحد كبار المقرئين!

#وفاة_علم 

توفي الشيخ المقرئ أحمد بن أحمد الطويل، يوم الأربعاء ١٤٤٠/٥/٢٥، وصلي عليه بالمسجد النبوي، على صاحبه الصلاة والسلام.


وقد ولد الفقيد، عام ١٩٤٢م وتوفي والده قبل أن يولد بشهرين، وقبل أن يموت، قال لزوجته: في بطنك ذكر، سميه أحمد!


نشأ -رحمه الله- عصامياً، لا عظامياً، فاتجه للتعلم، يرفع الجهل عن نفسه؛ ليرفعه العلم أولاً، (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً) ثم مضى يرفع الجهل عن الآخرين -وهذا هو الإخلاص في العلم- كما جاء عن الإمام أحمد-


حفظ القرآن في قريته "القرين" بمصر صغيراً، ثم اتجه إلى الأزهر، فدرس فيه، حتى نال درجة الماجستير والدكتوراه، ثم تعاقد مع السعودية فقدِمها، ودرّس في جامعاتها، فتخرج عليه مئات من الطلاب، وألّف عشرات الكتب في القرآن خاصة، وفي الفقه وغيره من البابات.


له برامج إذاعية في تعليم القرآن، وكان مراقباً للقرآن والقراءات في إذاعة المملكة.


وقد كنت أسمع تلاوته وتعليمه القراءة، في صغري، فأعجب لجهورة صوته، وحسن أدائه، ولا أدري، كنت ألمس منه الرفق واللين، مع الدارسين والمتعلمين، رغم أني لم أره قط في حياتي، فضلاً عن لقيه، والتحدث إليه!


وها أنا أكتب عنه شذرة من حياته الطويلة، وكفاحه الحفيل، فـ (الأرواح، جنود مجندة)


رحل في صمت وسكون، كما كان في حياته -روّح الله روحه، ونور ضريحه- آمين.


وكتب: وليد أبو نعيم

١٤٤٠/٥/٢٧

الثلاثاء، 2 فبراير 2021

تكميد لأخي عبد الحميد!

 

تكميد لأخي عبد الحميد! 


تكميد لأخي عبد الحميد! 

مصيبة جلى، لرجل يصاب بحادث، هو وأهله وأبناؤه وبنته، فيموت الجميع.. ويأذن الله له بالبقاء، مع إصابات طفيفة، فقلت له مصبراً ومثبتاً:


أقول للفاضل عبد الحميد أبو سلمى: إن ماجرى لك، هو محض ابتلاء وتمحيص؛ ليرفع الله درجتك، ويثيبك على صبرك، منازل عالية -بإذن الله-.


حبيبنا: لا أملك لك، إلا أن أعزيك وأسليك وأواسيك، بأن هذه الدنيا، زائلة فانية، "والآخرة خير وأبقى" ولك أسوة، بذلك الأعرابي، الذي جاء السيل، وأخذ أبناءه وزوجته وأمواله، ليبقى هو فريداً في هذه الحياة، فصبر واحتسب، وصارت قصته خبراً يروى، ليقتدي به غيره، وأنت منهم، فاصبر -صبرك الله- وتذكر أن اللقاء قريب، وأكثر من الحوقلة والحسبلة والاسترجاع، وأبشر بالفرج والفرح -والله- فإنها مفرجة مفرحة، لمن قالها بصدق ويقين وجزم.


حبيبي: مصابك جلل، وفجيعتك كبرى، ولكن: ليست بشيء تجاه، مصيبتنا في موت رسول الله صلى الله عليه وسلم!

وليست بشيء، تجاه المصيبة في دينك وعقيدتك!

وليست بشيء، تجاه غيرك، ممن أصيب بكل ما يملك من مال وجمال وعيال!


فثق بربك سبحانه وتعالى، -الذي خلقك وخلق بنيك وزوجك، وجمع بينكما- ثق بالفرج والانشراح والسلوان.


وأيقن تماماً، أن هناك سر وراء الحدث، يعلمه العليم سبحانه، تعجز عقولنا القاصرة، عن إدراكه، ولو أظهره لك، لفرحت وابتهجت وسررت، ولكن: القضاء: سر الله في الأرض والخلق.

أخي وحبيبي الغالي: أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه، وألقاك منشرحاً بهيجا.

وسلام الله عليك.


محبك: وليد بن عبده الوصابي.

١٤٣٧/٤/٢٣