الخميس، 1 أكتوبر 2020

سَرِقةٌ سَرَقتْ لذّة!

سَرِقةٌ سَرَقتْ لذّة!


كنت في سفر، فنزلت مسجداً، لأصلي المغرب والعشاء جمع تقديم.


صليت ومضيت.. وبعد فويقات، طلبت هاتفي فلم أجده!

بحثت حتى لهفت، ولم ألقَ ضائعتي! إنها سرقت، ولا أدري، كيف تمت السرقة، لكنها تمت وغمت!


حينها، أويت إلى الدواء الناجع، والترياق النافع.. فاسترجعت وحولقت واحتسبت.. فاطمئن قلبي، وسكنت نفسي، وسكت غضبي، وهدأت عصبي، والحمد لله على كل حال.


ويا لفداحة الضائع، فإني أحفظ في هذا الهاتف: آلافاً من الكتب المنورقة (المبدأفة)، وجمهرة من المقالات، وجوهرة من المقولات، وشتيتاً من الأرقام، ولفيفاً من الرسائل!


إن السارق -هداه الهادي- لم يدر أي ظلم ارتكبه، ولا يعلم أي هضم احتربه..


إنه فرّق بين محب وحبيب، استمرت علاقتهما قريباً من ثلاثة عقود!


إنه حرمه من لذة القراءة قبل النوم، وعند الهم في كتب محددة معددة، للإحماض، ودفع السأم والألم والإرماض!


إنه منعه من المدارسة في كتب أهل العلم، من متين العلم ومليحه وملحه- التي لا يملك أكثرها، إلا في هاتفه الأثير؛ لتعداد أسفاره، وعدم استقراره!


ولم يكتف اللص بهذا وحسبه -وأنى للحرام اكتفاء!- بل وفي صدد البحث اللاغب عن الهاتف الغائب.. اكتشف أن الخارب، قد سرق أيضاً نقود السفر!

أصدقكم، لم آسف على المال، أسفي على الجوال!


لكنه، لم يكتف بهاتين الجريرتين المبيرتين، بل أضاف إليهما ثالثة -ولعمري، إنها ثالثة الأثافي، ونافثة القوافي-؛ إنه سرق محمولي (اللابتب) الذي أراجع فيه أعمال الباحثين، والذي أكتب فيه بحوثي وتواليفي، وأحقق فيه تحاقيقي، والذي فيه مخطوطاتي، والذي فيه معلوماتي، والذي فيه مجموعاتي..


إنه يا قوم جرابي وصرابي، وجدي وكدي، وعطشي وغطشي، وسهري وسمري، وفرحي ومرحي..

ولكن، "عسى الله أن يأتيني بهم جميعا".


ماذا أقول، وبم أصول؟

والقدر محتوم، والقضاء مرسوم، والقدرة ضعيفة، واليد قصيرة، والبصر كليل، والجسد نهيك، والجناح مهيض، والزمن مكفهر..

لكني -من الكريم اللطيف الغني- واثق باللطف، وحادس للعطف، وطامع بالسلوى، وناظر للحلوى، ولا زلت مكرراً ومقرراً: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، (اللهم اجرني في مصيبتي، واخلفني خيراً منها)، و(لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم).



وكتب: المسروق منه: أبو نعيم وليد الوصابي.

الجمعة ١٤٤٢/٢/٨

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق