الجمعة، 11 نوفمبر 2022

قلْب المحنة منحة!

 قلْب المحنة منحة!


أذن الله تعالى، للمعصرات، أن تتثجج بالماء، فبردت الأرض واخضرّت "واهتزت وربت" وننتظر النبت البهج.


فخرجت مع الأهل والولد؛ للتنزه والاسترواح، في أثناء هاته النعمة، حديثة العهد بربها جل وعلا.


وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يفعل ذلك.

عن شريح الحارثي قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم، يبدو؟ قالت: نعم، كان يبدو إلى هذه التِّلاع.

رواه أحمد وأبو داود، وصححه ابن حبان.

قال الخطابي: "التلاع، جمع تَلعة، وهي ما ارتفع من الأرض وغلظ، وكان ما سفل منها مسيلاً لمائها".

(معالم السنن: ٢/ ٢٣٤)


ولعل هذا، دأب السابقين، فقد قال تعالى، عن أولاد نبي الله يعقوب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: "قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون * أرسله معنا غداً يرتع ويلعب وإنا له لحافظون".


قال ابن رجب: "أما الخروج إلى البادية -أحياناً- للتنزه ونحوه، في أوقات الربيع وما أشبهه، فقد ورد فيه رخصة".

(فتح الباري: ١/ ١١٦)


أعود إلى ذكر نزهتي: بينا أنا في سيارتي -"العجوز الهرِمة" -وما يدريني، لعلها تعود شابة فتية :)-؛ إذ اشتد المطر، وكثف الماء وغزر، وصارت السماء كأفواه القرَب، وإذا بمركوبتي -التي أكل الدهر عليها وشرب-، تستأذنني الوقوف، فأبيت عليها، إلا مواصلة السير .. أحثها تارة، وأزجرها أخرى.. واصلت المسير على مضض، وفي حرض، وعلى ركض، ثم نادت حتى مادت، فزجرتها زجراً فيه عنف ولطف!


حتى إذا أيست ويئست، صاحت صيحة، خلتها تلفظ أنفاسها النفيسة، فتوقفت، وتصلّب مقوَدها، ولم تحل حراكاً.


ومن لطف اللطيف؛ أن وقوفها، كان في منأى عن قارعة الطريق، وفي نأي عن مستنقع المياة!

حمدت الله تعالى وشكرته.


ثم -وهنا، بيت قصيدي-.. نزلنا من دابتي الشاكية، وفرشنا سجادتنا، وأممتهم لصلاة المغرب، ولعب أطفالنا حولنا، ولم يشعروا بنغص أو مغص أو نقص أو بخس!


وهكذا، هي الحياة، لا بد، أن تقبلها وتتقبلها كما هي، مع سؤال الله العفو والعافية، فلا تتبرم من شيء، ولا تقلق من أمر، وكِل الأمور إلى باريها، فكل ذلك خير، "ألا إلى الله تصير الأمور" وفي الله عوض، ومنه الخلف "وعلى الله قصد السبيل" وحسبنا الله ونعم الوكيل.


وفي هاته اللحظات، يأتيني صديق صدوق؛ ليقلّنا إلى منزلنا، وأستودع الله دابتي المسكينة، إلى وقت آخر.

"والحمد لله رب العالمين"


وكتب: وليد أبو نعيم

الجمعة ١٤٤٤/٤/١٧

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق