الأحد، 10 يوليو 2022

التهاني: بين اليوم والقوم!

 


التهاني: بين اليوم والقوم!


اليوم، عصر السرعة في كل شيء، حتى صارت الحياة سريعة في كل شيء إلا في أمر الآخرة -إلا ممن رحم الله-.


ومن ذلك: تهاني اليوم؛ فإن أكثرها، تهاني صورية أو قل: وهمية، لم تنبع من شغاف القلب، ولم تنبت من حبة الفؤاد!


فأكثر هاته التهاني، ليس المهنِّئ هو كاتبها، وليس هو ابن بجدتها، ولا أبو عذرتها، ولا مفترعها ولا مخترعها، بل هو عالة على القالة، ومقتات على الفتات .. وجدها مكتوبة مرقومة مختومة ممهورة، فأخذ بخطامها، وأرسلها على غير بينة، ودون هدى!


فربما وقع في الحرج؛ إذ كتبها صاحبها لصديق باسمه، أو كتبتها امرأة لصديقتها، أو كانت لعيد الفطر مثلاً، ونحن في أضحى، أو العكس.. فأرسلها على علاتها وهناتها، فأصابت في مقتل!


وإما كانت التهاني، عبارة عن ملصقات جاهزة، لا عمل له فيها ولا يد، بل ربما لا يدري ما فيها.. فبعثها مقيدة دون انبعاث، فأفأدت!


وهذا في الحقيقة، يدل على ما وصلت إليه حياتنا وحالتنا، من سرعة وتسرع وجفاف وتشاغل وتثاقل!


وقد يُتعذر، بكثرة المرسلين أو المرسل إليهم، ولكن، مهما اُعتذر، فهذا هو الحال ليس به خفاء، ولا أستثني نفسي من هذا الحال، فاللهم غفراً وجبراً.


أما تهاني القوم.. فقد كانت تهاني مقصودة مفؤودة مصدورة منفوسة، تكتب بخط اليد، وتوشى بوشي الذهب والفضة، وتقرطس بقراطيس محكمة، و:

في قراطيس جياد أُحكمتْ *** وبخط أي خط أي خط!


ويتعنى في كتبها، ويبالغ في شذبها، وذلك؛ لأنها نابعة من الصميم، ونافذة من الصفاء، بل ربما غدت بعض تهانيهم، رسائل سائرة، أو أجزاء مجزئة.


وقد كتبوا عنها، الجم الغفير، ورووا فيها العم الكثير، وأدخلوها في شجرة إسنادهم؛ تخليداً وتمجيداً.

فيا ويلنا وويحهم.



وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي

١٤٤٣/١٢/١١


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق