الثلاثاء، 14 يوليو 2020

دمعة طفل حرّى!

دمعة طفل حرّى!

لطالما بكى طفلي، لأمر ما (وما أكثر بكاء الأطفال!)، ولم أشعر بحرارة دمعته إلا اليوم!

حينما سافرتْ جدّته، بكى بكاء مراً، فحضنْته، فإذا بدمعاته تنزل على يدي، ولكنها ليست ككل مرة، بل شعرت بحرارتها على كفي، رغم أني في بلاد باردة!

قلت: سبحان الله، حتى الأطفال، يدركون ألم الفراق، وحرارة البعد، وقسا النأي؟!

وتحت مجال الصدر حر بلابل * من الشوق لا يدعى لخطب وليدها! 

نعم نعم، حتى الأطفال؛ لأنه شعور داخلي، وعاطفة تجيش لا يملك الصادق لها كتماناً، (والطفل أصدق الناس!)

وكأنهم يدركون ما عناه الشاعر، -ورغمهم، لا يدركون-، بقوله:
إن غاض دمعك والركاب تساقُ * مع ما بقلبك فهو منك نفاقُ

لا تحبسنْ ماء الجفون فإنه * لك يا لديغ هواهم درياقُ! 

إن حرارة دموع الفراق.. هو تعبير عن ما يعتلج في النفس من آهات، وما يضطرم في القلب من حرارات؛ فلذلك، تكون هذه الدمعات الحارة، التي خرجت من قلب يصطلي نارا، ويكتوي أوارا.

لعل انحدار الدمع يعقب راحة * من الوجد، أو يشفي نجي البلابلِ! 

هؤلاء الصغار، فكيف حال الكبار الأحرار، وأقول: الأحرار؛ لأن هناك من هو رجل، لكنه ليس بُحر!

أقول: أما حال الكبير الشَّعُور الحُر، فكما قال أبو العتاهية:
كم من صديق لي أُسا * رقه البكاء من الحياء

فإذا تفطن لامني * فأقول: ما بي من بكاء

لكن ذهبت لأرتدي * فطرفت عيني بالرداء!

هذا وهو صديق، فكيف بوالدة شفيقة، وأم حدِبة؟!
إن الفراق، إذن علي شديد! 

لا سيما، في حال ما عبر عنه الشاعر:
فإذا أبصرت آثاراً لهم * غشيتني زفرة فيها عبرْ

فأبيت الليل منها ساهراً *** بئس زاداً لأخي العيش، السهرْ

رب لطفاً منك وعطفا.

وكتب: وليد أبو نعيم.
١٤٤١/١١/٢٣

#مقالاتي_ومقولاتي
#أنابيش_الكنانيش
https://t.me/walidabwnaeem

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق