السبت، 25 ديسمبر 2021

من شبه المستأجرين: أنتم لم تقرؤوا ولم تسمعوا ما عند المنقودين!

 من شبه المستأجرين: أنتم لم تقرؤوا ولم تسمعوا ما عند المنقودين!


من أساليب العلمانيين والكافرين، التي لم يهتدِ لها ربما الشياطين.. أن يقولوا للمسلمين: أنتم لم تقرؤوا كتب فلان، ولم تستمعوا لعلان؛ جربوا اقرؤوا، ثم احكموا؟!

مريدين، بهذا التلبيس اللعين؛ إغواء المساكين، وإركاس الساذجين!


أقول: إن العاقل، لا يشترط لنفسه، أن لا يصدّق شيئاً ما، حتى يقف على الحقيقة بنفسه.. وإلا سيتَعب ويُتعب، والعمر قصير، ولم يبق وقتٌ لقضاء الواجبات، وقضاء الحاجات.


فينبغي للعاقل؛ أن يضن بوقته وعمره، عن أن ينفقه فيما لا ينفعه عند الله تعالى، ويبحث دائماً عن الأنفس لا الأتعس والأبأس!


وذلك؛ لأن الزنادقة في تجالد، والشبهات في توالد، ولا انتهاء للصراع بين الحق والباطل إلى قيام الساعة!

وفي الحديث: يقول عليه الصلاة والسلام: (من سمع بالدجال؛ فلينأ عنه)؛ وذلك لعظيم خطره، وشديد ضرره، وما الكافرون والعلمانيون والمنافقون.. إلا دجاجلة بين يدي الدجال الأكبر، فهم سفراؤه ووزراؤه، ورواده ورائدوه!


وجاء في الحديث: (لا ينبغي للمسلم أن يذل نفسه! قالوا: وكيف يذل نفسه يا رسول الله؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق) رواه الترمذي، وصححه الألباني.


ويقول أبو سليمان الداراني: إني لتعرص لي القولة من كلام القوم.. فلا أقبلها إلا بشاهدي: آية من كتاب الله، أو حديث!


وقال سفيان الثوري: من جالس صاحب بدعة؛ لم يَسلمْ من إحدى ثلاث: إمّا أن يكون فتنة لغيره، وإمّا أن يقعَ بقلبه شيء يزلُّ به فيدخله النار، وإمّا أن يقول: والله لا أبالي ما تكلّموا به، وإني واثقٌ من نفسي، فمن الله طرفةَ عينٍ على دينه؛ سلبه إيّاه.


وكان النأي؛ لأن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة، والعصمة متعذرة.

(ومن لك بالسلامة إذا نشبتا)؟!


فالقلوب إذا أشربت الفتنة، نشبت، وإذا نشبت؛ صعب فكاكها؛ لأنها مقيدة (وقيد العقل، أشد من قيد الجسد)!


فلم يبق للعاقلين، إلا الفرار عن مجالس الآثمين، قال تعالى: "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين" وقال تعالى: "وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا".


وانظروا إلى الشاعر الأعشى، عندما حزم أحزمته، وشدّ أمتعته؛ للقيا الحبيب عليه الصلاة والسلام، وإعلان الإسلام.. وقف له أهل الشر بأطرقه، ولم يزالوا به، حتى رجع من منتصف الطريق، مع هداياه من الإبل، فسقط عن إحداها، ومات بائراً كافراً!


وانظروا إلى أبي طالب (عم النبي صلى الله عليه وسلم)؛ فقد كان قاب قوسين من الإسلام.. فلم يزالوا به أصدقاؤه الضالون، حتى كان آخر، ما قال: هو على ملة الكفر!


ولا يشترط أبداً -لا عقلاً ولا عرفاً- أن تقف على كل حقيقة بنفسك، بل يكفيك من كفاكها، من أهل العلم والمعرفة.


ولأضرب مثلاً: لو سمعت أن أكلة معينة موصوفة، تقتل آكلها، مع إثبات بعض من فطس جرائها.. هل ستجرب أكلها، وتقف على الحقيقة بنفسك، أم تكتفي بتجربة غيرك؟!


ومثلاً آخر: لو أردت السير في طريق ما.. فرأيت الناس راجعين منها، وأخبرت: أنها طريق مقطوعة ممنوعة.. هل ستصدق، أم ستقف على الحقيقة بنفسك؟!


فيا أخي .. ويا أختي: سلوا الله العافية، وانأوا عن الشر، واثبتوا على دينكم، وتمسكوا بعفافكم، وأخرسوا كل ناعق، واطردوا كل عائق!


والآن؛ أخي .. أختي: هل تسمعوا لهؤلاء الناعقين الكاذبين الآثمين، أم تستمعوا كلام رسول الله الصادق الأمين؟ (عليه الصلاة والسلام).


قال الإمام ابن بطّة، في (الإبانة: ١/ ٣٩٠): "اعلموا -إخواني- أني فكرت في السبب الذي أخرج أقواماً من السنة والجماعة، واضطرهم إلى البدعة والشناعة، وفَتْح باب البلية على أفئدتهم، وحجب نور الحق عن بصيرتهم - فوجدت ذلك من وجهين:

أحدهما: البحث والتنقير، وكثرة السؤال عما لا يعني، ولا يضر المسلم جهله ولا ينفع المؤمن فهمه.

والآخر: مجالسة من لا تؤْمن فتنته، وتفسد القلوب صحبته". 


رب "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب".


وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي

١٤٤١/٤/٢٧