الأربعاء، 17 أغسطس 2022

قال لي ولدي! (١)

 


قال لي ولدي! (١)


بعد أن سلّم الإمام، من إحدى صلوات الجهر؛ إذ بابني، يهمس في أذني: بابا، أرى الأئمة، هذه الأيام، يقرؤون: سورة النصر؟!

قلت له -مبتدهاً-: هذا -إن شاء الله- إشارة، إلى نصر الله المسلمين، وفتح البلدان للإسلام!


ثم تدبرت ما قال وقلت، ونظرت إلى أحوال المسلمين، في كل مكان، فقلت مستشهداً:

أنّى اتجهت إلى الإسلام في بلد *** تجده كالطير مقصوصاً جناحاهُ


فالمذابح في كل بقعة، والمنايح في كل قرية، والدماء تسيل، والأشلاء تتقطع، والنفوس تزهق، إما بين كفر وإسلام، وإما بين إسلام وإسلام، ولا قوة إلا بالله.


ثم نظرت، فرأيت، أن الإسلام في اشتهار وانتشار، لكن المسلمين في اندثار واندحار!


وبيان ذلك:

أن الإسلام، دخل كل بيت في أنحاء المعمورة، وعمّ البسيطة، وهو مصداق، قوله تعالى: "وكان حقاً علينا نصر المؤمنين" وقوله: "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" وقوله: "ألا إن نصر الله قريب" وقوله: "والله غالب على أمره" وقوله: "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله"


ومصدق قول النبي صلى الله عليه وسلم، -كما عند مسلم-: (إن الله زوى لي الأرض؛ فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها، ما زوي لي منها)


وفي رواية عند أحمد: (ليبلغن هذا الأمر، ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر، ولا وبر؛ إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل به الكفر)


فلا يأس ولا أسى ولا قنوط، ما استمسكنا بديننا، وجاهدنا أنفسنا، وعملنا، واتكلنا:

إذا اشتملت على اليأس القلوب *** وضاق بما به الصدر الرحيبُ


وأوطأت المكاره وأطمأنت *** وأرست في أماكنها الخطوبُ


ولم ترَ لانكشاف الضر وجهاً *** ولا أغنى بحيلته الأريبُ


أتاك على قنوط منك غوثٌ *** يمنّ به اللطيف المستجيبُ


وكل الحادثات إذا تناهت *** فموصول بها الفرج قريبُ



وأما المسلمون، فقد أصيبوا بضعف وغربة، وانحسار واستحسار وانجرار، وكلف ولهث خلف الغرب الكافر، بعجره وبجره، وغثه ووعثه، فانهزموا في أنفسهم، وفشلوا رغم كثرتهم، وتنازعوا وتقاطعوا، وتدابروا وتنافروا، وقد حذرهم الله ذلك، فقال سبحانه: "وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم".


إن نصر الله آت، وفتحه قادم، وهذا زمان الغربة، الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، في قيله: (بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء) رواه مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه.


وبعد الغربة والكربة، عودة وأوبة.. قال عليه الصلاة والسلام: (بشّر هذه الأمة، بالسناء، والدين، والرفعة، والنصر، والتمكين في الأرض.. فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا، لم يكن له في الآخرة من نصيب)

عن أُبي بن كعب رضي الله عنه، ورواه أحمد، وصححه الألباني.


لكن، النصر مشروط، بـ: "إن تنصروا الله ينصركم"، وبـ: "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً"


فيا ويح، من تمسك بالإسلام، واستمسك بالسنة، (فإن له أجر خمسين شهيد)، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.



وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي

١٤٤٤/١/١٥


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق