السبت، 24 يوليو 2021

أبِخضرار الأرض.. يُخدش العِرض؟!

 أبِخضرار الأرض.. يُخدش العِرض؟!


تكون الأرض مجذبة، والقلوب متربة، والنفوس ضيقة، حتى يمنّ الكريم المنان؛ فيرسل الرياح ملقحات للسحاب، فتنشر السماء غيثها، وتروى الأرض، فيأنس القلب: "ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير".


إنّ نزول الغيث، نعمة من الرحيم الرحمن، يجب على الإنسان أن يكون لذلك من الشاكرين، ولا يكن لنعم ربه من الكافرين.


أقول هذا؛ لأني أرى اليوم الذي تنزل فيه الأمطار؛ يفرح الناس، ويخرجون إلى المتنزهات والحدايق؛ من الكروب والضوايق، وهم في مرح وبهج؛ لكن أكثرهم ليس على النهج!


يخرج الرجل مع الأهل والمحارم؛ ليُذهب الوطأة، ويجلو القلوب الصدئة.. 

وقد كان حبيبي صلى الله عليه وسلم؛ (يبدو إلى هذه التِّلاع -أي: مسايل الماء-) كما قالت أمي عائشة رضي الله عنها، والحديث عند البخاري في ‎(الأدب المفرد: ٥٨٠) بسند صحيح.


‏وفي سنن أبي داوود، عن المقدام بن شريح، عن أبيه أنه قال: سأل عائشة: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم، يبدو؟ فقالت: نعم، إلى هذه التلاع، ولقد بدا مرة، فأتى بناقة مخرمة، فقال: اركبيها يا عائشة وارفقي؛ فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع منه إلا شانه). 


قال الحافظ ابن رجب، في (فتح الباري: ١/ ٧٧): "فأما الخروج إلى البادية أحياناً، للتنزه ونحوه، في أوقات الربيع وما أشيهه؛ فقد ورد فيه رخصة".


قلت: ولكن -للأسف الأسيف- إذا أردنا الخروج، للنفه والنفخ والنزه؛ نرى ما يكدر الخواطر، ونسمع ما يعكر الصفو، ونسمع ما يصم الأذن.. من لبس فاضح، وتماجن صارخ، وتمازح وتعافس وتضاحك وتناكت بعض الفتيان مع بعض الفتيات!


تراهم على الشواطئ والطرقات، أو في الحدائق والمتنزهات؛ في حال مزرية، وفي ريبة مردية، تقشعر منها جلود المؤمنين الغيورين، فلا يملك الإنسان حينها، إلا: الاسترجاع والحولقة أو الحوقلة!


فيا أيها الناس: رجالاً ونساء؛ عودوا إلى ربكم، واحمدوه على نعمة الأمطار، ولا تحولوها إلى ذنوب وإصرار؛ فيخشى عليكم من الأضرار والأخطار والنار؛ فتندمون، ولات ساعة مندم.


وتذكروا فيضان تسونامي، الذي أغرق أمة من الأمم، وخرب بيوتهم، "فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم فتنادوا مصبحين" "وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون" "وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير" "وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديداً وعذبناها عذاباً نكراً فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا"!


فتوهموا غضب الله وسخطه، وذلك (إذا انتهكت محارمه) فعُفّوا أنفسكم، وحجبوا نساءكم، وابتعدوا عن نساء غيركم، فوالله، إنه خزي وعار وشنار، في الدنيا والآخرة.


والذي يليق بالمؤمن: أن يشكر الله تعالى عند تجدد النعمة، "لئن شكرتم لأزيدنكم" وإن لم يحصل الشكر، بل حصل ما يضاده، قال الله: "ولئن كفرتم إن عذابي لشديد".


هذا بلاغ لكم *** والبعث موعدنا

وعند ذي العرش *** يدري الناس مالخبرُ



وكتب: وليد بن عبده الوصابي،،

١٤٣٧/٦/٢٧

وراجعتها: يوم القر ١٤٤٠.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق