الخميس، 7 يناير 2021

رحيل المحقق الكبير العملاق صبحي حسن حلاّق!

 رحيل المحقق الكبير العملاق صبحي حسن حلاّق!

#وفاة_علم

لا نقول إلا مايرضي ربنا سبحانه وتعالى: "إنا لله وإنا إليه راجعون".

أُقلّب رسائل الوتس؛ فقرأت: (أحسن الله عزاءكم في الشيخ صبحي حلاق)!

حملقت البصر، وأعدت النظر مرات وكرات! أهو صديقنا بالأمس الذي نراسله ويراسلنا؟!
نعم، إنه هو، وإنه الموت!

فلم أملك إلا أخذ المصل والدواء والعلاج والترياق: "إنا لله وإنا إليه راجعون" إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى.

ثم تناولت قلمي علّه أن يجيبني في مثل هاته الأزمات، فرجوته وجهدته أن يكتب ما يعرف عن المحقق الكبير.. فكتب هذه الكلمات، التي أرجو أن تكون وافية وفيها الوفاء، وليست كافية وليس فيها الكفاء، ولكن ما لا يدرك كله، لا يترك جله.

قلت:
كان الشيخ المحقق المدقق المكثر: محمد صبحي حسن حلاق  -رحمه الله- دؤوباً في أعماله، حريصاً على أوقاته، جاء من سوريا عاملاً أو مدرساً في صنعاء، وسمت به همته القعساء للجلوس إلى الخزائن اليمانية الثرية الغنية، فنخلها وفلّها، بجهد أكيد، وعزم يفلّ الحديد، وتعامل مع أهلها بأدب جم، وتواضع عم، حتى نال محبة الصنعانيين بل وجميع اليمانيين.

كيف، وهو من أطال الفتش لكتب أشياخ بلادنا، كابن الأمير والشوكاني، فأخرجها من ردهات الظلام، وأنقذها من بين الركام، حتى بلغت أكواماً بين يديه -رحمه الله-:
وإذا كانت النفوس كبارا *** تعبت في مرادها الأجسامُ

صبر ودأب وتعب ولغب هو وزوجه أم مصعب -آجرها الله، وأحسن عزاءها، وأسكنها الفردوس الأعلى مع بنيها وزوجها-. حتى أتوا على الكثير من نفائس المخطوطات، ثم ترجل الفارس، لنداء الحارس.

قد بذلتَ جهدك -يا صبحي- صبحك الله بالجنات- وأفرغت وسعك، وبلغت وكدك، فلا لوم عليك أو إعتاب، بل اللوم يعود علينا نحن المقصرين الكالّين!

وها أنت يا صبحي.. تنام قرير العين، ملئ الجفن -بإذن الله- بعد أن زارتك الأمراض، ولم تواتك الظروف لإكمال مشاريعك الضخمة الفخمة.

ها أنت تنام يا صبحي، وكتبك في العالم، تصبحنا وتمسينا، وبين الصحب والخلان، وأمام العلماء والإخوان.. يقرؤونها ويثافنوها، فيدعون لك بالرحمة والرضوان، كفاء ما جهدت في التحقيق والتخريج.

وقد فرحت بمزاملتي لك -رحمك الله- عبر هذا العالم الأزرق، (الفيس) وفي ذلك العالم الآخر الأخضر (الوتس) في مجموعة تضم ثلة من العلماء والأشياخ والمحققين والفضلاء، ولكن:

        تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن!

فلم يطل المكث بل هي أشهر مباركة، كنتَ تشاركنا الحديث والجواب والرسائل، ثم بعدها سمعنا عن مرضك منذ أسابيع، ولم نزرك؛ لبعد الشقة، ووجود المشقة.

وها نحن اليوم، نسمع عن مغادرتك عالمنا العجيب الغريب السليب، الساعة العاشرة في صنعاء، وأنت المولود في عام ١٩٥٤م فلم تكن بالطاعن، ولكنها المطاعن -والحمد لله الرحمن الرحيم-.

وقد وصلت تواليف الشيخ وتحاقيقه.. ما يقرب من ثلاثمائة مجلد!
وهذا رقم قياسي كبير لم يتأت للكثير الكثير، ولكن "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم".

عزائي لنفسي ومشايخي وإخواني وخلاني.. في وفاة الفقيد الحميد محمد صبحي حسن حلاق.
وعزائي لزوج الفقيد، وأبنائه وبناته وأقاربه وإخوانه وخلانه وطلابه، مكرراً: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، فهي عزاؤنا في المصيبات، وأملنا في في الأزمات، ورجاؤنا في الملمات.

اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله.
اللهم لا تفتنا بعده، ولا تحرمنا أجره، واغفر لنا
وله.

وكتب: المعزِّي وليد بن عبده الوصابي.
١٤٣٨/٤/٩

هناك تعليق واحد:

  1. جزاك الله خيرا فقد كتبت مايريح القلب في الشيخ فرحمات ربي تغشاه

    ردحذف