السبت، 26 ديسمبر 2020

التسليع الجنسي.. وخطف الأبصار، أو وأد الفضيلة؟!

 التسليع الجنسي.. وخطف الأبصار، أو وأد الفضيلة؟!


التشييء الجنسي أو التسليع الجنسي أو الجنسنة: هو أسلوب يُعامل به الشخص -لا سيما المرأة- مجرد أداة للرغبة الجنسية، بعيداً عن كرامة الإنسان، أو تفضيل الإسلام!

وبتعريف آخر: مصطلح التشييء: هو معاملة الشخص كسلعة أو متاع أو غرض من الأغراض، وإهمال شخصيته وكرامته وإنسانيته.


يعمد التاجر أو المستثمر أو المروج.. لإنجاح سلعته واستهلاكها، بتوظيف البنات، وربما اختار منهن الجميلات!


بل ربما يصل الحد، إلى أن يقول لهن: ابتسمن للمشتري  .. البسن لبساً مغرياً  .. تمايلن في مشيتكن  .. اخضعن بصوتكن، لا مانع من المزاح، ولا بأس من الانفتاح!

أو يقول بعبارة دارجة: ليكن دمّكن خفيف!

أنت الخفيف، أيها المادّي السافل!


يقول مصمم الأزياء كالفن كلاين -الذي يستخدم صوراً جنسية، لفتيات في إعلاناته-: يتعلق الجينز بالجنس، وإن كثرة اللحم العاري، هو نهج المعلنين الأخير في محاولتهم، إضفاء هوية جديدة على المنتجات الفائضة عن الحاجة"!

هذا ما يريدونك، لحماً رخيصاً مبتذلاً مبذولاً مركوماً مرجوماً، لا حياة فيه ولا حياء!


وهذا ليس بعيداً على الكافرين والملحدين والمرتدين، الذين "يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون"، و"الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرتهم الحياة الدنيا"، والذين هم "أحرص الناس على حياة".. لكن ما هو عذرك أنت، أيها التاجر المسلم، الذي تخشى الله والدار الآخرة، وتعلم أنك راجع إلى ربك، فيحاسبك على النقير والفتيل والقطمير، والصغير والكبير!


ثم إني أسائلك: -أما الكافر، فلا ممانعة لديه-: هل ترضى هذا الوطاء والرخص والابتذال.. لابنتك أو زوجتك أو أختك أو قريبتك؟!

لا أظنك، انسلخت من هُويتك وديانتك، فلا ترضاه لهن، فلمَ ترضاه لغيرهن من فتيات المسلمين؟!


احذر، فالأيام دول، والدهر قلب، والليالي حبالى، والرحمن كل يوم هو في شأن، ومن حفر لأخيه حفرة؛ وقع فيها، و(كما تدين تدان)، و(الجزاء من جنس العمل)، "وما الله بغافل عما تعملون"، "وما الله بغافل عما يعمل الظالمون".


فاحذر، وانته، وانزجر.. عن هذا التسليع الجنسي، والهوس الفَلسي، وراع ظروف أخواتك المسلمات العفيفات الفقيرات، اللاتي أخرجتهن اللقمة، وأجبرتهن الحاجة؛ ليعملن بأعمال تضمن لهن عفتهن، وتداوي جرحهن، وتحفظ لهن ماء وجههن.. ولكن للأسف، وجدن رجلاً أجلفاً، لا يعرف لغة العفة والكرائم، وإنما يتعامل بمبدأ الريال والدراهم!

فهو لا يبال بدين، ولا يراع العرف، ولا يردعه الحياء؛ لأنه بلا حياء، وعديم الوفاء، وخميص المحيا!


وربما قال هذا اللاهث: أنا لم أجبر امرأة بخلع الحجاب، أو بكشف أو تضييق الثياب، أو وضع الخضاب، أو صبغ المساحيق والأطياب.. وإنما هنّ البنات -من تدافع عنهن- هن من أردن هذا، ولجأن له، وهرولن إليه، وتهافتن عليه!


أقول: وإن كان ما تقول حقاً، وما تفوه صدقاً؛ فليس مبرراً ولا مسوغاً لك؛ أن تخالف سنة الله عز وجل، القائل سبحانه: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب" فهل تطيق شدة العقاب، وشديد الحساب؟!


ثم، على فرض.. أن من أتيت بهن مفتونات في أنفسهن.. أيحق لك أن تفتِن بهن غيرهن من الشباب، ويقتدي بهن سواهن من الكواعب الأتراب؟!


إن كل من تقتدي بهن من البنات، أو من يفتّن من الرجال؛ هي سيئات وأوزار تتراكم على ظهرك، وتتكاثر على كاهلك حتى تثقلك، ثم تهلكك "وليحملن أوزارهم وأوزاراً مع أوزارهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون" فهل تطيق عذاباً أيها الرجل؟ وهل تحتمل ثقلاً أيها العجِل؟!


هذا، ما أردت إيصاله إليك، وإحجاجه عليك، و"معذرة إلى ربكم" ولعلكم تنتهون، اللهم اشهد.



ثم آتي إليك أختي العفيفة: أترضي أن تكوني محلاً للتندر والتنكيت، ومكاناً للإهانة والتبكيت؟!

أترضين أن يكون جسدك الطاهر، موضعاً للنظر والإعجاب، من الشيبان والشباب؟! وأنت شرعاً وعقلاً، لا تكوني إلا لواحد، من مليارات الناس، وأنت، لا تبغين أن يشاركك غيرك في الرجل، وبالحلال، فكيف تشاركي غيره فيك! وكيف تخالفي شرعة الله، وسنة الحياة؟!


أتحبين أن يشار إليك بالبنان، هذه فلانة بنت فلان.. كانت محترمة، ولكن الآن -للأسف- خالطت الرجال، وأصبحت جريئة لا تستحي ولا تخجل، بل صارت رجلة!


يقول عبد الله: يا عبد الرحمن: ماذا ترى، أريد أن أتقدم لِـ لُجين؟

يقول له: أما سمعت عنها، إنها خرجت من بيتها، وعملت كاشيرة في المولات، أو مباشرة في المحلات؟!


يا رجل، أيعقل هذا، إني سمعت عنها عقلاً راجحاً، وعملاً صالحاً، ولديها والد وإخوان، ذوو غيرة وشهامة، فكيف سمحت لنفسها، وكيف سمح لها أهلها.. أن تخالط الرجال، وتخاطب الأجيال؟!

إنا لله وإنا إليه راجعون، إذن، أصرف عنها نظري!

والعجيب، أن هذه النظرة، ليست نظر الملتزم فقط، بل رأيت وسمعت -والله- هذا، ممن لا يكاد يصلي! فاعجبي.


والله -يا أختي- هذه هي نظرة الرجال إليك، ليس الملتزمين فقط، بل -والله- حتى غيرهم، ممن يحظونك على السفل والتسفل، ينظرون إليك نظرة دونية!

يخاطبوك، وربما مازحوك و و و، ولكن عند الجد والحقيقة: يبتعدون عنك، وأقل كلمة تسمعيها: هذه جريئة.. أريد امرأة دينة حيية!


قالت لي واحدة: يا أخي، أنا أخرج بحجابي وحشمتي وعفتي؟!

قلت لها: جزاك الله خيراً، وكفاك شراً وضيرا، ولكن، من يضمن لك الاستمرار على هذا المنوال؛ فإنك لن تتركي، لا من صاحب العمل، ولا من زميلاتك، ولا من الذين يتبعون الشهوات؛ فإنهم يريدون لك أن تميلي ميلاً عظيماً!



أصبح التشييء الجنسي الألكتروني، أو مفهوم السلعة الجنسية الألكترونية.. واقعاً يومياً بالنسبة لرواد المجتمعات الإلكترونية، مثل: تيك توك، وسناب شات، وأنستجرام، وتويتر، وفيس بوك وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تتعمد بعض التطبيقات، استغلال الفتيات، كأدوات جنسية، باستعراض صورهم ومفاتنهم، وتتعمد بعض الفتيات استخدام تيك توك لاستعراض أجسادهم في رغبة داخلية منهم للتشييء الجنسي والربح المادي، من خلال أجسادهم.


وكم هي الإعلانات الصارخة الشادخة.. فلا تكاد تفتح تطبيقاً، إلا ويطبق على عقلك وقلبك، مما فيه من صور مسيئة قميئة!

وما ذاك، إلا غزو للعالمين، في قعر دورهم، وقرار بيوتهم!

فاللهم قوة وعصمة.



وقد صار التسليع الجنسي.. على مستوى الفرد والدول والمجتمعات، فإذا لم تستغل المرأة من قبل غيرها، استغلت نفسها من بيتها أو سوقها أو جامعتها أو عملها، بعرض روتينها اليومي، وفيه ما فيه من خدش للحياء، وهتك للمروءة، وإن لم يكن فيه شيء من ذلك، ففيه بعض الخصوصيات تبديها المرأة، لغيرها، وهي تعلم أن أكثر من يتابعها، هم الرجال الفرّغ؛ بغرض الحصول على الشهرة، أو العائد المادي، ولا تزال كذلك، حتى تسقط -لا قدر الله- في أوحال الشهوات، وبراثن الأسود!


وغالباً ما يُقيَّم التسليع، كسلوك اجتماعي، لكنه قد يكون سلوكاً فردياً، يقوم به مخدوع أو واهم أو مشترى الذمة، أو راكض وراء الشهوات والمادة، ويعد شكلاً من أشكال التجريد من الإنسانية.



أختاة: اصبري على نفسك، وثقي بربك، فوالذي لا إله إلا هو، لن يضيعك، ولن يكلك إلى نفسك، أو إلى ذئاب ضارية، ومعارك دامية "إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين"،

حافظي على صلاتك، وقرآنك، وأذكارك، وعفافك، وأبشري بالزوج الصالح، والمال الرابح، والأولاد البررة، والبيت الواسع، والمركب الهنيء..

والله، لا أقول هذا: تطييا لخاطرك، أو تضميدا لجراحك، فحسب، بل هو موعود الله سبحانه، لمن اتقاه، وتوكل عليه، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه" و"والله لا يخلف الميعاد" (ولكنكم تستعجلون) اللهم احفظها وارزقها واكفها وأعفها، وصنها وأعنها، وكن لها ومعها يا رب العالمين، يا أرحم الراحمين.


ثم أختم بالرائي والمشاهد والمستهلك، سواء كان ذكراً أو أنثى، فأقول: قال الله تعالى: "إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا" فاحذر أن تعرض نفسك، لما تتوقع، سؤال الله لك، بين يديه سبحانه وتعالى.

فغضوا أبصاركم عن الخنا والشرور، وانؤوا بأنفسكم عن الإثم والزور، واهجروا بضاعات العهر والفجور، فكل ما تروه أو تسمعوه.. هو خطف لأبصاركم، وسم لأبشاركم، فحاربوهم بالهجر والترك والصرم، و(من ترك شيئاً لله، عوضه الله خيراً منه) ولو لم تجدوا، إلا عوض: السلامة والسلام، والأمانة والإيمان، "وما عند الله خير لكم" "وللدار الآخرة خير للذين يتقون".

وسلام الله عليكم في الأولين والآخرين.



وكتب: أبو نعيم وليد بن عبده الوصابي.

١٤٤٠/٤/١٥

١٤٤٢/٥/١١

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق