وفي الكلمة الطيبة.. دعوة!
الآن، بينا أنا في طريقي، إذ كانت تسير أمامي دراجة نارية.. أزعجني نورها غاية، حتى كأن لم أرَ أمامي!
لما حاذاني سائقها، قلت له: النور عَمَاني، ما شاء الله، أصلحك الله، في نبرة صوت هادئ!
هكذا قلت هذه الجملة، على علاتها، دون إعمال ذهن، أو ترتيب جمل!
مضيت تجاهي، وإذا بدراجة نارية، تقف أمامي، مُطفؤ نورها!
تمعنت، وإذا هو صاحبي الذي قابلته قبل لحظات، ومعه راكب، -وأظنهما كانا مسلحين-!
وقف، وهو يبتسم في وجهي، قائلاً: الكلمة الطيبة، تكسر الحجر، وتنكّس أي شنب! يا أخي: والله تأثرت بكلمتك جداً، وأحببت أن ألحق بك، وأعتذر إليك!
(والرجل الشنب -في اللهجة اليمانية- تعني: الرجل القوي الجبار)!
قابلته بالمثل.. شاكراً له حسن خلقه، وجميل صنعه، ودعوت له بالهداية والتوفيق.
وفي الحقيقة، تعجبت من فعل هذا الشاب الطيب، الذي تأثر بكلمة رفيقة، ونبرة رقيقة، ولم يكتف، حتى لحق واعتذر!
لكن، زال عجبي، حين تذكرت قول ربي سبحانه: "وقولوا للناس حسنا"، وقول حبيبي صلى الله عليه وسلم: (والكلمة الطيبة صدقة) رواه البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
و"في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (كل معروف صدقة).. فيدخل فيه كل إحسان، ولو ببسط الوجه، والكلمة الطيبة".
(مجموع الفتاوى: ٢٨/ ٣٦٢)
فيا إخواني: ارفقوا بالآخرين، وقولوا لهم قولاً حسناً، وخالقوهم بخلق حسن.. تجدوا منهم الوداد، وترك العناد، وإلا تفعلوا، تكن فتنة بينكم، وفساد كبير.
قال القرطبي: "فينبغي للإنسان.. أن يكون قوله للناس ليناً، ووجه منبسطاً طلقاً، مع البر والفاجر والسني والمبتدع، من غير مداهنة، ومن غير أن يتكلم معه بكلام يظن أنه يرضي مذهبه؛ لأن الله تعالى قال لموسى وهارون: "فقولا له قولاً لينا"، فالقائل ليس بأفضل من موسى وهارون، والفاجر ليس بأخبث من فرعون، وقد أمرهما الله تعالى باللين معه.
وقال طلحة بن عمر: قلت لعطاء: إنك رجل يجتمع عندك ناس ذوو أهواء مختلفة، وأنا رجل فيّ حدّة، فأقول لهم بعض القول الغليظ؟! فقال: لا تفعل! يقول الله تعالى: "وقولوا للناس حسنا"، فدخل في هذه الآية: اليهود والنصارى، فكيف بالحنيفي؟!".
(الجامع لأحكام القرآن: ٢/ ١٦)
أخذ الله بأيدينا لرضاه، وجنبنا مواطن سخطه، وسبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي
١٤٤٢/٣/١٧
نعم شيخنا
ردحذفبارك الله فيكم وحفظكم من كل سوء ومكروه
بارك الله فيك وزادك الله من فضله
ردحذف