الأربعاء، 18 مارس 2020

المدينتان- من الطاعون؛ محفوظتان:


المدينتان- من الطاعون؛ محفوظتان:

عن أبي هريرة مرفوعاً: (المدينة ومكة.. محفوفتان بالملائكة، على كل نقب منهما ملك، لا يدخلهما الدجال ولا الطاعون).
قال الحافظ: أخرجه عمر بن شبة، ورجاله رجال الصحيح.

قلت: وهذا واقع صدق، فلم يدخل الطاعون المدينتين قط، -كما ذكر النووي عن المدائني-.
ينظر: (الأذكار: ١٣٩).
وهو تعريف من الله، وتشريف.

وما جاء.. أنهما دخلهما الطاعون؛ فليس هو بالطاعون، وإنما وباءات مختلفة، اشتبهت واستشكلت؛ فعدوه طاعوناً؛ لخطورته، وسرعة انتشاره.
وهو فحوى كلام الحافظ ابن حجر.
ينظر: (فتح الباري: ١٠/ ١٩١).

قال القسطلاني: "والدليل على أن الطاعون، يغاير الوباء.. أن الطاعون لم يدخل المدينة النبوية، وقد قالت عائشة: دخلنا المدينة، وهي أوبأ أرض الله.
وقال بلال: أخرجونا إلى أرض الوباء".
(المواهب اللدنية: ٣/ ٧٨).

قلت: فدل أن الطاعون لم يدخل المدينة، حاشا الأوبئة، وبينهما عموم وخصوص.

وفي حديث أبي عسيب مرفوعاً: (أتانى جبريل بالحمى والطاعون؛ فأمسكت الحمى بالمدينة، وأرسلت الطاعون إلى الشام).
رواه أحمد، وصححه الألباني، والوادعي.

والحكمة -كما هو فحوى كلام ابن حجر-: أنه صلى الله عليه وسلم، لما دخل المدينة.. كان فى قلة من أصحابه، فخشي الفناء؛ لأن الطاعون يفني، بخلاف الحمى.
ينظر: (فتح الباري: ١٠/ ١٩١).

‏وقال ابن القيم: "ولما كان الطاعون، يكثر في الوباء، وفي البلاد الوبيئة، عبر عنه بالوباء، كما قال الخليل: الوباء: الطاعون. وقيل: هو كل مرض يعم، والتحقيق أن بين الوباء والطاعون عموما وخصوصا، فكل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعونا، وكذلك الأمراض العامة أعم من الطاعون، فإنه واحد منها، والطواعين خراجات وقروح وأورام رديئة حادثة في المواضع المتقدم ذكرها.

قلت: هذه القروح، والأورام، والجراحات، هي آثار الطاعون، وليست نفسه، ولكن الأطباء لما لم تدرك منه إلا الأثر الظاهر؛ جعلوه نفس الطاعون".
(الطب النبوي: ٣١). 

وهناك كتاب، بعنوان: (القول المتين في أن الطاعون لا يدخل البلد الأمين)، و(البشارة الهنية بأن الطاعون لا يدخل مكة والمدينة)، للإمام شمس الدين الحطاب الرعيني تـ ٩٥٤. 
ولا أدري، هل هما واحد، أم كتابان مختلفان؟

فتبين -والله أعلم-: أن هناك فرقاً بين الوباء والطاعون من وجوه:

الأول: بينهما عموم وخصوص، فكل طاعون وباء، وليس كل وباء يكون طاعونا.

الثاني: كل مرض شديد الفتك، سريع الانتشار، يطلق عليه وباء، ولكن يخطئ بعض الناس، فيسمونه: طاعوناً؛ وذلك لشدته وسرعة تنقله.
"وأن غير ذلك من الأمراض العامة الناشئة عن فساد الهواء.. يسمى طاعوناً، بطريق المجاز؛ لاشتراكهما في عموم المرض به، أو كثرة الموت".

الثالث: أن الطاعون يسبب بثوراً وقروحاً في المناطق الرخوة في الجسد، كـ الإبط، والمراق -كما ذكر ابن سيناء، ونقله النووي وابن عبد البر وابن حجر وغيرهم-.
ينظر: (فتح الباري: ١٠/ ١٩٠).

والله أعلى وأعلم، وهو أعز وأكرم.

وكتب: وليد أبو نعيم.
١٤٤١/٧/٢٣



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق