الاثنين، 5 ديسمبر 2022

"لا تغثّوا أحد"!

 


"لا تغثوا أحد"!

عبارة جميلة، وكلمة خميلة، كان يكررها كثيراً، شيخنا العلامة القاضي محمد بن إسماعيل العمراني -رحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه جنات تجري تحتها الأنهار-، ويوصي بها الناس، زرافات ووحدانا، ثبات وجميعا!


وإنها لوصية عظيمة، ونصيحة فخيمة، تأمر بحسن الخلق، وتحض على حفظ اللسان، وتحث على طلاقة الوجه، وتنهى عن كف الأذى، وتكرّه فعل العدا.


وهذه الكلمة الحبيبة، من هذا القاضي الأريب، تنمّ عن نفس كبيرة، وتشي بخلق رفيع، فقد عاش حياته كلها، لم يغثّي أحداً!


ولعل هذه الكلمة، تفسّر معنى حسن الخلق، الذي جاء في تعريفه، أنه: بذل الندى، وكف الأذى، وطلاقة الوجه.


لا تغثوا أحد، أي: لا تحزنوا أحداً .. لا تغضبوا أحداً .. لا تؤذوا أحداً = فإن هذه أخلاق عالية غالية، تكون سبباً لدخول الجنة، مع الفرائض والواجبات الأخرى.


وقد جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ما يدل على هذا المعنى الرفيع؛ قال رسول الله صل  الله عليه وسلم: (إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة،  أحاسنكم أخلاقا) رواه الترمذي، عن ابن عمرو رضي الله عنهما.



أقول: ليت الناس، يسمعون هاته النصيحة المشفقة، من هذا الجهبذ الكبير.. فإن بعضهم -عياذاً بالله- قد جُبل على إدخال الأحزان على غيره، بأي طريقة كانت، لا يبالي، بحق أم بباطل.

لا، بل هو محض البطلان والباطل، من هذا العاطل العاظل!


إنه لا يراقب الله في خلق الله.. فهو لا يلوي؛ ينبز ويغمز ويهمز ويلمز، وينم ويغم، ويغتاب وينتاب، ويطعن ويرطن، ويخدش ويكدش.. إنه معول قاطع.. خنجر ناطع.. سيف صاقع.. موس باضع.. يفري في الأعراض، ويسقط على العيوب، ويتسقط العثرات!

لا يهدأ له بال في يومه، ولا يقر له قرار في ليله، إلا، وقد أرهق وأزهق -أُرهق وأُزهق-!


والمصيبة، أن بعض هؤلاء النوكى، يجعل الدين، ستاراً لأمراضه، وغطاء لأغراضه، ثم لا يستحي؛ أن يستدل بألفاظه النابية، عن نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام، أو عن سلف الأمة!


يا أهوج، هل تعي ما تقول، وهل تدرك استدلالك المقطوع.. إنك لم تدخل في الإسلام كافة.. إنك أخذت ما يوافق هواك .. إنك اجتزأت ما تهوى!

إن من تستدل ببعض أقواله وأفعاله.. كان أرفق الناس وأشفقهم وأنفعهم!


بل إن هذا القاضي الكريم.. لم تسلم كلمته هاته الجميلة، من نقد وتحميل؛ من أنه يدعو إلى تعطيل نقد من يستحق؟!


فيا لله العجب، من هؤلاء الناس.. ألم يقرؤوا تراثه، وما فيه من نقد لكثير من الأقوال والأفعال، دون محاباة أو مواربة!


إن القاضي بكلمته هذه.. يريدك أنت وأمثالك أيها الجارح، بدون دين أو روية، بل محض هوى وشهوة!

فهل ترعوي، أم لا تزال في عمهك وعماك؟!

اللهم ارزقنا حسن الخلق، وجمال الأدب.


وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي

١٤٤٤/٣/١٢



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق