كلمة عابثة في حق الشيوخ الثلاثة!
أرسل لي أحد إخواني الفضلاء، مقطعاً صوتياً، لدكتور يدعى عبد القادر محمد الحسين الأشعري الحنفي، يتساءل فيه، قائلاً: الألباني، وابن باز، وابن عثيمين.. هل هم علماء؟
نظرت المقطع؛ متعجباً من علوانه وغلوانه، لا سيما، وقد أشعرني أبا الحارث، بغلوائه!
أردت تجاوزه؛ ضناً بوقتي، لا ظن سوء، فالسوء حاصل دون ظن!
"ولتعرفنهم في لحن القول"
لكني قلت: سأسمع.. سمعت، ويا لهول ما سمعت، ويا ليتني لم أسمع؛ سمعت كذباً وبهتاً، وزوراً وتزويراً، وغمطاً وخلطاً، وتعاظماً وتفاخراً، إلى غيرها من تيك الخلال القميئة، والخصال القميعة!
وأقبح شيء أن يرى المرء نفسَه *** رفيعاً، وعند العالمين وضيعُ!
وحقيقة، لم أسمع لهذا الدكتور، بل لم أسمع به.. إلا الساعة -والحمد لله-!
واترك خلائق قوم لاخلاق لهم *** واعمِد لأخلاق أهل الفضل والأدبِ
ويضيق صدري، حين رؤيتي أمثال هؤلاء الأغمار، الذين يصدون عن سبيل الله، ويبغون الطريق عوجاً، بل يقطعونها على السابلة!
ومن مكرهم.. أنهم يلبسون الحق بالباطل؛ تمويهاً على الناس، وتزجية لباطلهم، "ولا يَنْفَقُ الباطل في الوجود، إلا بشَوْبٍ من الحق"!
كم في (مجموع الفتاوى: ٥٣/ ١٩٠)
ومن أعاجبهم.. أنهم يأتون إلى أعظم رموز الأمة، فيغمطونهم حقهم، بل يسلبوهم، ويتناولونهم بالإقذاع والتشويه، ولكن، "والله متم نوره" ولو كرهوا.
وليس لهم فضل، "وإنما فضيلة أحدهم؛ باقتداره على الاعتراض والقدح والجدل، ومن المعلوم أن الاعتراض والقدح، ليس بعلم ولا فيه منفعة، وأحسن أحوال صاحبه، أن يكون بمنزلة العامي".
(الانتصار: ٤١)
فالشيخ الألباني وابن باز وابن عثيمين، وأضيف إليهم: الوادعي.. كل منهم قنة في فنّه وتفننه، وقمة في مكانه وزمانه.
وأربعتهم.. قد تواطؤوا -دون تواطؤ- على صفات العلم والفهم والاتباع، وشيات النهج والمنهج، وسمات الصفاء والوفاء والنقاء والإخاء.
فالشيخ الألباني، وطّد علم الحديث، حتى غدا سهلاً ميسوراً لدى العامة فضلا عن الخاصة، ولا زال اسمه يلمع بين السطور، ويفصح به في كل مجلس ودور، وسبحان من وضع له القبول، بين أهل القبول!
مع تمكن في الفنون الأخرى، لا سيما: العقيدة، والفقه، والسلوك؛ فإنه في الرأس.
وعندما تسمعه، تعجب من قوة استدلاله، ونصاعة تبيانه، ومتانة حجته، مع لين جانب، وخفض جناح.
ولكن القوم، ينقمون عقيدته!
والشيخ ابن باز، وطّد علم العقيدة والتوحيد، حتى شاع وذاع، في جميع البقاع.
مع تمكن من سائر الفنون، من: فقه، وحديث، وسلوك ونحوها، بل إنه صار أمة وحده، في: العلم، والكرم، والرحمة، والخلق:
وليس على الله بمستنكرٍ *** أن يجمع العالَم في واحدِ
وقد أعظم -الأشعري- الفرية، في زعمه؛ أن الشيخ، لا يحسن قراءة سورة الملك!
وحينما تسمع لقراءة الشيخ ابن باز.. تدرك الخشوع، وترى الخشية، وتحس الصدق، بقراءة محدورة، دون لحن أو إخلال.
ولكن القوم، ينقمون عقيدته!
والشيخ ابن عثيمين، وطّد علم الفقه، حتى غداً مشاعاً ميسوراً لدى الصغير والكبير، من دون نكير.
مع تمكن في كل الفنون، مصنفاً وشارحاً وناظماً، وسارت مصنفاته مسير الشمس، وصارت هي الدرس!
مع زهادة وعبادة، وتواضع جم، وكرم زائد.
وضحكت، حينما أخبر الناقد، عن الشيخ وشيخه ابن سعدي؛ أنهما لا يحسنان فهم بيتين من الألفية! والشيخ، قد شرحها، برصانة ومتانة.
لكن القوم، ينقمون عقيدته!
والشيخ مقبل، وطّد علم الدعوة، حتى دخلت كل بيت، لا سيما بلاد اليمن، واتسعت حتى وصلت كل فنن.
مع تمكن في بقية الفنون، من: حديث، وعلل، وعقيدة، وفقه، إلى هضم نفس، ولزوم عبادة، وسلامة صدر، وكرم وبذل.
وإن تصانيفه، تشبه تصانيف الأقدمين، في: الفحوى والمحتوى، والطريقة والمنهج.
لكن القوم، ينقمون عقيدته!
لا تظلموا الموتى وإن طال المدى *** إني أخاف عليكم أن تلتقوا
ولعمري، إن هؤلاء الأقرام القماقيم.. ليسوا بمحاويج، إلى دفاعي ومدحتي، ولكن، كما قال القائل:
جمالك غير محتاج لشعري؛ *** مدحتك، كي أزيد أنا جمالا!
فيا أبا الحارث، إنك لتشكّ في دخائل هؤلاء، وما يريدون، وإنْ كانت ألقابهم -لا أنسابهم-، تنبيك عن قصودهم -والقصود، يعلمها الله، لكن الدلائل فضاحة-.
وإنك لتجد الأتباع الرعاع، أشد الناس محاربة للعقد الصحيح، والسنة الصريحة.
ومن يك ذا فم مر مريض *** يجد مراً به الماء الزُلالا
وإنك لتعجب، من عظيم فريهم وافترائهم، وشديد بهتهم وتكفيرهم، فلا زال بعضهم، يصمُ شيخ الإسلام ابن تيمية، بالكفر، نعم، بالكفر، ولا أدري، أأضحك أم أبكي، لكن خير من ذاك وذلك؛ سؤال الله العافية، والحمد له على السلامة.
وإِذا الفتى عرف الرشاد لنفسهِ *** هانتْ عليه ملامة الجهَّالِ
وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي
١٤٤٣/١٢/٢١
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق