الاثنين، 18 أبريل 2022

اِعمل الذي عليك!

 اِعمل الذي عليك!


التقيت صديقي في سطح المسجد الحرام، بعد انقطاع أعوام.. كان الفرح عارماً، والبهجة مبهجة!


أقيمت الصلاة، وتهيأ المصلون للتكبير، ولا زلت مغتبطاً بمجاورة صديقي؛ إذ أشار إلي أحد من كان أمامي في الصف، بالتقدم إليه، والاصطفاف بجواره!


لم أعبأ لإشارته، فكرر علي، وقال: سدّ الفرجة يا أخي!

رددت: الفُرَج كثيرة في كل مكان! وبالفعل، كان كثير من الصفوف، مفرّجة غير مستوية!


فرد بكلمات لم أتبينها، ثم كبر!

لكن، صاحبي تبينها.. فتقدم إليه.


انتهت الصلاة، وإذا بصاحبي يقول لي: ما أحسن صلاة هذا الرجل! وسبحان الله، بعد التصافف صار بينهما كلام وتعارف، وكان الرجل من تونس المونس.


فقلت لصاحبي: ماذا كان يقول؟

فأخبرني أنه قال: اعمل الذي عليك!


وقفت مشدوهاً أمام جمال هذه العبارة، ومذهولاً من فعلي الخاطئ، وأخذت أكررها: اعمل الذي عليك!


أدركت أني كنت مخطئاً، تحت وطأة الإلحاح، وتشبثي بالصديق الوفيق -وما أقلّهم اليوم-، لكني أُبت وتبت -والحمد لله-.


وحقاً، إن على الإنسان.. أن يعمل الذي عليه من الواجبات والمستحقات والمندوبات والمستحبات، ولا يضره فعل غيره.

وفي حديث ابن مسعود: (تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم) متفق عليه.


إن استطاع النصيحة، فالحمد لله، وإن لم، فليعمل الذي عليه ولا يضيره، "فلا تذهب نفسك عليهم حسرات" "لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين" "إن عليك إلا البلاغ" "فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر"

"يأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم"

قال ابن كثير: "يقول تعالى آمراً عباده المؤمنين.. أن يصلحوا أنفسهم، ويفعلوا الخير بجهدهم وطاقتهم، ومخبراً لهم أنه: من أصلح أمره، لا يضره فساد من فسد من الناس، سواء كان قريباً منه أو بعيداً".


بل إن هذا الداء، ربما كان سبباً في ترك الواجبات، وهجر السنن، ونشر النقيصة، وبث التهاون، مع ما فيه من التبعية والتقليد والاتكالية.

قال تعالى مخبراً عن سبب شرك المشركين: "بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون"


ولعمري، إن من عمل ما عليه.. عاش في هناء وسعد، ولم يبال بما عملت سعاد أو لم تعمل دعد!

فاعملوا واهنؤوا واسعدوا، بعمل ما عليكم واتركوا الخلق وما عليهم، "إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين"



وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي

١٤٤٣/٩/١٥





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق