ذِكَر.. مع قطرات المطر!
خلدت إلى فراشي بعد نهار طويل، ذهبت فيه وأتيت، وفرحت وأنّيت.
تقلبت بي الأطوار -والحمد لله- بين فرح وألم، وحزن وأمل، ثم جاء الليل، لتسكن فيه نفسي، وآوي إلى أولادي وعرسي..
ولكن الليل، وما أدراك ما الليل؟ مبثّ الآهات، ومزار الآلام، ومُشتد الهموم، ومجثم الأحزان، (والليل أخفى للويل) كما تقول العرب العرباء، فتشرب فيه الصهباء، ويكون فيه أنواع من البلاء، تحت ستر الليل الأليل، والظلام الأخيل.
وهو نعمة عظيمة، وآية فخيمة: "وجعلنا الليل والنهار آيتين" فجعله الله آية: تسكن فيه النفوس، وتأوي إليه الأجساد، بعد اختفاء الشموس، لتجد الراحة والطمأنينة، فواعجبي ممن يُسخّر هذه النعمة، معصية ونقمة "ألا ذلك هو الخسران المبين"!
خرجت عن قصدي الذي أردت قوله، وهو: أني أرزح في نومي، وأشرع في عومي، بجوار نافذةٍ نافذة؛ إذ بي أسمع أملاً، وأحس خملاً، فإذا النوم يغادر، والنفس تبتهج، والقلب يسكن، ففزعت: حامداً شاكراً ذاكراً.
ما أرحمك ربي وأكثر عطاياك، وما أسوأ فعل بعضنا تجاه أنعامك وأفضالك: (اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا).
شممت ذلك الريح الرائح، والطيب العبق- الذي ينشره المطر، ويبعثه القطر، فيعطر أنوفنا المزكمة بالروائح الكريهة، التي بثتها المدنية الكاذبة، وجلبها الإنسان الظلوم الجهول.
المطر -يا قوم- نعمة جليلة من الله الكريم الرحيم، يبثها بين خلقه، بعد أن أمحلت قلوبهم، وأجدبت أرضهم، فيجعلها الله لهم متاعاً ونفعاً، "وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد" "ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج" فلك الحمد ربنا، والشكر لك.
وناشدت الله رجالاً ونساء.. أن لا يتخذوا من هذه النعمة، معصية وانحلالاً، ولغطاً واختلالاً "ويحذركم الله نفسه" (فإن ربكم يغار، وغيرته؛ أن يأتي المرء ما حرم الله).
فاحذروا غضب الله وسخطه، فإن الله رحيم، ولكنه -سبحانه- يغضب حين تنتهك حُرمه.
إذا ما تجدد فصل الربيع *** تجدد للقلب فضل الرجاءِ
عسى الحال يصلح بعد الذنوبِ *** كما الأرض تهتز بعد الشتاءِ
هذه تذكرة لنفسي، ولبني جنسي، كتبتها حين رأيت الغيث همى، والنبات نمى، فبادرت أن لا يظل الإنسان في عمى، وأن لا يقترب من الحِمى!
وكتب: وليد بن عبده الوصابي،،
١٤٣٧/٧/٢
١٤٤١/٤/٤
#مقالاتي_ومقولاتي
#أنابيش_الكنانيش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق