الأحد، 12 سبتمبر 2021

ربي ما ينساش أحد!

 


ربي ما ينساش أحد!


هكذا سمعت هذه الكلمة الموحِّدة المؤمنة المتوكلة، من صغير، أظنه في عشره الأولى -أطال الله عشراته-.


وهذه الشين، تقرب من شين الكشكشة، وإن كان فيها توسع في الاستعمال؛ لأن الكشكشة -كما قال الليث- هي: إبدال الشين من كاف الخطاب المؤنث خاصة.


أقول: لا أدري دوافعها، ولا أعلم مكتنفاتها.. إلا أني رأيته راكباً دراجة نارية، وأمامه أنبوبة (أسطوانة) غاز، وهو فرح مسرور، ثم فاه بتيك الكلمة الصادقة.


وأحدس.. أنه حينما حصل على نصيبه من الغاز؛ -وحصول الغاز عندنا، مشح متعب- سُرّ وابتهج، فعبر عن فرحه وإيمانه، في آن واحد، بذلك الرضا القلبي، والشرح الروحي!


ودرجة الرضا.. منزلة منيفة، ومرحلة شريفة "ما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم"، هذا للمكلفين العاقلين، فكيف بصغير لم يبلغ الحلم، بل لم يناهزه!


لم أتمالك نفسي، أن قلت -متلفظاً مكرراً-: الله أكبر!

ثم إني اتجهت لنفسي موبخاً مبكتاً: أيكون طفلاً، أولى بهذا الفضل- منك؟!

ثم عدت إلى بعض الآيات في الموضوع، منها: "وما كان ربك نسيّاً" "في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى" وهنا النسيان، بمعنى: نفي الغفلة والذهول عن الله تعالى، جل وعلا وتقدس وتعظم.


وجاءت آيات أخر، فيها ذكر النسيان، بمعنى: الترك والإهمال، وهذه من صفات المقابلة، مثل، قوله تعالى: "نسوا الله فنسيهم" و"فنسيتها وكذلك اليوم تنسى" و"فذوقوا بما نسيتم لقاء ربكم إنا نسيناكم" و"إذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيباً إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل" و"قيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم" و"لا تكونوا كالذين نسوا الله من قبل فأنساهم أنفسهم".


فيلحظ من الآيات.. أن الله تعالى، لا ينسى عباده، من: رزق، وتدبير، وإحاطة، وحساب، ومراقبة.

وما دام الإنسان، مؤتمِر بأمر الله، ومنته عن نهيه تعالى.. فإن الله تعالى يوفقه ويهديه ويعينه ويسدده.


قال ابن عباس: نسيهم اللّه من الخير، ولم ينسهم من الشر.

وجاء عند مسلم، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن اللّه تعالى يقول للعبد يوم القيامة: ألم أزوجك؟ ألم أكرمك؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى، فيقول: أظننت أنك ملاقيَّ؟ فيقول: لا، فيقول اللّه تعالى: فاليوم أنساك كما نسيتي).

رواه مسلم.


اللهم رضنا، وارض عنا، وارزقنا الرضا بالقدر، واجعل فيه اللطف، والرضا بالنصيب، واجعل لنا منه الأوفر.

اللهم اجعل قلوبنا ساعية إليك، باحثة عنك، غنية بك عن العالمين.

اللهم ارزقنا الرضا الذي يجعل قلوبنا عامرة، وهمومنا عابرة، ونفوسنا غامرة.



وكتب: وليد أبو نعيم.

١٤٤٣/١/٢٥



هناك تعليق واحد:

  1. اللهم ارضى عنا و رضيّنا ... اللهم إني رضيت بحكمك فعوضني خيرا من واسع فضلك ورحمتك في الدنيا والآخرة .

    ردحذف