الاثنين، 16 أغسطس 2021

فقْد جهبذ مغربي!

 


فقْد جهبذ مغربي!


مولاي أحمد المحرزي أبا عبيدة المراكشي..

هكذا (أبا عبيدة) في جميع حالات الإعراب؛ لأنه لقب اتخذه جده، حينما جاء المحتل الفرنسي، استخفافاً به، واستهجاناً له، فكان لقباً على عقبه من بعده!



أعترف أني لم أعرفه، بل لم أسمع به إلا اليوم!

ويا ضيعة العلم والعلماء، حينما يغيّبون عن المشهد، ويرفع السفلة والسفهاء!


سمعت له كلمة في جلسة، بعد تأبٍّ منه وتمنع؛ لأنه كان ميالاً للخفوت والعزلة، -وما أحسنها اليوم-!

حمد الله وأثنى عليه، وخطب خطبة الحاجة، ثم قال في افتتاحيته: فإني قدمت بين أيديكم، ولست بخيركم، وإن من عادتي: أن أتهيب اللقاء فضلاً عن الإلقاء  ... فقد اجتمع علي الآن.. تهيب اللقاء، وتهيب الإلقاء!


وإذا بهذا الهياب.. ينحدر كالسيل الهادر من عل، لا يلوي على شيء.. ماضٍ على سجيته، وقادح زناد فكره، وغارف بحار علمه، مع تواضع ظاهر، وإخبات رهيب، وخشوع جم، وخفض جناح، وحسبك بمن اجتمع فيه كمال العلم، مع جمال الأدب، مع جلال الخوف!


أقول: سمعت هذه الدقاق، الـ ٤٤، فجهرني علمه، وبهرني فهمه.. سمعت علوم الغاية والآلة  .. والعُقد والمُلح!

سمعت نتفاً من كافة هاته العلوم: العقد الصحيح، والفقه الرجيح، والسلوك القويم، والحديث الشريف، والأثر الأثير!

سمعت اللغة، والنحو، والبلاغة، والصرف، والضبط، والرسم، والقراءات!

سمعت حسن الربط بين الآيات، وجمال الاستشهاد بالقرآن، ولطافة الضبط، ورهافة الحس، وحسن الكلام، وتمام الانسجام!


كان النوم يغالبني، والنعاس يداعبني، لكنه سرعان ما خفت وخفي، حينما جهره نور العلم، وضياء المعرفة!


قدّرت، أن دقائقه، متناً مفناً، يصلح أن يُشرح، ويحشى عليه، و"ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء"



ولم يعكر علي الصفو والحبور، إلا قطع أحد الحضور، قائلاً: جزاك الله خيراً، لو لم تتهيب الإلقاء واللقاء، فماذا كان سيكون؟! (أو كلمة نحوها)

فقطعه الشيخ، مكرراً: أستغفر الله .. أستغفر الله.

وانتهى كلام الشيخ، ولا أظنه إلا كان مزمعاً المضي، في كلامه المضي!



هذه كلمات كلمى، وعبارات خجلى.. أخرجتها على علاتها، نحو هذا القرم القمقام، وللأسف، بحثت عن ترجمة له، فما وجدت إلا نتفاً لا تفي ولا تكفي!

والله المستعان.


رحم الله هذا العالم العلَم، وأسكنه فسيح الجنان، ووسيع الرضوان، ولقاه نضرة وسروراً، وإستبرقاً وحريراً.

و"إنا لله وإنا إليه راجعون"



وكتب: وليد أبو نعيم.

١٤٤٣/١/٨




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق