الجمعة، 26 مارس 2021

زيارة عالم يماني مغمور.. (وكثير ما هم)!

 زيارة عالم يماني مغمور.. (وكثير ما هم)!


بعد العصر من يوم السبت ١٤٣٧/٦/١٧.. زرت الشيخ الوقور والعالم الصبور: أحمد بن علي جبر -حفظه الله وشفاه- أما الآن، فقد مات -رحمه الله وغفر له-.


دخلت من كوة الباب، وإذا بي أصعد درجاً طويلاً متتابعاً غير منقطع بل متتالياً..  يُتعب الشاب الصحيح، كيف بشيخ، بلغ عمره الثمانين، مع زيارة الأمراض له!

وهي دار، عديمة من كل وسائل الراحة، ولكنه كان بمنتهى الراحة!

فالعبرة، ليست بالأعراض، إنما العبرة، رضا القلب، واطمئنان الفؤاد، وانشراح الصدر!

فكم من بيت واسع، ضيق أصحابه، وكم من منزل ضيق، طيب أحبابه!

فاعجب وتعجب!


ياللعجب، -وليس في الحقيقة، عجباً-؛ إذ هذه دار فانية زائلة، نرجوا أن لا نكون من  أبنائها ولا طلابها، كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (كونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا)!


صعدت، فوصلت إلى شيخ قد ابيّض شعره، وثقل لسانه، -إلا من ذكر الله-! وانحنى ظهره، وذهبت نضرة شبابه!


سلمنا عليه، فرد بأحسن، وهش وبش في وجوهنا، وصاح في وجه ولده: ياعلي.. أكرم المشايخ!

قلنا له: شيخنا، أتيناك مسلِّمين، ثم مغادرين -رفع الله قدرك-، لكنه الكرم والشمم!


أخبرنا.. أنه من محافظة المحويت، بالقرب من مديرية الخبت، وأنه ذهب إلى المملكة، ودرس فيها الابتدائية، حتى تخرج من الجامعة الإسلامية، وكان الأول على دفعته!


 وزامل فيها: شيخنا العلامة مقبل الوادعي، وقال عنه: ذاك زميلي وأخي وحبيبي -رحمه الله-.


والتقى بالعلامة محمد الأمين الشنقيطي، والعلامة محمد ناصر الدين الألباني -رحمهما الله-.


ودرس عند العلامة ابن باز، وقال: ذاك شيخي -رحمه الله- وهنا، أطلق لدموعه العنان، فنزلت غزاراً، تتحدر من صبب!


وقد التقى وزامل ودرس عند غير هؤلاء، ولكن لمرضه؛ استحيينا، فلم نتمكن من توجيه مزيد من الأسئلة إليه.


ومما عرف عن هذا الشيخ -حفظه الله-:

-صدعه بالحق، غير هياب ولا عياب.

-نكره للبدع والخرافات، أياً كانت، وممن كانت.

-تعليمه للناس دبر بعض الصلوات في مسجد بجوار بيته، قبل مرضه الأخير.


رأيناه يحمل الأمل، رغم شدة فقره، ودوام مرضه، وكان مما قال لنا: الحمد لله، أنا بخير، مرض خفيف، وسأقوم -بإذن الله-!


قلت: سبحان الله، أين نحن من هذا الأمل العظيم، والفأل الحسن، الذي نفقده لدى كثير من شباب اليوم، بل يأس وقنوط، وسوء ظن بالكريم الوهاب!


وعندما أردنا الانصراف، قال لنا: أرجوكم .. أرجوكم، آنستموني .. والله آنستموني.. اجلسوا .. اجلسوا!

اعتذرنا إليه بلطف، سائلين الله له العافية، وطول العمر، مع حسن العمل.


والشكر المتواصل؛ لمن دلني عليه.. الشيخ المفيد سالم علي جمعان -حفظه الله وكشف ضره-.


وبعد، فهذه كلمات كتبتها، عن شيخنا الجليل -حفظه الله وعافاه- وأرجو من ربي الكريم سبحانه، أن يمنّ عليه بالعفو والعافية، ويكفيه ما أهمه، ويكشف حزنه وغمه، والله الخبير اللطيف.


وكتب: وليد بن عبده الوصابي

١٤٣٧/٦/١٧


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق