الاثنين، 15 فبراير 2021

مرض الشوكاني.. وشفاء الكتب!

 مرض الشوكاني.. وشفاء الكتب!


مرض الإمام محمد بن علي الشوكاني عام ١٢٢٤، فخاف على كتبه وتآليفه.


فأنشد من قيله:

سلام على تلك الدفاتر، إن لي *** بهن غرام فوق كل غرامِ


سلام عليها ما حييت وإن أمتْ *** فهذا وداع، والدموع دوامي


على أنها ألقت مقاليد وصلها *** إليّ وهامت بي كمثل هيامي


ولكنني لو عشت ما عشت لم أقل *** شفيت غرامي أو قضيت غرامي



قال أبو نعيم: وقد استجاب الله لعبده الشوكاني، فعمّر بعد هذه السنة ٢٦ سنة؛ فعاد على كتبه، فحررها، ونقحها وقررها، وأخرجها راضية نفسه، قارة عينه.


(ملاحظة: وهم موقع البابطين فنسب الأبيات لتلميذه يحيى بن المطهر)


وهو القائل:

موتوا إذا شئتم قد صار من كلمي *** من نصرة الحق ما حررت من كتبِ


وفي رواية:


موتوا إذا شئتم قد طار من كلمي *** من نصرة الحق ما حررت من كتبِ


ينظر: الأدب اليمني: عصر خروج الأتراك الأول من اليمن: ٩٣) بتصرف. وقد نقل من (الأسلاك اللؤلؤية) وهو مخطوط.

قلت: والشفاء بالكتب، والاستشفاء بالدفاتر.. قد كان من كثير من العلماء، والمُتيمين بالعلم. 


قال نصر بن عبد الرحمن الإسكندري النحوي: 

أقلِّب كتباً طالما قد جمعتُها *** وأفنيتُ فيها العين والعين واليدا

وأصبحتُ ذا ضن بها وتمسكٍ *** لعلمي بما قد صغت فيها منضدا

وأحذر جهدي أن تنال بنائلٍ *** مُبيرٍ، وأن يغتالها غائل الردى

وأعلم حقاً أنني لستُ باقياً *** فيا ليت شِعري من يقلبها غدا


وقال ابن حجر:

وإذا الديار تنكرت سافرت في *** طلب المعارف هاجراً لدياري

وإذا أقمت فمؤنسي كتبي، فلا *** أنفك في الحالين من أسفاري


قال ابن القيم: "وحدثني شيخنا قال: ابتدأني مرض، فقال لي الطبيب: إن مطالعتك وكلامك في العلم يزيد المرض. فقلت له: لا أصبر على ذلك، وأنا أحاكمك إلى علمك، أليست النفس إذا فرحت وسرت، قويت الطبيعة، فدفعت المرض؟ فقال: بلى. فقلت له: فإن نفسي تسر بالعلم، فتقوى به الطبيعة، فأجد راحة. فقال: هذا خارج عن علاجنا. أو كما قال".

(روضةالمحبين: ٨٠)

فرحمة الله على إمامنا الأجل، وعالمنا المبجل، وأسكنه فسيح جناته، فقد تعنى في تواليفه، فجاءت في حلة قشيبة، ومنظر زاهٍ.. يسر الناظرين، فلله دره، وعلى الله شكره.


وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي.

١٤٣٨/٥/١٨


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق