الاثنين، 4 يناير 2021

دقائق مع حبشي!

 

دقائق مع حبشي!


الآن، بينا أمشي في ظلام، وقد سكنتني ظلمات، فشُوّش فكري، ودله عقلي؛ إذ بصوت رجل- بكلمات لكِنة، يقول: يا شيخ، تفضل معي على القهوة؟!


نظرت ثَم، فإذا أنا برجل أسمر البشرة، لم أتبين وجهه؛ للكمامة الغامة -كشفها الله-، إلا أن ابتسامته العريضة، كانت بادية!


جلست على بساطه البسيط، فقرّب إلي القهوة، ثم ذهب مُصِراً؛ لإحضار التمر، ثم الشاي المنعنع أو المشمطر!


مكثنا، نسأل عن حال البلاد والعباد -ولعل هاته الأسئلة، هي السائدة اليوم، وهذا ما يريده الأعداء منا، أن نشغل بالتوافه عن الإعداد والأعداد-!


أقول: رغم السؤال السائد عن الحرب والفقر والغربة، إلا أنه، حوره وحوله إلى الكلام عن العبودية -وما أرق وأدق وأحق الكلام في العبادة والعبودية-!


تلوت قول الله تعالى: "ومن يتق الله يجعل الله مخرجا" مع تفسير يسير.. فحملق في وجهي وحدق، وقال -بلكنته-: الله كريم، وأبوابه مفتوحة -وفتح يديه ذات اليمين والشمال-، لكن الخطأ والتقصير مننا!

وهو -حرسه الله- لا يكاد يتكلم كلمة، إلا ويتبعها، بحمد الله وشكره، بصوت أجش، وكأنه يخرج من الأعماق!


نظرت إليه، وقد حفرت كلماته الصادقة، في قلبي أخاديد، وقلت: لَجلسة مع هذا المسكين العظيم، الذي لا يعبأ له، خير من جلوس مع عشر عثر!


وأعجبتني كلمة، علق بها العلامة عبد الفتاح أبو غدة، على (المسترشدين) للإمام المحاسبي حيث يقول: "ورؤية الرجل الصالح القدوة، إنما تذكر بالله؛ لما يرى عليه من النور والإشراق، والأنس والطمأنينة، والمحبة والسكينة، في سمته وهيئته وخشعته .. في نطقه وصمته وإطراقه وحركته وسكونه وكل شؤونه، فلا ينظره ناظر إلا كان نظره إليه مذكراً له بالله، وكانت صورته موجهة له للإقبال على الله؛ أولئك الذين إذا رؤوا، ذكر الله".

ينظر: (أيها المستمع الكريم: ٦٤)


سلّمت عليه، مستأذناً، فإذا به يصمّ سمعي، بحديث طويل مكسر، لكنه معطر -مفاده-: أنت المتفضل علي؛ لقبولك الجلوس والشرب معي، فجزاك الله خيراً!


رددت عليه، بما قدرت من كلمات الثناء والدعاء، ولم أوفه، والله خير الموفين.



وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي.

١٤٤٢/٥/٢٠



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق