الخميس، 8 أكتوبر 2020

وانقطع صوت التدريس!

وانقطع صوت التدريس!


نبئت قبل لحيظات، بوفاة شيخنا العلامة المحدث محمد بن علي آدم الأتيوبي المكي، -رحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه جنات تجري تحتها الأنهار-.


وقد كان هذا العالم العلامة العَلم، من أعلام الهدى، ومصابيح الدجى، وممن تربع للتدريس، عقوداً من الزمان، وتوشح للتعليم، رداء التفهيم.


فلا تراه إلا مدرساً في شتى أمات كتب العلم، في عويص العلم ومتينه، لم تلهه دنيا، ولم تشغله زوجة، بل تخاله، قد نذر نفسه، وأسهد عينه، وأسهر ليله؛ لإحياء حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذب عنها، والذوذ عن حياضها، والدفاع عن أهلها.


وقد شهدته في درس من دروسه، في (ألفية السيوطي) وهو على عربة متحركة، لا يكاد يقوى على الحركة، ولكن صوته يطن في أذنك، ويرن بين جوانحك، وهو يفك العويص، ويحل المعضل، ويوضح المشكل.


ولا أريد هنا، أن أعرّج على تواليفه وشروحاته، فقد طمت السهل والجبل، وعمت الدروب والسبل، وهي على طرف الثمام، ممن أرادها أو طلبها، ليست في خفاء أو انزواء.



وقد سمعت عليه دروساً عديدة، في (البخاري) و(مسلم) و(أبي داوود) و(تفسير ابن كثير) و(ألفية السيوطي) وبعضاً من متون التوحيد، في أخريات حياته، عندما انقطع عن التدريس في الحرم، وكان سماعي لهاته الدروس، وأنا في بلدي، عبر تطبيق (المكسلر) والحمد لله رب العالمين.


وبفقده، فُقد صوت تدريس عال، وأطفئ نور تفهيم غال، وحسبه، أنه استوطن بيوت الله تعالى، وما أعظم من بيته الحرام، الذي استوطنه ردحاً من الزمان!


عزائي لأهله وأولاده وذويه ومحبيه، وعزائي لنفسي، ولأهل العلم من بني جنسي، ولا نقول، إلا: "إنا لله وإنا إليه راجعون" (إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى).



وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي.

١٤٤٢/٢/٢١

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق