الأربعاء، 14 أكتوبر 2020

دعاة أسوياء أم غواة أدعياء؟!

 دعاة أسوياء أم غواة أدعياء؟!


أكاد أغص وأشرق، وأنص وأرهق.. من لفيف من المحسوبين على الدين، وشتيت من المعدودين من المصلحين..

كيف ينشر ما يحمي شوكة الباطل، وكيف يشهر ما ينمي صولة العاطل!


ألم يجد ما يتكلم عنه، إلا: كشف الوجه.. هل رأى الغالبة متحجبات، وهل شكون إليه متطلبات؟!


ألم يجد ما يتحدث عنه، إلا: التعريف بكتب العشق والعاشقين.. هل رأى الناس بحاجة إلى تعليمهم كيف يعشقون، أو شكوا إليه، كيف يصنعون؟!


ألم يجد ما يتحدث عنه، إلا: التجويز للاختلاط المشبوه.. هل رأى الناس بحاجة إلى هذا التفصيل المعين، وهو يرى أن أكثر المختلطين مخلِّطين!


لو سلمنا جدلاً، أن رأيهم رَجوح، ورأي غيرهم مرجوح.. ألم يكن من قواعد الشريعة ومقاصدها ومصالحها.. مراعاة الزمان والمكان والإنسان، والنأي عن الحديث عن مسائل، يخشى فهمها على غير وجهها، أو أن في إثارتها، قوة للباطل والمبطلين، أو أن في إشهارها، نبوة لأهل الاستقامة والدين؟!


والله، لا أزال أعجب من هؤلاء الخلق، وأتساءل وراء الدافع، ثم رأيت أنهم في ذلك طرائق قددا..


فمنهم، من الدافع له: الخير للمسلمين، ومحاولة تقويم البلوى التي عمت وطمت، ولكنه، لم يوفق لذلك؛ لأنه لم يراعي الزمان، وحال بني الإنسان.


ومنهم، من الدافع له: مجاراة السواد الأعظم، وخشية أن يوصم بالتشدد والتزمت.

وهذا مسكين، فوالله لو تنازل عن دينه كله؛ لما رُضي عنه "حتى تتبع ملتهم"!


ومنهم، من الدافع له: حب الشهرة والظهور، وأن ينظر إليه بوسطية واعتدال!

وهو في هذا واهم، فإنما هي مراهم موقتة، ثم تظهر الحقيقة، ويكشف الغطاء!


ومنهم، من الدافع له: رقة الدين، وضعف اليقين، ونقض الغزل بعد عقده..

وهذا، نتمنى له العودة إلى الأمر الأول العتيق، ونرجوه، أن يقصر الفتور على نفسه، ولا ينشره بين العالمين؛ لئلا يتحمل أوزار المسلمين.


ومنهم، من الدافع له: شراء ذمته، وبيع أمانته، لبعض الجهات أو المؤسسات أو الأفراد..

وهذا، لا كلام معه، سوى: سؤال الله كفايته عنا، وابتعاده منا.


ونصيحة لنفسي، ولبني جنسي: أن نحذر من الأخذ عن كل متحدث، أو عن كل كاتب، أو عن كل مؤلف، بل نتحرى الأمر، ونعرضه على الكتاب والسنة، فإن لم ندرك ونخبر، فلنعرضه على أهل العلم العالمين العاملين، الكبار الراسخين، فأمر الدين، أمر يتعلق به جنة ونار، فلنكن على حذر.


واعجب لبعض المغررين، من يقول: اقرأ ما يدفع إليك، واسمع ما يملى عليك.. ثم احكم بعقلك على الطيب والخبيث!


أقول لهؤلاء: لو كان الشأن -كما ترى- أنه بيدك؛ لهان الأمر وسهل، ولكنه ليس لك، ولا تملكه، بل بيد علام الغيوب، فـ(إن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء) فأنت عرضت قلبك على الشبهات، فتحمل العواقب؛ لأن أقدار الله تنقسم إلى قسمين:

أقدار شرعية: يجوز وقوعه من المقضي عليه وعدمه، ولا يكون إلا فيما يحبه الله تعالى.

وأقدار كونية: لا بد من وقوعه، ويكون فيما أحبه الله، وفيما لا يحبه؛ وذلك ليتحقق أمر الخير والشر، وليقوم سوق الجنة والنار.


هذا، ما هجس في الخاطر، فانبجس على الدفاتر، ولعل غيري يوافقني في الكل، أو البعض، والآخر: قد يخالفني في البعض، أو الكل، "ولا يزالون مختلفين".

وما أردت بهذه الأكتوبة، إلا، "معذرة إلى ربكم ولعلهم ينتهون".


وكتب: أبو نعيم وليد الوصابي.

١٤٤٢/٢/٢٦

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق