دموع السَّحَر!
بينا أنا في نوم متقطع (وكيف يهنأ المغترب بنوم؟)؛ وكنت على موعد مع عيش روحي، ولهو نفسي.. مع أهلي وولدي!
بينا أنا في هذا الجو المأزوم، إذ بي أسمع نشيجاً متهدجاً، لم أتبينه، ولم أكن أتحينه!
قلت: صاحبي مزكوم -شفاه الشافي، وعافاه المعافي، وداواه المداوي-!
انقلبتُ على جنبي الآخر؛ فسمعت حسيساً، وإذا به صاحبي، يقوم من فراشه الخشين، إلى الخلاء!
انتظرت، حتى رجع إلى مكانه؛ لأن جفني كان قد انفتح وأبى علي الإغماض!
قدّر البين بيننا فافترقنا *** وطوى البين عن جفوني غمضي
قد قضى الله بالفراق علينا *** فعسى باجتماعنا سوف يقضي
عاد صاحبي، ففاتحته وحادثته، وتكلمت معه وإليه، وإذا بصوته مبحوح، ثم قال: ذكرت أولادي؛ فنزلت دموعي!
وإذا سمعت نشيج نفسي بالدجى *** أبكي شباباً ضاع في السفرانِ!
عند سماعي كلمة (الأولاد)؛ استوفزت، وقمت متكئاً على مرفقي، وتذكرت نفسي المثخنة، وروحي المتعبة، وعيني المقرحة:
كلانا مريضان في بلدة *** وكيف يعود مريض، مريضا؟!
لكني، لم أقف مكتوف الأيدي، واجم الفؤاد، مخروس اللسان.. بل استحضرت كل ما قدرت عليه، من: مواساة ومؤاساة، وقصص ومواقف، وتجارب وأخبار.. حتى سلا صاحبي قليلاً..
وكيف له السلاء جميعه، وهو مفرّق الجسد، ممزع القلب، "خالي الوفاض، بادي الأنفاض"!
أيها الراكب الميمم أرضي *** أقرِ من بعض السلام لبعضي
إن جسمي، كما علمت، بأرضِ *** وفؤادى ومالكيه، بأرضِ!
وكأني به حينها، يودّ- لو أن له أجنحة؛ لطار بدون مطار، ولكن، لا جناح، بل ولا معير جناح!
أسرب القطا، هل من يعير جناحه *** لعلِّي إلى قد من هويت أطيرُ؟!
فلما كانت الليلة الثانية؛ زارته أشجانه أخرى؛ فأسالت دموعه، وأتعبت فؤاده، وأجهدت روحه، وأقضّت مضجعه، وأبلّت مخدعه!
آه، أما آن لك أيتها الأحزان.. أن تغادري مخدعنا.. أما آن لك أيتها الأشجان.. أن تفارقي مجمعنا.. أما آن لك أيتها الأتراح.. أن تصارمي مرتعنا؟!
ألا تكفينا الغربة، التي تجلدنا بسياطها الذفيفة.. ألا يكفينا الحجر، الذي عطلنا عن أعمالنا الحفيفة.. ألا يكفينا الضجر، الذي يلهب نفوسنا الشفيفة.. ألا يكفي ... ألا يكفي؟!
رباه، طال الأسى، وزاد القسى، وأنت -وحدك- المعاذ والملاذ؛ فاكتب لنا حياة: هنيئة مريئة، مريحة فريحة، بديعة وديعة، يا رب يا رب.
و ع ي
١٤٤١/٨/١٩
بينا أنا في نوم متقطع (وكيف يهنأ المغترب بنوم؟)؛ وكنت على موعد مع عيش روحي، ولهو نفسي.. مع أهلي وولدي!
بينا أنا في هذا الجو المأزوم، إذ بي أسمع نشيجاً متهدجاً، لم أتبينه، ولم أكن أتحينه!
قلت: صاحبي مزكوم -شفاه الشافي، وعافاه المعافي، وداواه المداوي-!
انقلبتُ على جنبي الآخر؛ فسمعت حسيساً، وإذا به صاحبي، يقوم من فراشه الخشين، إلى الخلاء!
انتظرت، حتى رجع إلى مكانه؛ لأن جفني كان قد انفتح وأبى علي الإغماض!
قدّر البين بيننا فافترقنا *** وطوى البين عن جفوني غمضي
قد قضى الله بالفراق علينا *** فعسى باجتماعنا سوف يقضي
عاد صاحبي، ففاتحته وحادثته، وتكلمت معه وإليه، وإذا بصوته مبحوح، ثم قال: ذكرت أولادي؛ فنزلت دموعي!
وإذا سمعت نشيج نفسي بالدجى *** أبكي شباباً ضاع في السفرانِ!
عند سماعي كلمة (الأولاد)؛ استوفزت، وقمت متكئاً على مرفقي، وتذكرت نفسي المثخنة، وروحي المتعبة، وعيني المقرحة:
كلانا مريضان في بلدة *** وكيف يعود مريض، مريضا؟!
لكني، لم أقف مكتوف الأيدي، واجم الفؤاد، مخروس اللسان.. بل استحضرت كل ما قدرت عليه، من: مواساة ومؤاساة، وقصص ومواقف، وتجارب وأخبار.. حتى سلا صاحبي قليلاً..
وكيف له السلاء جميعه، وهو مفرّق الجسد، ممزع القلب، "خالي الوفاض، بادي الأنفاض"!
أيها الراكب الميمم أرضي *** أقرِ من بعض السلام لبعضي
إن جسمي، كما علمت، بأرضِ *** وفؤادى ومالكيه، بأرضِ!
وكأني به حينها، يودّ- لو أن له أجنحة؛ لطار بدون مطار، ولكن، لا جناح، بل ولا معير جناح!
أسرب القطا، هل من يعير جناحه *** لعلِّي إلى قد من هويت أطيرُ؟!
فلما كانت الليلة الثانية؛ زارته أشجانه أخرى؛ فأسالت دموعه، وأتعبت فؤاده، وأجهدت روحه، وأقضّت مضجعه، وأبلّت مخدعه!
آه، أما آن لك أيتها الأحزان.. أن تغادري مخدعنا.. أما آن لك أيتها الأشجان.. أن تفارقي مجمعنا.. أما آن لك أيتها الأتراح.. أن تصارمي مرتعنا؟!
ألا تكفينا الغربة، التي تجلدنا بسياطها الذفيفة.. ألا يكفينا الحجر، الذي عطلنا عن أعمالنا الحفيفة.. ألا يكفينا الضجر، الذي يلهب نفوسنا الشفيفة.. ألا يكفي ... ألا يكفي؟!
رباه، طال الأسى، وزاد القسى، وأنت -وحدك- المعاذ والملاذ؛ فاكتب لنا حياة: هنيئة مريئة، مريحة فريحة، بديعة وديعة، يا رب يا رب.
و ع ي
١٤٤١/٨/١٩
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق